في غضون عشر سنوات تبدلت أكبر خمس شركات في العالم من حيث القيمة السوقية، باستثناء واحدة هي "مايكروسوف"، في حين أن شركات "إيكسون موبيل" و"جنرال إلكتريك" و"سيتي غروب" و"شل أويل"، خرجت جميعها من التصنيف، وحلت مكانها شركات "آبلوألفابت" و"أمازون" و"فيسبوك".

وجميعها شركات تقنية، وكل منها تهيمن على مجالها من الصناعة؛ فـ"غوغل" تملك 88% من حصة السوق في مجال إعلانات البحث، و"فيسبوك" (مع شركاتها التابعة إنستغرام وواتساب وماسنجر) تملك 77% من حركة المرور على مواقع التواصل الاجتماعي على الأجهزة المتنقلة، و"أمازون" تملك 74% من حصة سوق الكتب الإلكترونية، ومن الناحية الاقتصادية الكلاسيكية فالشركات الثلاث احتكارية.

وهنا يقول كاتب المقال في صحيفة "نيويورك تايمز" جوناثان تابلن: "أصبحت هذه الشركات قد احتكارية طبيعية على غرار شركات الهاتف والمياه والكهرباء والسكة الحديد، حيث يكون من المنطق وجود شركة واحدة أو شركات قليلة تسيطر على الصناعة بدلا من وجود شركات عديدة متنافسة".

ويتساءل: "هل يمكن لتلك الشركات، وغوغل تحديدا، أن تصبح احتكارية طبيعية عبر توفير طلب السوق بأكمله للخدمة بسعر أقل مما ستعرضه شركتان متنافستان؟ وإن كان الأمر كذلك، فهل حان الوقت لتنظيمها مثل المؤسسات العامة؟"

ويرى أنه يجب اتخاذ قرار بسرعة بشأن إذا كان يمكن اعتبار "غوغل" و"فيسبوك" و"أمازون" من نوع الاحتكاريات الطبيعية التي يجب تنظيمها، أو إذا كان يجب السماح بالوضع الراهن، والادعاء بأن هذه الشركات العملاقة لا تلحق ضررا بخصوصيتنا وديمقراطيتنا، على حد قوله.

وبحسب الكاتب، فإن من المستحيل إنكار أن "فيسبوك" و"غوغل" و"أمازون" عرقلت الابتكار على نطاق واسع، فعلى سبيل المثال أصبحت "غوغل" و"فيسبوك" مصدرا للأخبار والوسائط لأغلب الأميركيين، وفي حين أن أرباح الشركات الثلاث تتصاعد فإن عائدات قطاع الإعلام مثل الصحف المطبوعة أو الموسيقى هبطت بنسبة 70% منذ عام 2001، كما يؤثر وجود مثل هذه الشركات العملاقة على إمكانية الشركات الأصغر في المنافسة.

ويضيف أن هناك بضعة إجراءات تنظيمية يمكن البدء منها؛ فالاحتكار ينشأ من خلال الاستحواذ؛ "غوغل" اشترت شركتي "آدموب" و"دبل كليك"، و"فيسبوك" اشترت "إنستغرام" و"واتساب"، و"أمازون" اشترت "أوديبل" و"تويتش وزابوس" و"أليكسا". ولهذا كبداية، يجب ألا يُسمح لهذه الشركات بالاستحواذ على شركات أخرى رئيسية مثل "سبوتيفاي" و"سناب شات".

أما البديل الآخر لتنظيم شركة مثل "غوغل" كمؤسسة عامة، فهو إرغامها على ترخيص براءات الاختراع التي تملكها مقابل حد أدنى من الرسوم، مثل خوارزميات البحث، والتبادلات الإعلانية، وغيرها من الابتكارات الرئيسية الأخرى.

والبديل الثالث هو إزالة "الملاذ الآمن" من قانون الألفية لحقوق نشر المواد الرقمية" الصادر سنة 1998، الذي يسمح لشركات مثل "فيسبوك" و"يوتيوب" بنشر المحتوى الذي ينتجه آخرون دون محاسبة.

ووفقا للكاتب، فإن السبب وراء وجود أربعين ألف فيديو لتنظيم الدولة الإسلامية على "يوتيوب" العديد  منها تضم إعلانات تحقق عائدات لناشري تلك الفيديوهات، هو أن "يوتيوب" لا تتحمل مسؤولية محتوى ما ينشر على شبكتها، وإزالة بند "الملاذ الآمن" سيجبر كذلك شبكات التواصل الاجتماعي على الدفع مقابل المحتوى المنشور على مواقعها.

ويختم الكاتب بالتنويه إلى أهمية أن يكون تنظيم مكافحة احتكار الإنترنت من أولويات إدارة الرئيس دونالد ترمب، وإلا فسيكون علينا الانتظار أربع سنوات قد تصبح خلالها هذه الشركات الاحتكارية مهيمنة لدرجة أن الحل الوحيد في التعامل معها هو تقسيمها إلى شركات أصغر، مثل إجبار غوغل على بيع "دبل كليك"، وإجبار "فيسبوك" على بيع "واتساب" و"إنستغرام".