هي امرأة مبدعة، تتميز بطابع جميل ورونق راقٍ، وتسعى دوما إلى تقديم الأفكار المفيدة والفريدة من نوعها، فتبهرنا كل فترة بجديدها. مايا شكر متعاونة، حقيقية، شفافة، تهتم بمن تتواصل معه، وتعمل جاهدة لإيصال رؤيتها ورسالتها لنفسها بالدرجة الأولى، ولمتابعيها بالدرجة الثانية، لتؤكد بذلك أن الإستثمار الحقيقي هو في الأفكار.

كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء الخاص مع مؤسسة المدونة الألكترونية "Playing With Fashion" والمهندسة مايا شكر، للحديث عن مسيرتها المهنية، وطموحاتها، ورؤيتها لواقع المرأة في مجال عملها بالتحديد.

أين كانت الإنطلاقة؟ وكيف قررت تأسيس "Playing With Fashion"؟

تخصصت في الهندسة الداخلية، وبدأت بالعمل في هذا المجال منذ حوالى سبع سنوات. هذا بالإضافة إلى عملي في الأزياء والموضة والجمال، من خلال مدونتي الألكترونية وقناتي الخاصة عبر موقع "يوتيوب"، "Playing With Fashion".

أطلقت المدونة في العام 2012، وبدأ الأمر كهواية كنت أمارسها بعد دوام العمل أو أثناء عطلات نهاية الأسبوع. وخلال الفترة التي بدأت فيها، كان عدد المدونين في لبنان خجول، وكانت المدونات الألكترونية تركز على الأزياء الفاخرة والراقية، وليس على الموضة العادية الموجودة في المتاجر العادية، والتي تكون أسعارها بمتناول الجميع.

لذلك أطلقت المدونة، وبدأت بتناول المواضيع المتعلقة بالموضة، قبل الإنتقال إلى مواضيع الجمال، والدروس (tutorials) والتعليقات (reviews). وعندما توسعت في هذه المجالات، أطلقت بالتوازي مع الموقع، قناة خاصة عبر "يوتيوب".

ولا بد من الإشارة إلى أن تركيزي كبير على هذه القناة، لأنني شعرت أن الناس لا يرغبون بالقراءة كثيراً، أو بالدخول إلى الموقع الالكتروني، بل يحبذون المشاركة المشهدية والكلامية عبر الفيديوهات، لأنهم يكتشفون بهذه الطريقة، شخصية المتحدث أكثر، ويتعلقون بشخصيته وأفكاره ومدونته.

من هم متابعو "Playing With Fashion"؟

الفئة العمرية للمتابعين تنطلق من عمر 24 سنة وحتى عمر 40 سنة. وبالتالي فإن "Playing With Fashion" تتوجه إلى المرأة الشابة العصرية، التي تخرجت من الجامعة، وبدأت بالعمل وبالسعي للتركيز على مسيرتها المهنية، لذلك لا تريد أن تنفق أموالها على الملابس والموضة.

لذلك أعمد إلى تعليم الصرف الصحيح، وليس فقط إقناع الشخص بموضة معينة أو اتجاه معين، وبالتالي أقسّم المواضيع، لكي أقدمها بطريقة ذكية تفيد المرأة الأنيقة والعصرية.

ولا بد من الإشارة إلى أن عالم الموضة والأزياء والجمال ليس أساس هذه الحياة، ولا يمثل الحياة الحقيقية التي نعيشها، لذلك أنصح المرأة بشراء الأشياء الجميلة والمفيدة دون الإفراط بالصرف.

ما الذي يميزك من غيرك من المدونين والعاملين في مجال الموضة والجمال؟

أعتقد أن ميزتي الأساسية تكمن في تركيزي على مساعدة كل شخص على إيجاد أسلوبه الخاص، وليس فقط الإهتمام بالموضة الراقية والملابس والأحذية والإكسسوات وغيرها من الأمور الجديدة.

