علم موقع "الاقتصاد" من مصادر دبلوماسية بأن السفير الإيراني في بيروت، محمد فتح علي، كان قد نصح قبل مدة الإدارة الجديدة لـ"قناة العالم" الرسمية الإيرانية التابعة لوزارة خارجية الجمهورية الإسلامية، بالتوصل إلى حل رضائي مع عشرات الموظفين اللبنانيين المزمع صرفهم، وذلك بعد سنوات من عملهم لدى مكتبها في العاصمة اللبنانية.

"نصيحة" السفير أبلغها فتح علي في اجتماع عُقد بالسفارة الإيرانية قبل نحو شهرين، بشكل مباشر، لمدير عام القناة الجديد في طهران، علي محمد صالحي، وكان يرافقه المدير الجديد لمكتب القناة في بيروت، محمود بوجنوردي، على أساس أن "الجمهورية الإسلامية تدافع عن حقوق المستضعفين في كل أنحاء العالم"، وبالتالي "لا يجوز أن يُسرّح من يعمل في مؤسساتنا نحن (خصوصاً الرسمية منها) دون نيل حقوقهم كاملة".

إلا أن بوجنوردي، بالتعاون مع المدير المالي علي مُلائي الإيراني الأصل اللبناني الجنسية، وبعض "العرّابين" الآخرين في القناة، ارتأى هذا الأسبوع المباشرة بتوجيه إنذارات صرف خطية لبعض الموظفين اعتباراً من 21 آذار الجاري، وشفهية لآخرين ابتداءً من 1 نيسان المقبل، دونما تريّث لتبيان نتيجة جلسات التشاور لدى دائرة التحقيق في وزارة العمل، مخالفاً بذلك أصول إبلاغ جميع المعنيين خطياً ومنتهكاً ضرورة احترام دور الوزارة، فيما علم موقع "الاقتصاد" أن الوزارة استدعت بوجنوردي شخصياً على عجل إلى جلسة تحقيق من المقرر عقدها الأسبوع المقبل.

بعض الموظفين وقّع فعلاً على بلاغ الصرف كما هو، بينما وقّع آخرون عليه مع التحفظ على عدم توضيح الإدارة لكيفية احتساب متوسّط رواتبهم وسنوات خدمتهم والعديد من الحقوق الاُخرى ذات الصلة، فيما رفض البعض التوقيع مستنكراً مبدأ انتقائه دون آخرين، أو تنكّر الإدارة لتضحيات بذلوها في سبيل تغطية الأحداث للمحطة أثناء بعض التوترات الأمنية التي شهدها لبنان.

أشدّ الأمور استغراباً كان ما تضمنه بلاغ الصرف من التوجه إلى المصروفين بما نصّه الحرفي "ان تصفية أموركم مع القناة ستتم وفقاً للقوانين الخاصة بمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيراني"، وكأن ما يحصل مع موظفين لبنانيين في عاصمة بلادهم تنطبق عليه قوانين الدول الأجنبية حتى لو كانت صديقة أو شقيقة!

فماذا عن قانون العمل اللبناني إذن، وعن قرارات مجلس الوزراء اللبناني، ودور الوساطة الذي تقوم به وزارة العمل اللبنانية على هذا الصعيد، والدور الأساس لمجلس العمل التحكيمي، والنصوص الصريحة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في حماية الموظف من استبداد إدارات المؤسسات والشركات؟

ألا ينطوي هذا السلوك على انتهاك للسيادة الوطنية؟!

أمام هذا الواقع، من المرجّح أن تبتّ الدائرة المعنية في وزارة العمل أمر الوساطة نهائياً الأسبوع المقبل، بعد مماطلة إدارة مكتب "قناة العالم" في بيروت وإفشالها عملية التفاوض مع الموظفين، وكذلك الأمر بالنسبة لملف شركة "فلك" التابعة لها عملياً، والذي من المنتظر أن يجد هو وملف "قناة العالم" طريقهما إلى الفتح أمام الدوائر القانونية وفقاً للدساتير والنصوص اللبنانية دون غيرها، فيما علم موقع "الاقتصاد" أن لهجة تصعيد الإدارة بلغت حداً لا يمكن السكوت عنه، مع تأكيدها للمصروفين أنهم لن يحظوا إلا بالتعويض "البخس" الذي تحدده الإدارة دون غيرها، لأنها "قادرة على فعل الكثير!"، وبالتالي فما عليهم سوى "الرضا بالنصيب وإلا..".