توالت الأحداث السياسية على الساحة اللبنانية، والترقب لا يزال سيد الموقف. فمع تعثر توصل الأفرقاء إلى حد أدنى من التفاهم للإتفاق على قانون إنتخابي جديد، عاد الحديث عن إمكانية حصول التمديد الثالث للمجلس النيابي، لينهي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون جميع التساؤلات، ليل الإثنين 12 نيسان 2017 - عشية التحركات الشعبية وتهديد التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية بالنزول إلى الشارع رفضاً للتمديد، وقطع الطرقات لمنع وصول النواب إلى الجلسة - ويعلن عن تأجيل انعقاد مجلس النواب لمدة شهر وفق ما تتيح له المادة 59 من الدستور اللبناني، ليؤجل بذلك أزمة التمديد، ويخرج المواجهة من الشارع، ويعيدها إلى طاولة الحوار والمفاوضات، لعل هذه المهلة ستكون كافية لكي يتوافق السياسيون على حل يرضي الأطراف كافة.

فما هي انعكاسات الخلافات الحاصلة وتأخر الإستحقاق الرئاسي على ثقة المستهلك والمستثمر؟ وما هي تداعيات هذه التجاذبات على الإقتصاد الوطني؟ وهل بدأنا فعلا بخسارة الجو الإيجابي الذي كان سائدا في البلد؟

أجاب عن هذه الأسئلة الخبير الإقتصادي د. مازن سويد، في حديث خاص مع "الإقتصاد":

كيف سينعكس الخلاف الحاصل بين الأفرقاء السياسيين حول الإتفاق على قانون إنتخابي جديد، وتأخر الإستحقاق الإنتخابي، على ثقة المستهلك والمستثمر اللبناني والأجنبي، وعلى الإقتصاد المحلي بشكل عام؟

طبعا سنشهد تأثير سلبي، ولا يمكن أن ننكر هذا الأمر، ولكن يجب أن نتذكر أين كنا في السنوات القليلة الماضية، وإلى أين وصلنا اليوم. فالصراع الحاصل في الوقت الحاضر هو داخل المؤسسات، وعلى الأقل يجب القول أنه لدينا مؤسسات قائمة، فرئاسة الجمهورية فاعلة، والحكومة تعمل بكل أعضائها، ومجلس نواب عاد للإجتماع.في حين أننا كنا في فترة من الفراغ الرئاسي، وتعطيل مجلسيالنواب والوزراء.

ولا بد من الاشارة إلى أننا نعيش اليوم في ظل تأزم سياسيحتماً، لكن هذا الخلاف لا يزال ضمن اطار عمل المؤسسات، كما أن المخرج الذي حصل في موضوع قرار رئيس الجمهورية بتأجيل الجلسة لمدة شهر، هو مخرج دستوري 100%، أي أن الممارسات هي ضمن المؤسسات والأطر الدستورية.

أما بالنسبة إلى المستثمر والمستهلك، فهما ينتظران أكثر، ويرغبان في المزيد من التطمينات. ولكنعلى الرغم من كل الأحداث الحاصلة على الساحة، لا يزال وضع البلد السياسي جيداً، إذ لا يجب أن ننسى ما يحصل من حولنا في المنطقة.

وبحسب ما تظهره المؤشرات،أعتقد أنه سيكون لدينا موسم صيف واعد وناجح.

هل أن الجو الإيجابي لا يزال سائداً في البلد أم أننا بدأنا نخسره؟

أنا أعتقد أن الجو الإيجابي لا يزال موجوداً، فموضوع الإتفاق على قانون إنتخابي، والإتفاق على الموازنة وإقرارها في مجلس النواب، يعطي دفعاً كبيراً إلى الأمام.

هل أنت متفائل من المرحلة المقبلة؟

النظرة المستقبلية لا تزال غير واضحة إلى حد اليوم، ولكن في النهاية إذا تمكن السياسيون من الإتفاق على قانون إنتخاب وعلى الموازنة،فهذا الأمر سيطلق بالفعل لبنان ليس فقط نحو موسم سياحي جيد، ولكن إلى إنجازات إقتصادية في المرحلة المقبلة، لها علاقة بالإستثمارات العامة والمناخ الإقتصادي.

في حال عدم حصول الإتفاق السياسي، كيف سينعكس ذلك على الإقتصاد؟

إذا لم يتم الإتفاق بعد انقضاء المهلة، سنتجه إلى معركة سياسية ستؤثر حتماًعلى وضع البلد، وذلك كما حصل بشكل طبيعي في مختلف بلدان العالم، حين يواجه السياسيون فيها المشاكل.

وفي حال حصول هذا الأمر، سيصبح المستثمر والمستهلك أكثر حذراً، بانتظار ما ستكون نتيجة هذا الصراع.

برأيك، هل أن الإقتصاد اللبناني قادر على تحمل المزيد من الصدمات؟

الإقتصاد اللبناني قادر حتما على التحمل،لأنه مرّ بصدمات أكبر وعايشها وتخطاهاوكانت أصعب بكثيرمما حصل في الوقت الحاضر؛ والمشاكل الحالية لا تعتبر شيئا بالمقارنة مع الأمور الأخرى التي حصلت في الماضي، إذ إن البلد بقي لمدة سنتين في فترة من الفراغ الرئاسي، ومجلس النواب لم يجتمع،والحكومة كانت "عرجاء"، كما واجهنا أيضا أعباء مليون ونصف نازح سوري، وعقوبات أميركية،وتفجير أحد المصارف، وغيرها من الأحداث،...

لذلك لا بد من الإشارة إلى أننا نحب دائما أن نشعر بالخوف والتوتر فور حصول أي مشكلة، ولكن علينا أن نتذكر كل المراحل التي مررنا بها، ونجحنا في تخطيها.

كيف تصف أداء الإقتصاد اللبناني خلال الربع الأول من العام 2017؟

مؤشرات الربع الأول من العام 2017 تدل على وقف التدهور وليس بداية الإنتعاش، وعليه،فنحن بحاجة إلى المزيد من الوقت كي نشهد تحسناً ملحوظاً، وبحاجة أكثر إلى صدمات إيجابية؛ مثل الإتفاق على قانون للإنتخاب، وإقرار الموازنة في مجلس النواب،ليكون بذلك لبنان قد حصل على موازنة منذ إحدى عشرةسنة.