ومن الأمور الأساسية التي أقدمها عبر المدونة هي كيفية اختيار ثلاثين قطعة من الخزانة لمدة ثلاثين يوماً، ومزجها مع بضعها البعض (mix and match) من أجل الاستفادة من كل الملابس الموجودة.

وبالتالي فإن كل مواضيعي عملية وقابلة للتنفيذ من قبل الجميع، فأنا لا أقنع المشاهدين والمتابعين بالإستمرار بشراء المنتجات، بل أشجعهم على الاستفادة قدر الإمكان من ما هو موجود لديهم.

إلى أي مدى يساعد رأس المال على الإنطلاق والنجاح في مجال المدونات في لبنان؟

المساعدة المادية مهمة للغاية في لبنان، لأن الموضة حالياً هي أن الجميع يريد إطلاق مدونة ألكترونية، ويعتقدون أنه من الأسهل أن يبدأوا بمبلغ كبير من المال.

وفي حالات معينة، يساعد التمويل على الإنطلاق، لكنه لا يكفي، خاصة إذا لم تقدم المدونة فكرة معينة أو رسالة محددة إلى المشاهدين. وبالتالي لن يستمر الموقع إذا لم يحصل على أفكار جديدة ومفيدة. فالتمويل يساعد على وصول الشخص بشكل أسرع إلى مرحلة متقدمة، لكنه ليس الأساس، لأن هناك العديد من الأشخاص الذين نجحوا بفضل أفكارهم وفطنتهم فقط. وبالتالي استفادوا من الفرص وتحملوا المخاطر وعملوا على تنمية خبراتهم.

لذلك يمكن القول إنه مع التمويل، والعمل الجاد والمتواصل، سيصل الإنسان إلى نتيجة أفضل وأسرع.

ما هي الصفات التي ساعدتك على التقدم؟

لطالما كنت شخصاً حقيقياً وشفافاً، وبالتالي لم أكذب يوماً على المتابعين في ما يتعلق بالطريقة التي أعيش فيها. فالمنشورات والمشاركات التي أضعها على المدونة أو عبر "انستغرام" أو "يوتيوب"، تمثل حقيقتي. فأنا صريحة وصادقة، خاصة في ما يتعلق بالهدايا التي أتلقاها من الشركات والعلامات التجارية، إذ إنني أسمي الأمور بأسمائها، وأقول بصراحة : سواء كان المنشور إعلانا لهذه العلامة التجارية، أم منشوراً شخصياً، فهو يعبر عن رأيي الخاص. لكن للأسف فالمدونات في لبنان لا تقوم بهذا الأمر، في حين أن المدونات في الخارج مجبرة على ذكر ما إذا كان منشورها مدفوع ثمنه أم لا، وبهذه الطريقة تتعزز الثقة ما بين المدوّن والمتابعين أو المشاهدين، لأنهم الأساس وبدونهم لن تستمر المدونة. وبالتالي عندما أبني هذه العلاقة الصادقة معهم، سيصدقون دائما ما أقوله لهم، وسيعلمون أنني لن أحتال عليهم أبداً.

ما هي طموحاتك المهنية المستقبلية؟

على الصعيد المهني، ليست المدونة أساس عملي، فأنا هدفي بالطبع هو افتتاح مكتبي الخاص لاستلام المشاريع الهندسية.

وفي الوقت ذاته سأركز على "يوتيوب"، لأنه ليس لدينا في لبنان الكثير من القنوات والفيديوهات، لذلك أحاول إظهار إبداع وابتكار الأشخاص العاديين، وذلك بطريقة جديدة على المجتمع اللبناني وعلى العالم العربي.

وبالتالي أحاول دائما التغيير في طريقة التصوير والكلام، من أجل تقديم المادة بطريقة أفضل. كما أن مدونتي باللغة الانكليزية، لكن القناة على "يوتيوب" هي باللغة العربية، ولقد تلقيت العديد من الإنتقادات حيال هذا الموضوع، لكنني مصرة على التكلم بلغتي الأم، العربية.

