لكل مجموعة أو شركة ثقافتها الخاصة ورسالتها التي تسعى لتحقيقها باستراتيجيات وخطط وكوادر بشرية كفوءة.

قصّتنا اليوم تتمحور حول رجل لبناني أبدع في دوره الإداري، لأنه آمن بمبادئ المجموعة التي يعمل فيها ومؤسسها.

تلك المجموعة التي أُسست بجهد فردي، من رجل عربي بسيط، بات الآن قدوة للعالم بأسره..

قصّة مؤسس المجموعة التي بدأت من الصفر ، حُفرت في قلوب الملايين لاسيما العاملين فيها.

هذه المجموعة تأسست في بيروت عام 1972 وباتت تملك اليوم أكثر من 80 فرعاً حول العالم.

وبما أن لبيروت بصمة خاصة تنطلق منها الإبداعات، لرجال لبنان أيضاً صيغة خاصة في بناء الإنجازات وتحمّل المسؤوليات.

لذا كان لـ"الإقتصاد" لقاء حصري مع المدير التنفيذي لمجموعة "طلال أبو غزاله" في بيروت .. وارف قميحة.. الذي أطلعنا على أولى مراحل حياته المهنية في المجموعة التي تدرّج فيها مهنياً خلال العقدين الماضيين وصولاً إلى استلامه سدة رآسة المجموعة في بيروت.

- من أين انطلقت مسيرتك المهنية؟

بدأت مسيرتي المهنية من "جامعة بيروت العربية"  -جامعة الإسكندرية- تخرجت حاملاً معي شهادة في إدارة الأعمال.

من بعدها دخلت مجال العمل بعد فترة من التدريب في أحد الشركات.

دامت فترة التدريب في بيروت حوالي العامين تقريباً، إذ لم تكن فرص العمل متوفرة بكثرة آنذاك، وللأسف لم يتغيّر الوضع على الخريجيين الجدد في لبنان حتى يومنا هذا.

وإيماناً مني بقدرة الإنسان على تطوير نفسه بنفسه وضرورة السعي نحو ذلك، تقدمت بطلب توظيف على خمسة أماكن، وفي توقيت واحد، وبعد عام ونصف من الإنتظار، تم قبولي في الوظائف الخمس، وكان أمامي الخيار بالإنتساب للوظيفة الأنسب لي.

وشاء القدر أن أربعاً من هذه الوظائف  (الشركات) تم إقفلاها لاحقاً، والشركة التي اخترتها وما زلت أعمل فيها منذ عشرين سنة حتى اليوم بقيت قائمة وتحتل اليوم أولى المراكز العربية والعالمية.

- لماذا ارتكز خيارك على مجموعة "طلال أبو غزاله" بشكل خاص دون غيرها؟

بالطبع معايير اختيار وظيفة ما بالنسبة لخريج جامعي جديد تختلف عن معايير موظفٍ عَمل ولا يزال يعمل في الشركة لمدة عشرين عاماً.

في الماضي كانت كل معلوماتي عن مجموعة "طلال أبو غزاله" بأنها "إسم كبير لا يُستهان به في السوق" ولم أعرف حينها عن مهام المجموعة ورسالتها القيمة التي تنسجم مع قناعاتي الشخصية.

ولكن بحكم دراستي كان الخيار الأنسب بالنسبة لي الإنضمام الى هذه المجموعة لأخوض غمار عالم الخدمات المهنية  من أوسع أبوابها عبر مجموعة عملاقة وعريقة.

بدأت مسيرتي في الشركة كمتدرب في العام 1997، وتدرجت على السلم الوظيفي، فبعد المرحلة التدريبية تم تثبيتي كمساعد مدقق حسابات وتابعت مسيرتي المهنية إلى أن تسلمت منصب المدير التنفيذي لمجموعة "طلال أبو غزاله" في بيروت.

- ما هي أبرز مهام مجموعة طلال أبو غزاله؟

نفتخر بأن مجموعتنا هي الشركة العربية العالمية التي انطلقت من بيروت في العام 1972، لتقدم خدمات مهنية.

