كرست جوزفين زغيب حياتها لعملها البيئي، الإجتماعي، الإنمائي، والسياسي. فهي تسعى دائما، وبكل شغف، للوصول إلى التنمية المستدامة في لبنان، وللتحدث عن مشاريعها وطموحاتها ورؤيتها، التي آمنت بها، وثابرت لإيصالها إلى أكبر شريحة ممكنة من الناس.

زغيب هي عضو في مجلس بلدية كفرذبيان منذ العام 2010، أطلقت ونفذت مشاريع متعلقة بالسياحة البيئية، كما أسست مكتباً لتعزيز دور المرأة في بلدة كفرذبيان تم على أساسه افتتاح اثني عشر مكتباً مماثلاً في مختلف المناطق اللبنانية.

تبنّت مبادرات إجتماعية عدة لا سيما في مجال البيوت الشبابية (youth hostels)، بحيث بادرت في العام 2004، إلى تأسيس جمعية "بيتي" و"بيت الشباب" (AubergeBeity)، الذي يستقبل ويحتضن المبادرات والأنشطة المتعلقة بالتنمية الإجتماعية والسياحة الريفية، وذلك بعد تجربة سنتين من السفر على الأقدام والسياحة البيئية.

هي متخصصة في العلاج الفيزيائي، ومجازة في التدريب على التواصل والريادة والمساءلة الإجتماعية والمواطنة، ومكافحة الفساد. حازت على شهادة ماجستير في الريادة والإدارة من غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت، وهي حالياً طالبة دكتوراه في مجال التنمية المحلية في جامعة "برمنغهام" البريطانية.

كما أنها تشغل منصب الأمين العام للإتحاد اللبناني لبيوت الشباب (Lebanese Youth Hostels Federation) منذ العام 2009، بالإضافة إلى كونها نائب رئيس شبكة المساءلة الإجتماعية في العالم العربي، وعضو مجلس إدارة شبكة ​الحركة البيئية اللبنانية​ التي تضم أكثر من ستين جمعية لبنانية تعنى بحماية البيئة، وعضو في جمعية قدامى مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية في لبنان.

رئيسة مؤسسة "بيتي" وعضو المجلس البلدي في كفرذبيان، خصت "الإقتصاد" بهذه المقابلة المميزة:

- من هي جوزفين زغيب؟ وما هي المراحل التي مررت بها حتى وصلت إلى ما أنت عليه اليوم؟

تخصصت في مجال العلاج الفيزيائي، وكنت حينها قائدة في الكشافة لذلك قمت برحلة سلام حول العالم لمدة حوالى سنتين، هدفها تعلم تقبل الآخر باختلافاته.

وعندما عدت إلى لبنان في العام 2003، أسسنا جمعية "بيتي" التي تفتح أبوابها لجميع الناس، وتؤمن فرص العمل للشباب، وتجمع الأشخاص الذين يؤمنون بالبيئة وبالمحافظة على السلام.

عندما أسسنا الجمعية، اكتشفت ضرورة ترشحي إلى المجلس البلدي في كفرذبيان، بسبب زيادة المشاكل البيئية الخطيرة في المنطقة. وبالتالي ترشحت في العام 2010، وحالفني الحظ، وخرقت اللائحة الموجودة. وخلال تلك الفترة، ركزنا على العديد من المواضيع البيئية، الإقتصادية، والشبابية، ضمن المكتب النسائي الإنمائي الذي أسسته داخل البلدية، للإضاءة على دور المرأة؛ وهذا المكتب لا يهدف إلى تمكين المرأة لأنها جاهزة كليا، بل يسعى إلى دفعها للإنخراط أكثر في المجتمع المحلي.

وبعد ست سنوات، ترشحت مجدداً على عضوية المجلس البلدي، وربحت لائحتنا، وبدأنا نتقدم في العمل. ومؤخراً أسسنا مكتباً تنموياً للبلدية، يهدف إلى تقديم البرامج التي تعنى بالمساءلة الإجتماعية، لكي نحسن الخدمات الموجودة في منطقة كفرذبيان.

إلى جانب ذلك، ترشحت في العام 2013 على المجلس النيابي، وحصل التمديد الأول، فترشحت مجدداً في العام 2014، وعادوا مجدداًإلى التمديد. أما اليوم فنتمنى أن لا يحصل التمديد الثالث.

ولا بد من الإشارة إلى أنه من الضروري جدا أن نترشح كنساء الى المجلس النيابي، لأن وجودي في البلدية أكد لي وجود تواصل كبير مع السلطة المحلية الموجودة، فالتغيير يبدأ من البلدية ويستمر في مجلسي النواب والوزراء.

وبالتالي إذا بقيت الوجوه نفسها موجودة، واستمر الفساد، ستبقى طريق لبنان بدون رؤية أو خطط تنموية كبيرة. لذلك أخذنا قراراً أن نترشح في وجههم، لكي نؤكد أننا نريد أشخاصا يتمتعون برؤية واضحة وإيجابية لهذا البلد.

