توقّع المعهد الدولي للتمويل Institute of International Finance  نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في ​لبنان​ بنسبة 1,2% في العام 2012، ممّا هو أبطأ من نسبة النمو التي بلغت 1,8%  في 2011 وما يشكّل هبوطاً حادّاً مقارنةً بنسبة النمو في الـ2010 التي بلغت 7%. وكان المعهد توقّع في آذار الماضي أن تتراوح نسبة النمو في لبنان بين2,1 % و3% للعام الحالي. وإعتبر المعهد أن إستمرار الإضطرابات في سوريا ما زال يؤثّر سلبياً على الحركة الإقتصادية في لبنان من خلال تراجع تجارة الترانزيت، واستمرار تراجع عدد السياح الوافدين، ومستويات ضعيفة للإستثمار. أيضاً، اعتبر المعهد أن تصاعد العنف والإضطرابات في سوريا وتداعياته على الساحة السياسية اللبنانية بدّدت الآمال حتّى في إنتعاش إقتصادي طفيف هذا العام. وقد جاءت نتائج التقرير في النشرة الأسبوعية لمجموعة بنك بيبلوس Lebanon This Week .

لذلك، توقع المعهد أن تكون الحركة الاقتصادية في لبنان قد تقلّصت بنسبة 0,3% في  الربع الثاني من الـ2012 بعد نموّ بلغ 2,5% في الفصل الأوّل من السنة الحالية مقارنةً مع الربع الأوّل من الـ2011. وقال أن معظم المؤشّرات التي تعكس الحركة الاقتصادية تراجعت في الفصل الثاني من السنة مقارنةً مع الفصل الثاني في الـ2011. ولاحظ أن ارتفاع حجم الصادرات لا يعكس ارتفاعاً في الطلب المحلّي، بل أنّه يعكس الارتفاع الحادّ لاستيراد المواد النفطية في الربع الأوّل من السنة بسبب احتياجات إنتاج الكهرباء واتّساع حركة تهريب هذه المواد إلى سوريا. كما عزا الارتفاع في مداخيل الضريبة على القيمة المضافة إلى ارتفاع استيراد المواد النفطية، مما أدّى إلى ارتفاع المداخيل من الضريبة على القيمة المضافة من خلال الجمارك.

وتوقَع المعهد أن تتقلّص الحركة الاقتصادية في الربع الثالث من السنة بنسبة 0,3% وذلك بسبب تدهور الوضع الأمني وإستمرار التوترات السياسية. لذلك، اعتبر أن الإقتصاد اللبناني سيدخل في انكماش هذه السنة، حسب التعرفة لمبدأ الانكماش الاقتصادي حيث تَقَلّص نسبة النمو الحقيقية لربعين متتاليين تُشكل انكماشاً اقتصادياً حسب المعايير الدولية. أيضاً، توقع المعهد أن يتعافى الإقتصاد بعض الشيء في الربع الأخير من السنة وأن يسجل نسبة نمو تبلغ 3% في حال تحسّنت الأوضاع الأمنية بشكل واضح وفي حال  تطبيق القانون بشكل يُطمئن المواطنين.

ولاحظ المعهد أنّ الهامش على عمليات مبادلة التعثّر الائتماني(Credit Default Swaps) على مدّة خمس سنوات للبنان اتّسع بـ186 نقطة أساس منذ نهاية الـ 2010 إلى 492 نقطة أساس حتّى السابع من أيلول 2012، ممّا يجعله أوسع هامش بين الإقتصادات النامية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأضاف أنّه فيما انخفضت الهوامش بشكلٍ لافت لمصر والمغرب ودبي والبحرين وتركيا؛ اتّسع هامش لبنان.

في المقابل، قال المعهد أن تحسّن الأوضاع الأمنية على المدى الطويل، بالإضافة إلى تطبيق الإصلاحات البنيوية التي من شأنها تخفيض عجز الموازنة العامة و​نسبة الدين العام​ إلى الناتج المحلّي من شأنها أن ترفع نسبة النموّ الاقتصادي وتخفّض نسبة المخاطر السيادية.

أيضاً، اعتبر المعهد أن عدم التصديق على موازنة عامة لعدة سنوات ساهم في تدهور حالة البنية التحتية في لبنان، خصوصاً عند مقارنتها مع البنية التحتية في أسواقٍ ناشئة أخرى. وشجّع الدولة على الشراكة مع القطاع الخاص في تخطيط وتنفيذ مشاريع الإستثمارات الحكومية. واعتبر أن هذا المنحى يساعد في تكوين إجماع حول الإصلاحات، ويعزَز مصداقيّتها وفعاليَتها. وتوقّع أن تصل نسبة النمو الحقيقي إلى3,7% في الـ2013 و 4,5% في الـ2014 شرط أن يتحسّن الوضع الأمني ويستقرَ المناخ السياسي. واعتبر أن انتعاش الاقتصاد سيعتمد على التحسّن التدريجي في الحركة السياحية وفي استثمارات القطاع الخاص.

أيضاً اعتبر المعهد أن الخطر الأساسي على الإقتصاد اللبناني يبقى الإنقسام الحاد في الجسم السياسي، والذي أدّى إلى شلل العمل الحكومي وإلى طمس الإصلاحات الضرورية. وأضاف أن الوضع زاد تعقيداً مع تفاقم الأوضاع في سوريا وتداعياتها على لبنان. وقال أن عدم تطبيق الإصلاحات المالية على المدى القصير والمتوسّط سوف يفاقم المخاطر على استقرار الدّين العام. وخَلُص إلى أنه إذا تحققت هذه المخاطر، فإن الإقتصاد اللبناني ذاهبٌ إلى انكماش إضافي ليس فقط فيما تبقى من هذه السنة، بل أيضاً في الـ2013.

وقال المعهد أن لبنان يواجه ​نقاط ضعف​ٍ مزمنة وأساسية؛ إذ أن نسبة الدين العام هي 138% من الناتج المحلي وهذه نسبة مرتفعة جداً. أيضاً، الاتّساع المتفاقم للعجز في الموازنة العامّة وللعجز في الحساب الجاري الخارجي يرفع حاجات التمويل التي هي مرتفعة أصلاً، ممّا يجعل الاستقرار المالي مُعرّض لتقلّبات الأسواق المالية. لذلك، اعتبر أنه من الضروري إستمرار تدفق رؤوس الأموال بوتيرة مرتفعة، خصوصاً الإستثمار الأجنبي المباشر وودائع غير المقيمين، من أجل تأمين تمويل العجز بين التوأمين. ولكن حذّر أن إرتفاع وتيرة تدفق رؤوس الأموال يتطلَب استقرار سياسي وأمني ذا مصداقيةٍ عالية.