تحمل سيرين عباس صفات متميزة ساعدتها على تقديم بصمات إبداعية في مجال الموضة اللبنانية عبر الانترنت. فخرجت من دائرة التمسك بالوظيفة، واقتحمت العالم الرقمي متسلحة بخبرة طويلة في التسويق بين لبنان، ولندن، واسبانيا، ونيويورك.

هذه الشابة تحمل أفكارا لا تقل طموحا عن العديد من الشباب اللبنانيين، لكنها تتميز بعنصر المبادرة والإصرار على تحقيق طموحاتها وأحلامها.

كان لـ"الاقتصاد" حديث خاص مع الشريكة المؤسسة لموقع "Raghunter" المتخصص بالموضة المحلية، سيرين عباس، تناولت فيه بداياتها المهنية، والصعوبات التي تواجهها، بالاضافة الى تطلعاتها المستقبلية، ورؤيتها لواقع المرأة في سوق العمل اللبناني.

من هي سيرين عباس؟

تخصصت في التسويق الدولي (international marketing)، وعشت في لندن واسبانيا ونيويورك، حيث عملت لفترة من الوقت.

بعد ذلك عدت الى بيروت، مع تمنياتي بتأسيس مشروع خاص بي، لكي أتمكن من تقديم شيء جديد في مجال الموضة على الصعيد المحلي. فأنا أحب الموضة والأزياء كثيرا، من وجهة نظر تسويقية.

وبالتالي فور عودتي توظفت في وكالة محلية للإعلانات لسنوات عدة، حيث التقيت بشريكتي الحالية في "Raghunter"؛ فنحن كنا في فريق العمل ذاته، وعملنا مع بعضنا البعض لفترة طويلة، وبعد حوالي سنتين فكرنا بإطلاق مشروعنا الخاص، ومن هنا بدأت الفكرة. وفي بداية العام 2013، أطلقنا "Raghunter" بشكل رسمي.

هل أن هذا النوع من الأعمال بحاجة الى تمويل كبير من أجل الانطلاق؟

كلا ونعم، فالأمر متعلق بنوعية العمل الذي نقدمه، وبالتكنولوجيا الموجودة وراء المشروع. وبالتالي هناك فرق كبير بين اطلاق موقع الكتروني، أو تطبيق للهواتف الذكية، أو منصة معينة، وبين اطلاق موقع لشركة الكترونية فحسب. ولكن بشكل عام، هذا المشروع بحاجة الى التمويل حتما.

كيف تمكنت من ايصال الموقع الى أكبر عدد ممكن من الأشخاص؟

الخطة كانت تشمل مجموعة من الاعلانات عبر موقع "فيسبوك"، لأنها تصل الى أكبر عدد ممكن من الناس، كما أن منخفضة الكلفة، وبالتالي مفيدة للأعمال والمشاريع الجديدة؛ فهي الإعلانات الأرخص، لكنها ذات الامتداد الأوسع.

وبعد ذلك قمنا بالعديد من الشراكات مع مصممين محليين وأحداث وحفلات محلية، فخلال فصل الصيف تعاونا مع "Beirut Design Week"، كما عملنا مع جهات مختلفة من أجل توسيع انتشارنا.

ومن ناحية أخرى، ركزنا بالطبع على التسويق والعلاقات العامة. وعندما انطلقنا، حصلنا على اهتمام كبير من الاعلام من خلال المقابلات والتغطيات.

هل من منافس لـ"Raghunter" اليوم أم أن مشروعك فريد من نوعه؟

نحن نركز على وجه التحديد على المصممين اللبنانيين، والموضة المحلية، وبالتالي ليس لدينا منافس مباشر من هذه الناحية. ولكن بالطبع كل مجلة متخصصة في الموضة عبر الانترنت، تعتبر منافسة بالنسبة لنا.

هل تعتبرين أن المنافسة ايجابية في مجال الأعمال؟

المنافسة ايجابية حتما، ووجودها يدفعنا الى تحسين عملنا، ونحن منفتحون للغاية على هذا الموضوع.

ما هي الصعوبات التي تواجهك في عملك؟

نحن نحصل على الأرباح من الإعلانات، وهذا ما يُعرف بتسويق المحتوى (Content marketing)؛ فاذا تعاونا مثلا مع شركة "Smart" للسيارات، سيتحقق بذلك نوعا من الرعاية لمحتوى "Raghunter"، وبالتالي سيرتبط محتواهم بجمهورنا.