وللمجموعة حالياً خمسة وثمانون مكتباً حول العالم ومائة وخمسون مكتباً تمثيلاً  بما يزيد عن ألفي موظف مهني.

و 208 خدمة مهنية تشمل التدريب، والتعليم، وتدقيق الحسابات، والإستشارات المالية والإدارية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتوظيف، الملكية الفكرية وغيرها الكثير.

وتشكل مجموعتنا صلة الوصل المهنية بين  القطاع العام و الخاص لتصبح أكبر مجموعة عالمية من شركات الخدمات .

- تتكلم عن المجموعة وكأنك "نجلها"، ما هي أكثر المشاريع المحببة  إلى قلبك؟

المشاريع كثيرة، حيث بلغ عدد الشراكات المهنية مع الشركات وفق قاعدة بيانات المناقصات أكثر من مئة وخمسين ألف شركة  وعدد المراكز التدريبة التابعة أكثر من الف مركز والمحبب الى قلبي هو ما يزيد عن ثمانية ووعشرون مبادرة لخدمة المجتمع وسبع مبادارت في التوعية والتثقيف  ولا ننسى  دور المجموعة من خلال المجمع العربي الدولي  للمحاسبين القانونيين، الذي يرأسه الدكتور طلال أبو غزاله، في وضع معايير المحاسبة الدولية ومعايير المراجعة الدولية، من خلال لجان معتمدة.

كما أن هذا المجمع الذي أمثله شخصياً في لبنان، كان ولا يزال الجهة المعتمدة الوحيدة في العالم من قبل مجلس معايير المحاسبة الدولية  لترجمة هذه المعايير إلى اللغة العربية.

إضافة إلى ذلك، "طلال أبو غزاله" الدولية هي الشركة العربية الوحيدة المنتسبة إلى منتدى شركات المحاسبة العالمية الذي يُشكل التجمّع العالمي لهذا القطاع ويضم حوالي ثلاثين شركة عالمية.

أما في موضوع خدمات حماية الملكية الفكرية، فمجموعتنا هي الأولى في العالم ومن دون منافس! وهذا فخر لنا أن تكون مجموعتنا العربية في الصدارة، وبرأيي هذه المكانة التي وصلت إليها مجموعة "طلال أبو غزاله" ناتجة عن الخبرات والمهارات المتراكمة على مرّ الأعوام، بالإضافة إلى انتشار المجموعة حول العالم، ومن خلال تطوير برامج معلوماتية ذاتية بحيث يتمكّن العميل من الإطلاع على ملف تسجيل علامته التجارية في أي لحظة من خلال "كبسة زر" من منزله.

وفي الشق القانوني تُقدم مجموعة "طلال أبو غزاله" الخدمات القانونية لتأسيس الشركات من خلال التعاون مع أكبر شبكة محاماة موجودة في لبنان والعالم، وتضم 350 محامياً متعاوناً مع المجموعة.إضافة إلى خدمات دراسات الجدوى الإقتصادية وإعداد الأنظمة المالية والإدارية للشركات والمؤسسات.

- تولّون أهمية كبرى للموارد البشرية التي هي أساس هيكيلية مجموعة "طلال أبو غزاله" برأيك ما هي المقومات التي تميّز الشخص في عمله عن زملائه؟

برأيي هذا الأمر يأتي بالفطرة، ويظهر من خلال صفات عدة يتحلّى بها الموظف الكفوء.

ومن الصفات التي تبحث عنها كل شركة عند إختيارها لموظفيها: حبّ الإطلاع، والإندفاع، والقدرة على حلّ الأزمات أو المساهمة في وضع حلول لها، بالإضافة إلى قدرة الموظف على التأقلم مع بيئة العمل وزملائه.

وجود كل هذه المعايير في شخص واحد يُشكل تركيبة نموذجية للموظف الكفوء.

ونحن في مجموعة "طلال أبو غزاله" نسعى لتدريب وتطوير الموظفين وبناء قدراتهم  لأنهم يشكلون أعمدة هذه المجموعة، وسياستنا بالشركة ترفض التعامل مع الموظف وكأنه آلة عليه إنجاز مهامه والإنصراف، لذا نحن سعداء بأننا عائلة كبيرة ونحاول قدر المستطاع أن نوفر للموظف بيئة عمل سليمة يقدر أن ينتج ويُبدع من خلالها.

