بمناسبة يوم المرأة العالمي، كان لا بد للـ"إقتصاد" من تخصيص "المقابلة الإقتصادية" مع إحدى النساء الناجحات في لبنان لإلقاء الضوء على الإمكانيات والقدرات المهمة لدى ألمرأة اللبنانية، وخير مثال يحتذى به أثبتت نجاحها في السياسة كما في التعليم الجامعي كما في إدارة المؤسسات في القطاعين العام والخاص الى جانب إمتلاكها للرؤية والمبادرة مما أهلها ويؤهلها لتكون جزءا فاعلا في مشروع سياسي هي النائب السابق في البرلمان اللبناني، د.غنوة جلول. فبالإضافة الى النيابة، جلول حاصلة على الإجازة في الرياضيات والماجستير بعلوم الكومبيوتر من الجامعة الأميركية في بيروت، وعلى شهادة الدكتوراه في مجال البرمجيات وشبكات الإتصال من إحدى جامعات أستراليا كما كانت أستاذة محاضرة في الجامعة الأميركية في بيروت.

أما اليوم فإن جلول تتبؤأ مركز رئيسة مجلس إدارة أكاديمية "تورش" التي تعمل في مجال المعلوماتية لتطوير البرامج والتطبيقات على الهواتف النقالة وصناعة البرامج المعلوماتية. وللإطلاع أكثر على مسيرة جلول وتفاصيل محطاتها الهامة كان لنا معها هذا اللقاء:

- نرى مؤخراً الإهتمام الكبير بالإقتصاد الرقمي ان كان من قبل "مصرف لبنان" أو الشركات المتخصصة، كيف ترين مستقبل هذا الإقتصاد في لبنان؟

في البداية أرى ان الإقتصاد الرقمي من أهم الإقتصادات لأنه يعتمد على العقل البشري، ونحن في لبنان لدينا عامل الشباب الرائد المتعلّم والخلاق، والدليل على ذلك هو تفوقه عندما يعطى الفرص خارج بلاده.

الإقتصاد الرقمي يعتمد في الأساس على خريجي إختصاص الـ"Computer Science" والإختصاصات المتعلقة به لأن مهمته بناء برامج معلوماتية حديثة كالتطبيقات في المجالات المختلفة من الزراعة، التأمين والرياضة وغيرها، الأمر الذي يتطلب أيضاً خريجين من هذه المجالات، بالإضافة الى أننا بحاجة الى خريجي إدارة الأعمال والتسويق. لذلك، إن أهمية الإقتصاد الرقمي ليست فقط الإنعاش أو خلق فرص العمل بل بأنه يتطلّب مشاركة كافة الإختصاصات الجامعية.

وفي لبنان، لدينا الجهوزية الكاملة لهذا الإقتصاد. وما قام به مصرف لبنان بقيادة "سعادة الحاكم" هو أمرٌ مهم جداً بالقرار 331 الذي ألزم (الى حدٍّ ما) المصارف بالإستثمار في الإقتصاد الرقمي، وخلقت الصناديق الداعمة نتيجة هذا الإستثمار.

بمجرّد التشجيع الذي قام به مصرف لبنان بدأ الناس والمستثمرون يفكرون بهذا المجال وأهمية الإستثمار فيه.

- كيف تنظرين الى مستقبل الإقتصاد الرقمي في لبنان هل ترين سيشكل نسبة مهمة من الناتج المحلي؟

بالتأكيد. وخاصة أن الشباب انغمس جداً في هذا المجال، وبات هناك وفرة في فرص العمل. نحن في "Torch" نقوم بتدريب خريجي الجامعات الجدد لمدة 14 أسبوعا حتى يصبحوا قادرين على تحويل أفكارهم الى تطبيقات وتطويرها، بعد ذلك نساعدهم على إيجاد فرص العمل وبرواتب جيدة جداً.

نحن نأخذ بأيدي الشاب والشابة اللبنانية بعد التخرج والتدرب لدينا ونضعهم على خريطة اقتصادية مهمة وواعدة، وأملنا قوي بأن يأتي هذا الإقتصاد بدخل مميز للإقتصاد اللبناني.

