هي حريصة على عملها، وتتمتع بمصداقية كفيلة بجعل الناس يستمرون بالتعامل معها. هي متفاعلة وصاحبة أفكار وتطلعات واسعة تتخطى حدود الوطن. هي امرأة عملية جداً، ولا ترضى إلا بالأفضل.

أثبتت سمية مرعي جودة المنتجات التي تقدمها على مدى ثلاث سنوات، فتمكنت من إيصال شركتها الطرابلسية إلى عدد كبير من المتاجر، والمحلات الكبرى، والصيدليات، والمطاعم، والمقاهي في مختلف المناطق اللبنانية.

كان لـ"الإقتصاد" لقاء خاص مع مؤسسة "Bread Basket – Wheat Free Bakery"، سمية مرعي، للحديث عن بداياتها المهنية، وعوامل نجاح منتجاتها، بالإضافة إلى رؤيتها لواقع المرأة اللبنانية في سوق العمل.

من هي سمية مرعي؟

أنا تربيت في منطقة الكورة في طرابلس، وفي عمر السادسة عشرة حصلت على منحة لإكمال دراستي في الولايات المتحدة، حيث بقيت لمدة سنتين، قبل الإنتقال للعمل في ألمانيا.

وبعد ذلك، أكملت تعليمي الجامعي في مونتريال في كندا، حيث تخصصت في مجال علم الإجتماع. وخلال تلك الفترة، تأثرت كثيراً بإقتصاديات الغذاء، واهتميت بالمعيشة المستدامة والحياة الصحية. ومن ثم حصلت على شهادة في إدارة الأعمال، وعملت في شركة في كندا لإنتاج المكسرات العضوية والفواكه المجففة العضوية وتصديرها، وفي متجر للحلويات.

كيف قررت تأسيس "Bread Basket – Wheat Free Bakery"؟

عدت إلى لبنان في العام 2013، وكان والدي قد بدأ بالفكرة الأساسية للمشروع، وأنا بدوري عملت على تطوير الأعمال؛ وبالتالي كان هناك فكرة أولية، فأخذتها وعملت على تطويرها، حتى باتت اليوم تُعرف بـ"Bread Basket – Wheat Free Bakery".

ونحن نصنّع الوجبات الخفيفة الصحية، والكعك الصحي، والمعمول، والمخبوزات، وألواح الطاقة، ونوزعها على المتاجر المنتشرة في المناطق اللبنانية كافة. وبدأنا مؤخراً بتصدير منتجاتنا إلى خارج لبنان.

هل كنت لتنخرطي في هذا المجال لو لم يبدأ والدك بالفكرة الأساسية؟

عندما عدت إلى لبنان كنت أعتزم الإنطلاق في بيع المأكولات الصحية، وكانت الفكرة الأساسية موجودة ولكن بطريقة بسيطة، لذلك تبنّيتها، ورسمتها، وصقلتها، وعملت على تطويرها. وبالتالي لم يكن هناك شركة واقعية على الأرض، قبل أن أستلم العمل.

ولا بد من الاشارة إلى أنني لطالما كنت أطمح بتحقيق إنجاز على صعيد الأطعمة الصحية، ولهذا السبب عدت من كندا إلى لبنان.

ما هي البلدان التي تمكنت من إيصال "Bread Basket – Wheat Free Bakery" اليها؟

نصدر منتجاتنا اليوم إلى الكويت، وقطر، والبحرين.

ما الذي أسهم برأيك في نجاح مشروعك وشركتك؟

أعتقد أن نجاح المشروع هو بسبب طموحي الشخصي، وإيماني بفكرتي. ولقد عرفت من البداية أن شركتي ستتطور وتتوسع بسبب الطلب الكبير الموجود في الأسواق اليوم على الطعام الصحي والخالي من القمح والتلوين الإصطناعي والمواد الكيميائية. فـ"Bread Basket – Wheat Free Bakery" هو مخبز صحي 100%، ومن ضمن مجموعة المنتجات التي نقدمها لدينا المخبوزات الخالية من القمح، والخالية من الغلوتين، والعضوية. وبالتالي نحن بمثابة مظلة لكل ما هو صحي في لبنان، لأننا ننتج، ونوضب، ونوزع.

هل من منافس لـ"Bread Basket – Wheat Free Bakery" في لبنان اليوم؟

بعض الشركات الكبيرة بدأت بتقديم المنتجات الخالية من القمح، لكنني أعتقد أن ما يميزني من غيري هو أن شركتي شخصية وخاصة، ونحن مؤمنون 100% بالعمل الذي نقوم به. كما أننا نتواصل دائما مع الزبائن، ولقد أطلقنا مؤخراً لوح الطاقة "taqa bar"، المصنوع من الفواكه المجففة والمكسرات، وبالتالي أصبحنا أول من يقدم ألواح الطاقة الطبيعية في لبنان، ولا يوجد منافس لنا في هذا المجال.

على الصعيد الشخصي ما هي برأيك الصفات التي ساعدتك على النجاح؟

أنا أمارس الركض والسباحة بشكل دائم، مما يساعدني على تخطي الضغوط. ومن ناحية أخرى، تلقيت التشجيع والمساعدة من العائلة والأصدقاء، لأن العمل على مشروع خاص ليس بالأمر السهل، بل يتطلب مسؤولية كبيرة، والكثير من الصبر.