- إلى أي مدى تعتبرين أن وجود المرأة في العمل الإنمائي والسياسي في لبنان أساسي ومهم؟

وجود المرأة هو وجود المجتمع فهي تربي الأجيال، كما أن 70% من الأساتذة هم من النساء، وبالتالي هي تربي الأجيال، ولا يجب أن تكون غائبة عن السلطة، لأن غيابها سيؤدي الى تشوه وخلل في الجسم اللبناني.

لذلك أعود وأؤكد أن وجود المرأة أساسي، خاصة وجودها في السلطة لأنها عايشت مشاكل البلد أكثر من غيرها، وهي تعلم أن أولادها لا يستطيعون التعلم في الجامعات، ويضطرون أحياناًإلى الهجرة بعمر صغير. وبالتالي فإن وجودها في السلطة، سيؤدي إلى تغيير القوانين وإلى وضع رؤية محددة للبلد.

فأنا أقول دائماً إن المرأة تعمل بعطاء وهي أقل فساداً من الرجل، لأنها في جيناتها معطاءة، وتعطي بلا مقابل، وأكبر مثال على ذلك هو عطاء الأم. علماً أن دور الرجل والأب أساسي ومهم في المجتمع، لكن عطاء المرأة مختلف في مكان ما.

فالمرأة تعطي بطريقة مختلفة، وتسمع بطريقة مختلفة، وتتصرف بطريقة مختلفة.

- ما هي طموحاتك وتطلعاتك المستقبلية؟

أنا حاليا أسعى إلى نيل شهادة الدكتوراه في التنمية المحلية، وبعد ذلك سوف أبدأ بتقديم الإستشارات لأكبر شريحة ممكنة من البلديات، والمؤسسات، والمجتمع المدني، لكي يعرف الجميع أن التنمية المحلية بالتحديد هي أمر مهم للغاية.

ومن الضروري أيضا أن يتعاون المجتمع المدني مع القطاعين العام والخاص، لكي يتمكنوا معاً من تحسين الخدمات والمعيشة، ويسهموا في زيادة دخل المواطنين، وخاصة الشباب منهم؛ فهناك حوالىسبعة آلاف شاب وشابة يتخرجون كل سنة من الجامعات ولا يجدون فرص عمل، وهذه المشكلة ستكبر أكثر فأكثر إذا بقيت السطلة في البلد كما هي عليه اليوم.

- ما هي برأيك المقومات أو الصفات التي ساعدتك على النجاح في المجال الإنمائي؟

الصفات الأساسية هي أولاً إيماني بالتغيير، وثانياً العيش بحسب مبدأ معين في الحياة. فأنا شخص يعلم تماماً معنى البيئة، ويؤمن بهذه الأرض، وبأن الهدف من وجودي عليها هو التغيير والتحسين. وهذه العوامل تساعد كثيراَ على التقدم.

من ناحية أخرى، يجب أن تعمل المرأة على صقل مهاراتها ومعرفتها، وأن تنمي قدراتها قدر الإمكان، لأنه بامكاننا أن نتعلم الأمور الجديدةيومياَ، لذلك من الضروري جداً المشاركة مع الناس والإستماع إلى آراء الجميع.

- كيف عملت على تحقيق التوازن في حياتك؟

أنا أحاول دائماً أن أشابه عملي بنشاطي الاجتماعي، لأنني لا أريد أن أدخل في نطاق الأعمال التجارية البحتة. لذلك أسعى إلى تقديم الإستشارات والتدريبات على المساءلة الإجتماعية التي تعتبر ضمن إختصاصي وضمن المجتمع. وبالتالي أجمع بين الإثنين، لذلك لا أقصر تجاه الجانبين من حياتي.

لكن التقصير موجود حتماً، والأمر ليس سهلاً أبداً، لذلك يجب التركيز كثيراً على تنظيم الوقت، خاصة عندما نعمل في المجال الإنمائي والسياسي في لبنان.

- ما هي رسالة جوزفين زغيب إلى المرأة؟

"ممنوع" أن تخاف المرأة، ومن واجباتها أن تترشح على أي منصب في نقابة، أو لجنة طلاب، أو مجلس بلدي، أو مجلس نيابي أو وزاري، أو الضغط في حزبها على ترشيحها لمناصب كبيرة.

من الضروري أن تقوم بالخطوة الأولى، ولا تنتظر الفرصة من الرجل، لأنه لن يتنحى عن كرسيه، ويعطيها إياه بسهولة.

لذلك لا يجب أن تخاف لأننا جميعنا إلى جانب بعضنا البعض، والمرأة لن تتخلى عن المرأة. كما أن المواطن، أكان رجلا أم امرأة، سيصوت للمرأة وهذا الأمر أكيد، لأنه سيعرف أنها ستعطيه أكثر بكثير مما سيعطيه الرجل.