ولدت دلال فرح بيرد في دمشق وترعرعت في مدينة زحلة في لبنان، وهي فنانة علّمت نفسها بنفسها. عاشت وعملت في العديد من البلدان، وآخرها سيدني في أستراليا، مما ساعدها على التعرف الى الثقافات والمجتمعات المختلفة. إلا أن حبها للبنان، وتعلقها بالثقافة شرق الأوسطية، دفعاها للعودة إلى أرض الوطن في كانون الثاني 2010.

اهتمامها بالفن بدأ في سن مبكرة، لكنها لم تمارس هذه الهواية حتى العام 2006، حين التقطت الفرشاة وبدأت بتجربة الألوان والأشكال. أما شغفها بعلم الأنسجة (التشريح المجهري للخلايا)، وعلم الكونيات، فدفعها الى تنظيم معرضين، استوحت فيهما اللوحات من الخلايا الموجودة في جسم الانسان، وجسّدتها من وجهة نظرها كفنانة. فبالنسبة لها، نحن مجرد روح تأخذ شكل الجسم، وحين نفهم هذه الحقيقة ونتقبلها، ستتغير نظرتنا الى الحياة بشكل كبير.

"الاقتصاد" التقت مع مؤسسة العلامة التجارية "Dalalism"، دلال فرح بيرد، للحديث عن مسيرتها المهنية، وبداياتها الصعبة، بالاضافة الى طموحاتها المستقبلية، ورؤيتها لواقع المرأة في لبنان.

من هي دلال فرح؟ وكيف قررت تأسيس "Dalalism"؟

أنا لم أتخصص في الفنون الجميلة، بل أتيت من خلفية في المنظمات غير الحكومية والجمعيات الخيرية. لكن ابنتي لطالما كانت تشجعني على الرسم، وكنت أمارس هذا الأمر كهواية.

وبعد أن توفيت في عمر 23 سنة، قررت الاحتفال بحياتها؛ وكانت هذه الخطوة غريبة بالنسبة الى العديد من الأشخاص، اذ أن البعض لم يتفهم فكرة أن تحتفل الأم بحياة ابنتها المتوفاة، لكنني فكرت بالأمر من ناحية أخرى، فأنا كنت محظوظة بكوني والدتها لمدة 23 سنة، وهذا ما دفعني الى الرسم أكثر، والى أخذ هذا الموضوع بجدية أكثر، لذلك بدأت بطبع لوحاتي على منتجات متنوعة مثل الحقائب، والأوشحة، ووقايات الأطباق والأكواب، وربطات العنق،...

ولا بد من الاشارة الى أنني بدأت بالرسم وأطلقت "Dalalism" في العام 2011، وبات هذا الأمر بمثابة "فشة خلق" وتعبير عن شعوري بالحزن.

الى أين تمكنت من ايصال علامتك التجارية؟

وسائل التواصل الاجتماعي تساعد اليوم أي صاحب مشروع على إيصال بضائعه الى جميع أنحاء العالم، لكن هذا الأمر بحاجة الى المتابعة والإدارة، بالاضافة الى الكثير من الوقت والجهد.

ولقد اكتشفت من خلال الخبرة والتجربة، أن الـ"هاشتاغ" يستقطب أشخاص من بلدان متنوعة مثل لندن، نيويورك، ايطاليا، روما،... وبالتالي فإن هذه التفاصيل الصغيرة تحدث فرقا ملحوظا.

هل تتوجه "Dalalism" الى جميع الفئات الاجتماعية والعمرية، والميزانيات؟

أنا أطبع الرسومات على عدد كبير من المنتجات وبالتالي أتوجه الى المرأة والرجل معا. لكن الفئة العمرية تترواح ما بين 25 و40 سنة، أو أكثر قليلا، حسب المنتج.

ما الذي يميز أعمالك عن غيرها؟

لوحاتي مستوحاة من الخلايا، التي تمثل عالما ثانيا موجودا في داخلنا، وبالتالي ركزت على هذا الموضوع علما أنني لا أتمتع بخلفية علمية. فأنا أحب الخلايا كثيرا، ووجدت أن الناس يهملون هذا العالم الرائع ويجهلونه.