ونحن في المجموعة نُشجع على الإبداع والتطور، وهذا لم أشهده فقط بين الموظفين خلال العقدين الماضيين، بل حصل معي شخصياً مُذ بدأت في الشركة كمتدرب وصولاً إلى إستلامي سدة المسؤولية  في بيروت.

- برأيك الإستثمار في المواد البشرية أهم من الإستثمار المادي في الشركة؟

أساس الشركات هو الأفراد ، حتى الشركات التي تعتمد بشكل مباشر على الآلآت بحاجة إلى أشخاص لكي تُديرها وتراقبها، الإستثمار في بناء القدرات هو جزء أساسي في نجاح الشركة وإستمراريتها.

-إستلامك منصب المدير التنفيذي لمجموعة عملاقة كـ"طلال أبو غزاله" يُحتّم عليك العديد من المسؤوليات ويفرض الكثير من التحديات اليومية، كيف تواجهها؟

لا شكّ أن التحديات موجودة يومياً، والحياة بدون تحديات لا طعم لها، بالنسبة لي تعريفي للتحدي هو شغف في تجاوز المصاعب.

والمشاكل التي تواجهنا نتعامل معها وكأنها درس لنا.

- مجموعة "طلال أبو غزاله" شركة تسعى لمواكبة آخر التطورات لكي تبقى في الصدارة، كيف واكبت خلال مسيرتك المهنية هذه المراحل الإنتقالية؟

الأمور التي كنّا نعمل بها منذ خمسة عشر عاما اختلفت اليوم مع تغير الزمن والتطور التكنولوجي، وهذا تحدٍ كبير بالنسبة للشركة والموظفين لكي نبقى سوياً مواكبين لآخر التطورات على مستوى العالم.

وهذا إنطلاقاً من شعارنا :" نعمل بجهد لنبقى في المقدمة".

لذا نحن نبذل جهداً يومياً لنبقى في الصدارة على مستوى الخدمات التي نقدمها.

- عادة ما يعتقد الخريجون الجدد أنهم سيتبوؤون مناصب إدارية منذ يومهم الأول في الشركة، من خلال تجربتك الخاصة ما هي النصيحة التي تود إيصالها لهم؟

رسالتي إلى زملائنا الطلاب: كنا طلاباً ولكن ربما لم تسنح لنا الفرصة حينها أن يخاطبنا أحد أو يقدم لنا النصائح.

بناء قدرات الشباب هي مسؤولية مشتركة بين إدارات الجامعات و الشركات، فأسلوب التعليم التقليدي أي "التلقين" لم يعد يتماشى مع العصر ولا مع أسواق العمل.

وأذكر هنا دعوة الدكتور طلال أبو غزالة لإلغاء فكرة الحرم الجامعي، نظراً لوجود الـ.online education.

الإستثمار في الأبحاث والدراسات والبرامج التعليمية والتطويرية ضروري لتحضير الطالب إلى السوق العمل وهذا لا يتم عبر منهج دراسي تقليدي يتغيّر بعد 10 سنوات أو 15 سنة، فكل يوم في قطاع التعليم ننعم بمعلومة جديدة، لذا على الطالب أن يكون على إطلاع على آخر المتغيرات، وأن نزوده بكل العناصر التي تُسهم في انخراطه في سوق العمل لكي يُبدع.

أنصح الشباب بأن يستغلوا كل فرصة وأي فرصة لكي يتدرّبوا في الشركات، الأمر الذي يساعدهم على الإنخراط في سوق العمل أكثر، وبالتالي يتمكن من الربط بين المعلومات التي يكتسبها في الجامعة والمهارات التي يُطبّقها في العمل المهني.

الطموح ضروري، ولكنه لا يُكلل إلا بالعمل الجاد والفعلي، والشركات تُشكل المفتاح التي تساعد الشاب في بناء قدراته ،التعليم والتطور كما هو الحال في مجموعتنا.