هذا النوع من الأعمال يواجه صعوبات عدة، تكمن في أن السوق اللبناني صغير، واذا لم تتمكن الشركة من الوصول الى خارج حدود الوطن، ستواجه حينها العديد من المشاكل من أجل الحصول على الأرباح. وبالنسبة لنا هذا الموضوع هو بمثابة نضال متواصل.

هل تمكنتم من التوسع الى الخارج؟

كان بإمكاننا التنسيق ما بين لبنان والخارج، لكننا لم نقوم بهذه الخطوة الى حد اليوم. فقد عملنا على مشاريع في دبي، وباريس، ولندن، انما ليس بطريقة رسمية، لأن هذه الخطوة بحاجة الى مستثمرين، أو الى تمويل كبير من أرباحنا الخاصة، التي نستعين بها اليوم لدعم مشروعنا وتنميته.

هل واجهت أي صعوبة في اطار العمل لمجرد كونك امرأة؟

لم أشعر يوما بهذا النوع من الصعوبات، بل على العكس. ولا أعلم إن كان العمل في مجال الموضة أسهم في تسهيل الأمور، انما أنا متأكدة من أن الصعوبات الحقيقية تكمن في الأعمال بحد ذاتها. لكن استراتيجية العمل الصحيحة، والخطط المدروسة، والتطبيق الدقيق، ستؤدي الى تفاعل الجمهور بشكل صحيح معنا.

فهناك أمور عدة يعاني منها أصحاب المشاريع الناشئة، وهنا تكمن الصعوبة الأكبر! فنحن شعرنا أن السوق صغير والاقتصاد ضعيف، والتمويل شبه غائب، ولكل هذه الأمور تأثيرات واسعة على سير العمل.

ما هي الصفات والمقومات التي ساعدتك على التقدم والاستمرار والنجاح؟

النجاح هو شيء ذاتي وشخصي للغاية، وبالتالي لا أشعر أنني وصلت الى تحقيق النجاح الكامل الى حد اليوم، بل أنا مقتنعة بأنني أقوم بالأمر الصحيح والمناسب.

لكن الصفات التي تساعد على التقدم والاستمرار هي العمل الجاد والمتواصل بالاضافة الى التجدد؛ وبدون هذه العوامل الثلاثة لن يتمكن الانسان من النمو.

ما هي طموحاتك المستقبلية؟

نسعى الى تنمية الشركة قدر الامكان، والى التوسع الى خارج لبنان.

هل تمكنت من تحقيق التوازن بين العمل والحياة الخاصة؟

في البداية كانت الأولوية للعمل، وكان "Raghunter" في المرتبة الأولى والثانية والثالثة في حياتي. لكن الأمور تغيرت اليوم الى حد ما، وأصبح بامكاني تحقيق التوازن أكثر.

برأيك، هل تحسن وضع المرأة في لبنان اليوم خاصة في سوق العمل؟

نعم بالطبع، خاصة أنني أرى دائما عبر موقع "فيسبوك" العديد من النساء الناجحات، كما أن المصارف تشجع المرأة كثيرا على اطلاق مشاريعها الخاصة، وبالتالي بات لدينا عدد كبير من البرامج المحفزة والمشجعة.

كما أنه في مجال الشركات الناشئة، يتزايد عدد النساء يوما بعد يوم، لكن هذا العدد قابل للتوسع أكثر.

من قدم لك الدعم الأكبر في مسيرتك المهنية؟

تلقيت الدعم المتواصل من والديّ، ولولا ذلك لما تمكنت من إطلاق المشروع. اذ أنني حصلت على الدعم المادي والمعنوي منها، لأن الشركة لا تدرّ بالأرباح في البداية، والتقدم بحاجة الى الكثير من الوقت والجهد والصبر، وبالتالي كنت بحاجة ماسة الى هذا النوع من التشجيع.

ما هي النصيحة التي تقدمينها الى المرأة اللبنانية بالاستناد الى تجربتك الخاصة؟

أنصح المرأة أن لا تنطلق بأي مشروع، إن لم تكن جاهزة لإعطائه 150% من اهتمامها ووقتها ومهاراتها، لأن النجاح بحاجة الى سنوات من المثابرة والجدية والعمل المتواصل و"طولة البال".