ومن الأفضل أن نظهر أننا نتكلم في لبنان بلغتنا، ولا يجب أن نخجل من هذا الأمر.

كيف تعملين على تحقيق التوازن بين حياتك الخاصة وعملك؟

أحاول قدر الإمكان أن لا أضغط على نفسي، ولا أحاول القيام بأمور مستحيلة. ففي الماضي، كنت أقدم يومياً منشوراً جديداً على المدونة أو عبر "يوتيوب"، لكنني حفضت حالياً وتيرة النشر، لأنني استنتجت أن الموضوع لا يتعلق بالكمية بل بالنوعية. وبالتالي أضع على المدونة في الوقت الحاضر منشورين أسبوعياً ، وفيديو واحداً على "يوتيوب".

ولا بد من الاشارة إلى أنني لم أتراجع من ناحية المتابعة، بل على العكس هذا الأمر أعطى ردود فعل إيجابية، لأنني أسعى إلى اتباع معايير معينة في ما يتعلق بالمواضيع المختارة، لكي أحدد الأفكار بشكل دقيق أكثر.

لكنني لا أكرس حياتي بأكملها للمدونة أو لوسائل التواصل الاجتماعي، فهي جزء مني، لكنها ليست الأساس. وبالتالي أعطي تركيزي الكامل لعملي في الهندسة، ولمنزلي وأصدقائي.

هل تلقيت الدعم من زوجك في مسيرتك المهنية؟

طبعا، إن زوجي يتميز أيضا بحسّ فنّي، ويعمل في مجال الهندسة، ويحب التصوير الفوتوغرافي والسينمائي، وبالتالي يساعدني في الأمور كافة.

وهذا الواقع يشجعني أكثر على الاستمرار، لأنني أتشارك حياتي مع شخص يفهم شغفي ويدفعني دائما الى تقديم الأفضل؛ فهو لا يقبل أن أقدم نوعية أقل من ما أستطيع عليه، كما أنه جزء من مدونتي، بسبب تأثيره الكبير عليّ.

كيف تقيمين وضع المرأة اللبنانية في أيامنا هذه؟

في مجال عملي، بات للمرأة دور أكبر في الفترة الأخيرة، ولكن لا يمكن القول إنها أصبحت تتساوى بشكل كامل مع الرجل؛ إذ إن كلمتها لا تزال غير مسموعة في بعض الأحيان.

وهناك العديد من النساء اللواتي يقدمن الأفكار والمشاريع الضخمة والرائعة، لكنني أشعر دائما بالقليل من التردد في خطوات المرأة، بسبب بعض العوائق التي قد تواجهها أحيانا، لكن أعتقد أن الأمور ستتحسن مع مرور الأيام.

تظهر المرأة من الناحية الفنية بقوة، وتلمع في مجالات عدة مثل التصميم، والتصوير، والرسم، والتصميم الغرافيكي، وغيرها...

ما هي نصيحة مايا شكر إلى المرأة؟

أنصح المرأة أن لا تتخلى عن أحلامها أبدا، بل عليها محاولة تحقيقها دائماً. وإذا وجدت الشخص الذي تريد قضاء بقية حياتها معه، عليها أن لا تتخلى عن طموحاتها وتوقف حياتها.

من ناحية أخرى، لا يجب أن تكون كل امرأة مثل غيرها، فهناك نساء يفضلن البقاء في المنزل والعمل كربات منزل، في حين أن هناك نساء يحبذن الخروج إلى سوق العمل والإهتمام بمسيرتهن المهنية، وبالتالي فإن الحياة خيار وحرية، والمهم أن يكون الإنسان سعيد في ما يقوم به في الحياة، مهما كان هذا الأمر.