إنطلق من عالم الهندسة المدنية إلى العمل التجاري والصناعي حيث فُتحت له أبواب السفر إلى خارج لبنان وقدم له الفرص الكثيرة. إنخرط في العمل الاجتماعي والأكاديمي والبحث العلمي وكان من أهم رواد الأعمال في لبنان والخارج. ولعه بالبيئة دفعه إلى تأسيس جمعية أطلق عليها اسم "SEPT" والتي تهتم بنشر الثقافة والوعي البيئيين، إضافة إلى محاضراته في أرقى الجامعات اللبنانية والعالمية.

وكان لموقع "الإقتصاد" لقاء مع الدكتور بيار الحداد الذي تحدث عن أبرز المحطات في حياته المهنية والأكاديمية.

ما هي أبرز المحطات التي مررت بها خلال مسيرتك المهنية؟

البداية كانت مع دراستي للهندسة المدنية و ممارستي لها لفترة وجيزة، ثم انتقالي إلى العمل التجاري والصناعي الذي قادني للسفر و الإختلاط مع العديد من الثقافات. خلال هذه الفترة الطويلة و الشيقة، التي لم تكن مزروعة بالورود، بل بالكثير من المصاعب التي يختبرها أي رائد في الأعمال Entrepreneur، وبشكل خاص في لبنان، لازمني شيئان على الدوام: الأول هو انخراطي في العمل الإجتماعي، والثاني رغبتي في العودة إلى العالم الأكاديمي و البحث العلمي.

تحققت رغبتي بالإنخراط في العالم الأكاديمي والبحث العلمي بعد خمسة و عشرين عاما" في عالم الأعمال، ما مدني بمخزون كبير من الخبرة العملية و اختبار للتنوع الثقافي. فاستثمرت معرفتي هذه في البحث العلمي و الإستشارات التي أقوم بها في مجال التطوير المؤسساتي Organizational Development. وكان تلازم ذلك مع تأسيسي وعدد من الناشطين الإجتماعيين والبيئيين، جمعية تدعى SEPT، جهدت و لا تزال على نشر الحس المواطني و المقاربة التشاركية، سيما عند الشابات والشبان، وذلك لبناء الإستدامة البيئية وتحصينها، الإجتماعية والإقتصادية.

كان تتويج أعمالي بتسجيل ملكية فكرية في الولايات المتحدة و لبنان، لنموذج اتخاذ القرارات المسؤولة إجتماعيا للشركات lCSR Decision Making Mode، بالإضافة إلى أطروحة دكتوراه وأبحاث علمية حول المقاربة الاجتماعية والإقتصادية للإدارة Socioeconomic Approach to Management. والأخيرة مقاربة ناجحة جداً في مجال الإستشارات في إدارة الأعمال والمؤسسات العامة و الجمعيات، أختبرها وزملاء لي دورياً.

أما حالياً، فأنا بصدد إنجاز سنة من منحة Hubert H. Humphrey Scolarship، في الولايات المتحدة الأميركية حيث قضيت الفترة السابقة في جامعة Syracuse, New York وهي الأولى في مجال إدارة الشؤون العامة، و أكمل ما تبقى من منحتي لدراسة و نشر ورقة بحثية مع جامعة George CMason, Washington D. و الورقة البحثية التي أتشارك فيها مع باحثين أميركيين، تنظر إلى العلاقة بين القطاع الخاص، أي الأعمال، و إصلاح الإدارة العامة في لبنان.

ما هي المصاعب التي واجهتك خلال هذه المسيرة؟

تواجهنا المصاعب في كل مجالات الحياة، و لا تستثني أحداً. هذه المصاعب، كما الفرص التي تطرأ في حياتنا، تدفعنا في بعض الأحيان إلى تغيير مساراتنا. أصعب ما صادفني، و لا يزال، هو تصرف بعض من وضعت ثقتي العمياء بهم. لقد كنت وما أزال ممن يؤمنون بأن الثقة بين الناس تبقى من أهم مفاصل البناء المجتمعي، بالإضافة إلى أهميتها للتطور و التقدم، إن على الصعيد الفردي أو العام. يبقى أن الدرس الكبير هو أن الحياة تحمل معها الكثير من المفاجآت و المآسي، و على الصعيد الشخصي، فأجملها كما و أسوأها، فقد تأتت ممن منحتهم ثقتي العمياء.

ما هي الصفات التي تتمتع بها شخصيتك وساعدتك على تخطي هذه الصعوبات؟

المثابرة، الثقة بأن الغد يخبئ لنا الأفضل، و القدرة على التركيز على الأهم في خضم الصعوبات التي تجرنا إلى حشد كل طاقتنا في اتجاه واحد، حينما يكون الأهم هو النظر إلى الصورة الكبرى والرؤيا على المدى الطويل، و العمل نحو المسار الذي اخترناه لأنفسنا.

هل حققت ذاتك؟

أشعر حالياً بالرضى التام لجهة العمل البحثي والأكاديمي، بالإضافة إلى إلتزامي بالقضايا المجتمعية والبيئية، كما وللمجالات المتاحة لي للمساهمة في تحسين أداء المؤسسات والشركات اللبنانية والعالمية،  التي تطلب خدماتي الإستشارية على الصعيد المهني. أما على صعيد مساهمتي في المجتمع المدني، فإن أجمل ما حققته يأتي من النتائج التي حققتها من خلال جمعية "SEPT" و الشابات و الشبان الذين طورنا قدراتهم وإمكانياتهم كمواطنين، و تقدّموا ليصبحوا قياديين في مجتمعاتهم. و يبقى أن أذكر أعز ما لدي وأكثر ما أفتخر به، وهو عائلتي الصغيرة، حيث إن أولادي الثلاثة بالإضافة إلى زوجتي، يتقدمون علي بالإنخراط في العمل المجتمعي و البيئي.

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

مشاريعي المستقبلية بعد عودتي إلى لبنان تشمل إنشاء مركز للدراسات والنشر متخصص فى دراسة المساحة المشتركة التي يتقاطع فيها القطاع الخاص والأعمال، مع السياسات العامة و إدارة الشؤون العامة.

أما من ناحية المجتمع المدني، فمشروعي المستقبلي ينسحب من ثقتي بالعمل التشاركي، ومن إيماني أن للمجتمع المدني الدور الأكبر في إحداث تغيير جذري وإصلاحي للعمل العام في لبنان، كما وينبع من إيماني أن تأطير الإختلاف وتنظيمه وتوجيه طاقته التنوعية، هو ما سيسهم في تحقيق الريادة للبنانيين، على الصعد الفردية، المحلية، والعالمية، سيما في المنطقة المحيطة بنا كلبنانيين.

ما هو شعارك في ا لحياة ومن هو مثالك الأعلى؟

الشفافية و السعي لقول الحقيقة من دون تجريح، وهما بالنسبة لي الأكثر بديهية و قد يكونان الأصعب تحقيقا. ولكن يبقيان، في اعتقادي، الأساسين اللذين يبنى عليهما للنجاحات الفردية والعامة، و هما مفتاحا التقدم الإجتماعي المستدام.

ما هي نصيحتك للشباب اللبناني؟

أن يؤمنوا بقدراتهم و قدراتهن التي اكتسبوها في مجتمع لبناني منفتح و متنوع، كما وبقدرتهم على إحداث فرق في محيطهم المباشر أو في المدى الأوسع.