فأنا كنت في عمر الخامسة والعشرين عندما أطلقت هذا العمل، واليوم بعد حوالى 3 سنوات، فرحت كثيراً بالتطور الذي حققناه، وبدأت أعتبر أنني أمتلك عملا تجاريا 100%؛ فمنذ حوالى سنتين كنت أبيع الكعك، أما اليوم فأنا أدير شركة، وبالتالي تغيرت وتطورت كشخص وكامرأة عاملة.

من ناحية أخرى، أنا لست خجولة، وإذا صادفت أمراً لا أعرف عنه شيئا، أتصل بأحد الأشخاص لكي أسأل وأتعلم، لأن لا أحد يتحلى بالمعرفة الكاملة.

ما هي الصعوبات التي تواجهك في عملك؟

المعمل موجود في الشمال في حين أن غالبية الأسواق موجودة في بيروت، وبالتالي نواجه مشكلة زحمة سير، التي تؤثر كثيراً على سير العمل.

كما أن هناك العديد من العوائق التي تواجهها الشركات الناشئة التي تسعى إلى التوسع في لبنان، وأهمها غياب الدعم من الدولة. ولقد حصلت مؤخراً على دعم مادي، لكي أتمكن من التطور والتوسع والإنتقال إلى المرحلة المقبلة.

ما هي مشاريعك المستقبلية على الصعيد المهني؟

أنا أركز كثيراً في الوقت الحاضر على موضوع التصدير، كما أسعى إلى تغيير التعبئة والتغليف والتصنيف، لذلك سوف يتغير شكل المنتجات، في نهاية شهر آذار الحالي.

من جهة أخرى، نسعى إلى افتتاح مكتب ومتجر في شارع باستور في منطقة الجميزة في بيروت، وهو عبارة عن مكان يتيح للزبائن التوجه إلينا للتحدث معنا والتعرف إلى شركتنا، كما أنه بمثابة مركبة للتسويق، بالإضافة إلى كونه متجراً.

كما نسعى للتوسع إلى المزيد من الأسواق الإقليمية، ومن خلال هذه الخطوة سأتمكن من منافسة العلامات التجارية العالمية.

كيف عملت على تحقيق التوازن بين حياتك الخاصة وعملك؟

كل شخص سيقصر في مكان ما، عندما يبدأ بتأسيس عمله، سواء أكان رجلا أم امرأة، لأنه سيكون مضطراَ إلى العطاء بشكل كبير، من أجل إحياء هذا المشروع.

كما أنه لا يمكن تعلم إدارة الأعمال على الورق، بل من خلال التجربة والخبرة.

من قدم لك الدعم الأكبر في مسيرتك المهنية؟

حصلت على الدعم المعنوي من صديقتي مونيكا برباري التي طالما وقفت إلى جانبي، ولولاها لما تمكنت من النجاح، لأنها بقيت صديقة وفية طوال الطريق.

كما أن عائلتي وقفت إلى جانبي طوال الوقت أيضاً، بالإضافة إلى أصدقائي الذين لطالما آمنوا بالرسالة التى أسعى إلى إيصالها، وزبائني الذين يرسلون دائما التعليقات والأصداء الايجابية؛ فهذا الإطراء يشعرني بالفرح ويدفعني إلى الإستمرار والتقدم.

بشكل عام، ما رأيك بالتقدم الحاصل على صعيد حقوق المرأة في لبنان؟

هناك العديد من القوانين المحجفة بحق المرأة، ونتمنى أن نرى المزيد من النساء في البرلمان لكي نشهد على التغيير، لأن كل شيء بحاجة إلى التطور والتجديد. فالشركات الناجحة هي التي تبقى دوماً في إطار الابتكار، وتحاول بشكل مستمر تحسين خدماتها.

كيف تقيمين حالة المرأة في سوق العمل اللبناني؟ هل تفاجأت بوضعها بالمقارنة مع كندا مثلا؟

لا يمكن مقارنة لبنان مع كندا، لأن مجتمعنا بالأساس عربي وذكوري وشرقي. لكن إذا نظرنا إلى العاصمة بيروت، نرى أن المرأة موجودة بشكل كبير.

لكن لا بد من القول أن لبنان يتيح فرص العمل لجميع الأشخاص، وهو لا يعتبر بلداً يفرق بين المرأة والرجل، بل يقدم الفرص المستاوية للجميع. ولكن النجاح يكون بحسب طموح الشخص وطريقة تعامله وجرأته ومباردته. وطموحي يتمثل في تحقيق جميع أهدافي، لذلك أثابر دوماً في العمل، لأنني لا أزال في بداية الطريق ولم أصل إلى المكان الذي صورته لنفسي.

ما هي الرسالة التي تحبين توجيهها إلى المرأة؟

لدينا إقتصاد لا يزال في حالة من الترقب والإنتظار، وأنا أرى أن المرأة ناجحة في العديد من المجالات في لبنان، لذلك لا يجب أن تنتظر لكي تبادر وتحقق الفكرة التي تؤمن بها. كما عليها أن تكد بالعمل، وتتحلى بالمسؤولية، وتكون صبورة ومقتنعة بما تقوم به، ولا تستسلم أبداً. فإذا كان الإنسان منفتحاً على الأفكار والمعارف المختلفة، سيعثر حتماً على طريقه الصحيح.