- نعلم ان السوق اللبناني صغير، هل تهيئون المتدربين لديكم على تطوير منتجهم ليلاءم مع ألأسواق في الخارج؟

مهمتنا الأساسية في "Torch" هي التدريب يمكن للراغبين التسجيل عبر موقع torch. academy وitslebanon.org وخلال هذا التدريب مدته 14 أسبوع نضع الشباب في الجو العام الذي ينشأ في الإقتصاد ونشجعهم على إطلاق أفكارهم والإبداع، وكلما كانت هذه الأفكار جديدة فإنها ستنطلق في لبنان ولكنها ستكون قابلة للتسويق في دول المنطقة والعالم أيضاً. التطبيقات موجودة على الإنترنت المتوفر في كافة انحاء العالم.

*خدمة الإنترنت في لبنان ببطئها وكلفتها العالية تشكل عبئاً على الإقتصاد المعرفي

- ألا يشكل الإنترنت البطيء لدينا عائق أمام نمو هذا الإقتصاد؟

طبعاً، خدمة الإنترنت في لبنان ببطئها وكلفتها العالية تشكل عبئاً على الإقتصاد المعرفي. وما ينقصنا أيضاً هو القوانين والتشريعات سواء كانت تكنولوجيا المعلومات أو حتى القوانين المشجعة للشركات الناشئة والمتعلقة بالضرائب وسهولة التأسيس.

لذلك أرى ان الإنترنت عائق نعم، ولكن هناك رزمة من الخطوات التي يجب اتخاذها.

*التكنولوجيا أخذتني الى مجلس النواب وليس العكس

- نريد أن نحييكي بمناسبة يوم المرأة العالمي، وخاصةً انك تعملين في مجال كان الجميع يعتقد أنه للرجال فقط. ما هي الصعوبات التي واجهتها وهل النيابة سهلت الأمر بالنسبة اليك؟

أولاً أريد تحية كل سيدات لبنان والعالم أيضاً بهذا العيد العالمي. أما بالنيابة فلم تسهّل الأمر بتاتاً بل إني انتقلت الى النيابة لأنني جئت من مجال التكنولوجيا والمعلومات، فإختصاصي هو الريضايات، وأنهيت الدراسات العليا بعلوم الكومبيوتر أما الدكتوراه فكانت في مجال البرمجيات وشبكات الإتصال وكنت أستاذة في الجامعة الأميركية في بيروت وأنا من الأساتذة الذين وضعوا برنامج وماجستير علوم الكومبيوتر في الجامعة الأميركية، فلذلك فمجالي هو الكومبيوتر أصلاً ثم انتقلت الى السياسة. ومنذ ذلك الوقت كنت أرى اهمية هذا الإختصاص للإدارة والتجارة وكان ذلك جزءاً من حملتي الإنتخابية في العام 2000، وكان هناك مشروع لدى الرئيس الحريري بأن أكون وزيرة اتصالات لنتمكن من تنفيذ الأفكار التي كانت مطروحة ولم يحصل الأمر لأسباب عديدة، الا أننا تمكنا من تشكيل لجنة تكنولوجيا المعلومات ووضعت أنا قانون تكنولوجيا المعلومات اللبناني وتمت المصادقة عليه من قبل العديد من اللجان النيابية وتم تقديمه لباريس 3 وخصصوا للبنان مبلغ اعتمادي لتنفيذه لكن لا أعلم ان تقاضيناه أم لا لأن القانون لا يزال في مجلس النواب. باختصار، التكنولوجيا أخذتني الى مجلس النواب.

- كيف تلخصين تجربتك بالنيابة؟ هل أنت راضية عن هذه التجربة؟

أولاً تشرفت بتمثيل بيروت وفي بعض الأوقات كنت أتكلم بالنيابة عن كل اللبنانيين وحاولت التواصل مع الجميع. بالنسبة اليّ أرى أنها تجربة رائعة لكنها لم ترضي طموحي بالعمل في الحقل العام فالكثير من الأمور التي كنا نخطط لها جميعاً توقفت مع اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. كنت أريد العمل على الكثير من الأمور لكن الظروف منعت ذلك.

