لايكاد يتراجع ملف ​الكهرباء​ الى الصف الثاني بحكم زحمة الملفات السياسية والحياتية الطارئة حتى يبرز مجدداً متقدماً باشواط عن غيره باعتباره علّة المشاكل؛ ففي:ملف الفساد هواحد ابرز مكامن الهدر والصفقات وخدمة المصالح السياسية.

في الملف المعيشي والاجتماعي: اسوأ أداء في الخدمات المقدمة للمواطن حيث يحمّل اعباء فاتورتين لتيار غير منتظم؛ فاتورة اولى لخدمة غير مؤمنة من الدولة بشكل عادل لابل تقدم له تياراً يخلّف الاضرار في الممتلكات والمباني بفعل التوزيع العشوائي والفولتاج الضعيف تحت ضغط الحمولة المرتفعة سواء داخل المحطات او على خطوط التوزيع،وثانية مصدرهامزاجية اصحاب المولدات الخاصة الذين يستثمرون شبكة الدولة بكل حالاتها دون حسيب او رقيب لقاء بدل اشتراكات غير معفاة بدورها من المزاجية.

في الملف السياسي: كم من المصالح السياسية خدم هذا المرفق طيلة حقبة من الزمن وهو ما يزال حتى اليوم مع تبدّل بعض الادوار ، حيث لا يسمح لاي شركة من دخول سباق الالتزامات الا بتفويض جهة سياسية. وفي حال تم التصدي لهذه الآلية يتم إحراج الشركة حتى يتم إخراجها هذا اذا لم يتم استبعاد مدير اومدير عام او حتى وزير كما حصل مع الوزير السابق الراحل جورج افرام اثناء توليه وزارة الموارد المائية والكهربائية في حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الأولى في عهد الرئيس الياس الهراوي من تشرين الاول 1992 وحتى حزيران 1993 حيث أقيل من منصبه وعّين وزير دولة وحلّ مكانه الوزير الراحل ايلي حبيقة (المرسوم رقم 3602 تاريخ 11- حزيران 1993)، وذلك لاختلاف رأيه وموقفه عن رأي كل من الرئيسين الحريري والهراوي حول موضوع الكهرباء. وأعتبرت هذه الإقالة من الحالات النادرة في تاريخ لبنان السياسيوهناك من يرى انه لو تم القبول بخطة الوزير افرام لأمكن توفير الكهرباء على مدار الساعة منذ عشرات السنوات وتوفير مليارات الدولارات التي انفقت على تطوير وتأهيل القطاع بدون تحقيق الغاية وهي 24/24 ساعة كهرباء. ويذكر ان الوزير افرام دفع ثمن وقوفه في وجه شركات كانت القوى السياسية تريد فرضها في قطاع الانتاج .

في الملف الاقتصادي: الكهرباء تستنزف خزينة الدولة حيثإن قيام الدولة اللبنانية وفق مصادر وزارة المالية بإنفاق ما لا يقل عن 13عشر مليار دولارلاستيراد مادة الفيول لمؤسسة ​كهرباء لبنان​ من العام 2005 حتىالعام 2013 ومن العام 2008 حتى تاريخه 16 مليار دولار يشير إلى الدعم الكبير الذي يحظى به القطاع من قبل الدولة، وبالتالي، فقد باتت عملية الاصلاح تشكل أهم التحديات التي يتعين على الدولة اللبنانية مواجهتها في المدى المنظور ، لا سيما بعد ماتعهّدت إجراء الإصلاحات الالزامية بهدف تحويل القطاع من عبء على خزينتها وعلى اقتصادها إلى عصب فعال ومستديم ينعكس إيجاباً على نمو الدخل القومي وبالتالي على إقتصادها.

ومع مراقبة اداء المؤسسة نلاحظ ان هناك مشاكل ناتجة عن اعطال متكررة، وبالتالي عدم قدرة الشبكة على تحمل زيادة الاستهلاك في مناطق عديدة من جراء تزايد عمليات السرقة. كل ذلك يؤدي الى فوضى عارمة في برنامج التغذية، وينتج استياء كبيراً في اوساط المواطنيين، ولدى القوى الانتاجية في القطاعات الصناعية والسياحية والزراعية والتجارية والخدماتية.

يتردد ان انتاج لبنان هوحوالي 72% من حاجتهوتخسر مؤسسة كهرباء لبنان 45% من هذه الطاقة المُنتجة عن طريق الهدر. ولبنان الاول بين الدول العربية في هذا المجال . كما ان هناك تعديات كبيرة على الشبكة فضلا عن السرقة المستمرة للتيار وتمنّع شريحة واسعة على مختلف المستويات عن تسديد فواتيرها .

من واكب مجريات أمور قطاع الطاقة في لبنان، سوف يلاحظ بشكل واضح ايضاً بأن الواقع المالي والتشريعي وعدم تطبيق القوانين قد أدى إلى تفاقم المشاكل العديدة والمزمنة التي أعاقت الاعمال الاساسية وهددت القطاعات وبالتالي الاقتصاد الوطني، بحيث بات من غير الممكن معالجتها بدون اعتماد سياسة إصلاحية متجذرة ومتدرجة قادرة على النهوض بكافة جوانب قطاع الطاقة بما فيه قطاع الطاقات المتجددة وحفظ الطاقة.

وفيما يطرح اليوم موضوع الكهرباء من باب الانتاج مع تقدم اقتراح إشراك القطاع الخاص مع القطاع العام في انتاج الطاقة بحيث يسمح لكل منطقة بانتاج حاجتها عبر شركات خاصة طبقا لقانون الشراكة عبر شركات خاصة طبقا لقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص فلا تعود منطقة محرومة من التيار بفعل ارتفاع الطلب في المنطقة دون تحديد نوعية الشركات الجاهزة للدخول في هذا المشروع وطاقتها على الاستثمار ، يبقى موضوع التوزيع الملّزم الى شركات مقدمي الخدمات الثلاث في مدار الأخذ والرد، باعتبار ان مدة عقد الشركات تنتهي آواخر الحاري، وحتى تاريخه كل الامور تجري في مسارالتجديد لأربع سنوات في احسن الاحوال، وهذا ما تنشده الشركات التي لم تستطع حتى اليوم من انجاز العديد من الاشغال الملحوظة ضمن المهل المحددة في العقد اوالتمديد لثلاثة اشهراضافية في اسوأ الاحوال خصوصاً انه لم يتم تحضيرمراحل التسليم والتسلّم.

وفي المعلومات المتوافرة ان الشركات الثلاث تستعد لتجديد عقودها مع مؤسسة كهرباء لبنان لمدة 4 سنوات باعتبار ان الاشغال والمشاريع المطلوب منها تنفيذها ستستغرق حقبة طويلة تتعدى الثلاثة اشهر خصوصاً ان الأمر يتعلق بتركيب العدادات الذكية.

كما علم ان وزير المالية الذي رفض المصادقة في نهاية العام السابق على التمديد لعقود الشركات طالباً من ادارة الكهرباء توضيح ما انجزته يتجه اليوم الى حل مسألة التجديد عن طريق التفاوض المباشر دون الرجوع الى مجلس الوزراء بعدما كان وعد وزير الطاقة سيزار ابي خليل برفع الملف اليه لحسم الجدل القائم. كما علم ان التجديد سيبقى على نفس الاسعار والشروط.