عندما قمت بالأبحاث، وجدت أن أفكارنا تؤثر على الخلايا الموجودة فينا، وبالتالي على صحتنا. ومن ناحية أخرى، هذا المفهوم جديد، وقلائل هم الذين يرسمون الخلايا.

ولا بد من الاشارة الى أنني لا أرسم الخلايا كما تظهر من خلال الميكروسكوب، بل أنقلها بحسب وجهة نظر الفنان.

هل تعتبرين أن المنافسة عامل ايجابي في مجال الأعمال؟

المنافسة قليلة بالنسبة الى أعمالي الفنية، لأنني لا أرسم المنازل، والأشخاص، والمناظر الطبيعية. وكثيرون يقولون أنه من خلال لوحاتي، باتوا يفكرون أكثر بخلاياهم وبصحتهم.

لكن المنافسة الكبيرة تأتي من الصين، لأنه يتم استيراد عدد كبير من اللوحات المطبوعة، وبيعها بأسعار زهيدة. في حين أن الفنان اللبناني الذي يقضي وقتا طويلا لتقديم لوحة أصلية، يواجه صعوبة في مواجهة هذا النوع من البضائع.

ما هي طموحاتك على الصعيد المهني؟

أنا أسعى الى دفع أكبر عدد ممكن من الأشخاص، الى التفكير بخلاياهم، وبكل ما يقومون به في حياتهم اليومية، لكي يعرفوا أنهم قادرون على التحكم بأفكارهم، لأنها تؤثر على صحتهم.

ما هي برأيك الصفات التي ساعدتك على النجاح؟

يقولون لي أنهم يأخذون مني القوة، لأنني واجهت وفاة ابنتي، وطلاقي من زوجي، كما أصبت بسرطان الثدي. وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات، بقيت نظرتي للحياة مشرقة وايجابية.

كيف تعملين على تحقيق التوازن بين عملك وحياتك الخاصة والاجتماعية؟

لم أشعر يوما بالتقصير تجاه عملي أو حياتي الخاصة، لأنني أعلم تماما كيف أنظم أوقاتي، وأنسق بين الحياة الاجتماعية، والعمل والرسم.

ما هي الصعوبات المهنية التي تواجهك في مجال عملك؟

كل انسان يعاني من الصعوبات، مهما كان المجال الذي يعمل فيه. لكنني أقول دائما أن الصعوبات ليست مهمة، بل الأهم هو كيفية التفاعل معها.

وبالتالي عندما وجدت أن هناك منافسة كبيرة على الرسم من الصين، ونسبة مبيعات اللوحات تهبط، قررت طبعها على منتجات أخرى لكي يكون الفن بأسعار معقولة وبمتناول الجميع. فالانسان الذي ليس بمقدوره دفع ثمن اللوحة، يستطيع شراء هذه اللوحة ذاتها، مطبوعة على منتج معين، وبسعر أرخص.

وهنا تجدر الاشارة الى أنني أسعى للوصول الى أكبر عدد ممكن من الناس، ليس فقط باللوحة الأصلية بل بالبضائع المختلفة التي أقدمها.

كيف تقيمين وضع المرأة اللبنانية اليوم؟

دور المرأة مهم وأساسي أينما وجدت، وليس فقط في لبنان. وأنا كنت أعيش خارج لبنان لفترة طويلة، وعندما عدت تفاجأت بعدد كبير من الأشخاص ذات العقليات "المتحجرة"؛ مثلا هناك نسبة واسعة من الأمهات اللواتي يفرقن الصبي عن الفتاة.

وبالتالي هناك أمور نكررها دون التفكير بها، لذلك يجب تغييرها، والمسوؤلية تقع كاملة علينا، ولا يمكننا لوم الرجل، لأن الحقوق تؤخذ ولا تعطى.

ما هي رسالة دلال فرح الى المرأة؟

المرأة اللبنانية تتمتع بالكثير من الميزات، لذلك أتمنى أن تستخدمها أكثر. وأنا أشجع المرأة على ممارسة العمل التطوعي في أوقات فراغها، لكي تساعد المجتمع أو البيئة الموجودة فيها.

وبهذه الطريقة أيضا ستكون انسان أفضل، وتشكل قدوة لأولادها. فالعطاء ليس فقط بالأموال، بل بتقديم مهاراتنا ووقتنا وجهدنا.