- هل كنت تفضلين الوزارة على النيابة؟

بالتأكيد، فالوزارة لديها آلة تنفيذية وموازنة، حاولت القيام بالكثير لدى وجودي في اللجان النيابية. في القانون الذي تحدثت عنه أسسنا البنية التحتية القانونية تشمل كافة القوانين من المدنية الى الجزائية والتجارة وغيرها، الجهد الذي بذلناه كان جبّاراً ولو فريق العمل كان أكبر كنا كان أنجزنا ونفّذنا أكثر.

-خلال مسيرتك بأكملها، هل واجهتك صعوبات تتعلّق بكونك امرأة؟

طوال حياتي كنت فتاة مع مجوعة من الشبان، ففي العائلة أنا بنت وحيدة مع 3 أشقاء، أولادي شبان، عندما كنت في الجامعة وعند تحضيري للدكتوراه كنت الوحيدة بين شبان، عندما عدت للتعليم في الجامعة الأميركية أيضاً كنت الدكتورة الوحيدة بين "الدكاترة الرجال"، وفي الإنتخابات النيابية كنت المرشحة الوحيدة بين 18 مرشحاً من الرجال. بالنسبة اليّ كنت أعتبر ان العمل هو ما يفرض عليّ ما أقوم به، وكنت أعمل على أساس موقعي، لكن يمكنني القول ان المرأة تواجه ضغوطاً أكبر.

في الحملة الإنتخابية كنت أكثر من يتعب لأنني ترشحت على اساس سياسي بحت وليس لصلات عائلية، مع احترامي للجميع. كنت صاحبة مشروع، وبيروت لم تكن معتادة على مرشحات لذلك كان عليّ العمل بشكل أكبر لأثبت وجهة نظري وأنجح فأفتح الباب لغيري للإنخراط بالعمل السياسي. وبالعمل في لبنان بشكل عام، ان تكوني امرأة تعملين وتنجحين بالإختراق فهو امرٌ صعب.

- أين ترين موقع المرأة اللبنانية بالنسبة للنساء في المنطقة والعالم؟ وما رأيك بالكوتا النسائية؟

برأيي المرأة اللبنانية هي سيدة متقدمة وراقية وقديرة سواء كانت عاملة أم لا، بالإشارة الى نسبة التعلّم العالية وتقدمها على الشاب اللبناني في بعض الإختصاصات، أثبتت وجودها في العديد من القطاعات كقطاع التعليم والإعلام والقضاء وغيرها...لكن وجودها لايزال ضعيفا في مجال الأعمال بالقطاع الخاص مع العلم انه يمكنها ان تبرع. اما بالعمل السياسي فأعتبر ان المرأة غير موجودة.

أما الكوتا فأنا ضدها لأنها نوع من التمييز فهي تعني"لست جيدة كفايةً لتصلي"، لكن في لبنان نحتاج الى كوتا مرحلية وليس بالترشيح بل بمقاعد المجلس النيابي.

- ما هي حظوظ السيدات بالدخول الى البرلمان، خاصة في ظل هذا التنافس الكبير بين الرجال؟

لأتكلم عن تجربتي، قلت لك أني قمت بمعركة انتخابية وصوّت الرجال لي تماماً كالنساء، فالرجل اذا اقتنع بالمرأة يدعمها، تماماً كما تدعم المرأة المرأة الأخرى بخلاف ألأعتقاد السائد.

- ما هي المزايا الأهم في شخصية المرأة لتحقق النجاح في مجلس النواب ؟

العلم مهم جداً، كما يجب ان يكون لديها مشروع تعمل عليه وإلا لماذا الدخول الى مجلس النواب؟ ويجب ان لا تنسى ان عملها تشريعي وسياسي.

- ما هو طموح غنوة جلول اليوم؟

أنا حالياً سعيدة جداً بما أقوم به لأن القطاع الخاص في لبنان الى تقدم ويعطيكي حرية الحركة والقرار، كما أني سعيدة بتحول الشابات والشبان الذين يأتون الى "Torch" ويتحولون بقدراتهم ومواهبهم، وأطمح الى تطوير هذا المبدأ لنتمكن من خلق ثقة في منطقتنا والعالم.

أما العمل السياسي فهو عمل مهم لإيصال الأفكار والعمل على تنفيذها ولكن لا أفكر فيه حالياً لكن طبعا تبقى ألأمور رهن الظروف.