نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن خطوة الجزائر مؤخرا لتعزيز العلاقات الجزائرية الأميركية، والتي تمثلت في تعيين عبد المومن ولد قدور على رأس شركة "​سوناطراك​"، التي تعتبر بمثابة رئة الجزائر الاقتصادية.

 وقالت الصحيفة في تقريرها، إن ولد قدور،  كان قد شغل منصب الرئيس التنفيذي السابق للشركة الجزائرية الأميركية "بي آر سي"، التابعة لشركتي "سوناطراك" و"هاليبرتون" الأميركية. وخلال الفترة بين 1994 و2007، أنشأت شركة "بي آر سي" العديد من المشاريع الضخمة بالتعاون مع الجيش الجزائري ووزارة الطاقة.

 وأشارت الصحيفة إلى أن الشركة قد أعلنت عن إفلاسها خلال سنة 2007، تاركة خلفها فضيحة مدويّة، حيث لاحقتها شبهات فساد واختلاس تمثّلت في عقود بقيمة 560 مليون دولار تم توقيعها مع وزارة الطاقة، التي كان يرأسها في ذلك الوقت، شكيب خليل، المعروف بميولاته للولايات المتحدة، بالإضافة إلى عقود أخرى بلغت قيمتها مليار و300 مليون دولار تم تنفيذها بالتعاون مع الجيش الجزائري.

 وأكّدت الصحيفة أن التبادلات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والجزائر أخذت بُعدا جديدا، إثر الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الجزائري، عبد المالك سلال، إلى واشنطن في آذار سنة 2016. والتقى سلال بمسؤولي مجموعات أميركية عدّة على غرار، آل ووكر، رئيس شركة "أناداركو"، التي تعتبر أول منتج خاص للنفط في الجزائر. كما التقى بجيف ميلر، الرئيس التنفيذي للعملاقة "هاليبرتون"، المختصّة في مجال خدمات وصناعة الطاقة، وجون رايس، نائب رئيس شركة "جنرال إلكتريك"، التي تعمل في الجزائر منذ أربعة عقود، والتي تعمل بالتعاون مع شركتي "سونلغاز" و"سوناطراك" الجزائريتين في مشاريع الطاقة المختلفة.

 وكانت "جنرال إلكتريك" قد حصلت في سنة 2013 على عقد من الحكومة الجزائرية، بقيمة تتجاوز ملياري دولار، لتوفير معدات لتوليد الكهرباء لصالح ستة محطات توليد جديدة.

 كما التقى سلال بداو ويلسون، الرئيس التنفيذي لشركة "فاريان ميديكال سيستم"، الرائدة عالميا في مجال العلاجات وبرامج علاج الأورام بالأشعة. وفي 24 آذار سنة 2016، وقّعت شركة "سيالفارم"، التابعة للمجموعة الأميركية؛ عقدا مع مجموعة "حداد الخاصة" بهدف إنشاء مركز جزائري- أميركي، للعلاج الإشعاعي .

 وأشارت الصحيفة إلى أن سلال التقى أيضا مع فيليب بلومبرغ، المدير التنفيذي للمجمّع الأميركي "بلمبيرغ غرين"، الرائد عالميا في مجال حفظ وتخزين الأغذية، والذي طوّر أول أنظمة تسمح بالتخزين الجاف والبارد للحبوب. وفي الوقت الراهن، دخلت بلمبيرغ غرين في مفاوضات مع الحكومة الجزائرية بغية إنشاء وحدة لتخزين الحبوب، فضلا عن مركز قيادة يُعنى بإدارة الغذاء.

 وأشارت الصحيفة إلى انطلاق المشاريع الأميركية في الجزائر، بالتزامن مع مواصلة كل من شكيب خليل ومجموعة بارزة من مؤيدي التوجه الأميركي، عملهم الدؤوب خلف الكواليس لتعزيز التقارب بين واشنطن والجزائر. وقد تجسد ذلك من خلال تكليف شركات أميركية بالقيام بمشاريع زراعية ضخمة على غرار الحبوب، ومنتجات الحليب، واللحوم. وفي هذا السياق، وعد رئيس مجلس الأعمال الجزائري الأميركي، إسماعيل شيخون، المسؤولين الجزائريين بأن بلاده لن تضطر إلى استيراد هذه المنتجات من الخارج في ظرف ستة أو سبعة سنوات، وذلك بفضل الاستثمارات الأميركية.

 وأكدت الصحيفة أن مؤيدي التوجه الأميركي في الجزائر يبذلون قصارى جهدهم لإثبات أن خيار الاستثمار في الجزائر سيؤتي أكله. في المقابل، ونظرا لعدم التزام فرنسا، علاوة على لامبالاة الدول الأوروبية، أقدمت الجزائر على تغيير وجهتها وتحويل اهتمامها إلى ما وراء المحيط الأطلسي علّها تحقق، أخيرا، حلم التنمية الذي لطالما كانت تصبو إليه.