افتتح وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان منتدى "تمكين المرأة في القطاع المصرفي والمالي العربي" الذي ينظمه "الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب"، بالتعاون مع "هيئات المجتمع المدني اللبناني والعربي" و"منظمة المرأة العربية" التابعة لجامعة الدول العربية، في المقر العام لاتحاد الغرف العربية - مبنى نان القصار للاقتصاد العربي، وذلك بحضور رئيس اتحاد الغرف العربية نائل رجا الكباريتي، والمدير العام لمنظمة المرأة العربية السفيرة ميرفت تلاوي، و"مديرة البروتوكول في وزارة الخارجية اللبنانية" ميرا الضاهر، و"رئيس الهيئات الإقتصادية اللبنانية" عدنان القصار، و"رئيس جمعية المصارف اللبنانية" جوزف طربيه، وحشد من ممثلي المنظمات العربية واللبنانية المعنية.

وأعلن أوغاسابيان في كلمته أنه "تعين وزيرا في خمس حكومات، ولكنه لم يشعر في أي مرة أن المسألة مسألة تحد، لكن رئيس الحكومة سعد الحريري أكرمه بتعيينه وزيرا لشؤون المرأة، "وهذا شرف وحلم وتحد". وتابع: "بات هذا التحدي تحديا يوميا وبخاصة في ضوء ما أشهده في هكذا لقاءات من سيدات لديهن إنجازات ونجاحات كبيرة في أكثر من قطاع مصرفي وفي القطاع الخاص. وعندما تسلمت الوزارة لم يكن هناك شيء في يدي. لم تكن هناك وزارة أو موظفون أو موازنة. ولكن الإتصالات تتالت علي من اليوم الأول من الجمعيات النسائية التي أطلعتني على ما لديها من برامج وطروحات ورؤيا استراتيجية. وقد كان لهذا الأمر الأثر الإيجابي الفعال ما جعلني أصمم على ضرورة إنجاز وزارة".

وقال: "تمكنت في فترة شهرين من إنشاء وزارة تتطلب سنوات لبنائها، وهي مجهزة على غرار وزارات منشأة منذ سنوات كثيرة. وبات لدينا وزارة وموازنة وموظفون وموقع إلكتروني وبرنامج موقع مع الـUNDP وبرنامج مقر من قبل مجلس الوزراء. ومما لا شك فيه أن الفضل في ذلك يعود إلى فريق العمل الموجود معي وهو فريق عمل متطوع لم يقبض حتى الآن مستحقات مالية".

وتابع: "أنا مؤمن بالقضية لأنني أعتبر أن المرأة اللبنانية والعربية ثروة وعلينا كمؤسسات رسمية أن نستفيد من هذه الثروة وإلا فإن البلد والمجتمع سيخسرانها. فعندما نطالب بالكوتا النسائية أو بوجود المرأة في كل المؤسسات الدستورية ومجالس الإدارة وغيرها، فالمسألة ليست ترفا أو أمرا شكليا، بل إننا نطالب بالموضوع لأن الإدارة في حاجة إلى نجاحات المرأة وخبراتها لتحسين العمل في الإدارة كقيمة إضافية لأن لا يجوز عدم استغلال هذه الطاقات في القطاع العام".

ولفت إلى انه رفع خلال أسبوع إلى مجلس الوزراء، "خمسة مشاريع قوانين بالتزامن مع تكثيف التواصل مع وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات والجمعيات على أنواعها، ونحن على استعداد للتعاون لتحقيق مجتمع أفضل". وختم أوغاسابيان: "أنا إلى جانب المرأة وهذه قضيتي ليس فقط من أجلها، بل من أجل تطوير وتحسين وازدهار المجتمع ومن أجل لبنان أقوى".

وأعلن طربيه من جهته أن "النساء يشكلن أكثر من نصف سكان العالم، إلا أنهن لا يمتلكن سوى واحد في المئة من ثرواته، ويحصلن على 10 في المئة من دخله، ولا يشغلن سوى 14 في المئة من مناصبه القيادية في القطاعين العام والخاص على حد سواء". وأضاف أن "الدول العربية تقع في أسفل الفجوة العالمية بين الجنسين، حيث تواجه المرأة في معظم هذه الدول حواجز يتعذّر تجاوزها، وتمييزاً وعقبات قانونية وتنظيمية وإفتقار للفرص الإقتصادية، وظروف عمل صعبة، وغيابا للدعم المؤسسي والمجتمعي اللازم للإستفادة من طاقاتها في الحياة الإقتصادية والعامة، حيث أن نسبة النساء من القوى العاملة في العالم العربي لا تتجاوز الـ 24%".

ولفت طربيه إلى أن "اتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب يهدفان من هذا الملتقى والملتقيات اللاحقة إلى تكريس مساهمة المرأة إسهاما كاملا في الحياة الإقتصادية عبر القطاعات كافة، ويعتبران أن تمكين المرأة شأن حيوي من أجل بناء إقتصادات قوية، وإقامة مجتمعات أكثر إستقرارا، وإلى دمج مواهب المرأة ومهاراتها وخبراتها. يقتضي منا كل الجهد لتغيير المفاهيم التقليدية والعمل على المساواة بين الجنسين، في مكان العمل وفي السوق الإقتصادية، وفي المجتمع".

وقال: "نسعى إلى تحويل البيئة الإقتصادية بيئة حاضنة ومشجعة للمرأة في ظل إبتكار قوانين وتحفيزات تشجع إنخراط المرأة الفعال في الدوره الإقتصادية، بإعتبارها عنصرا إقتصاديا أساسيا وناشطا ومساهما في إرتفاع الناتج المحلي (GDP)، وتتمتع بإستقلالية إقتصادية. ولهذه الغاية، فإن هذا الملتقى يشكل إنطلاقة لمجموعة عمل جديدة، تحت مسمى "تمكين المرأة في القطاع المالي والمصرفي"، تضاف إلى مجموعات العمل المهنية المتخصصة التي تعتبر العصب الأساسي للإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، والتي تضم في كل منها مدراء من مختلف مصارف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بهدف التواصل وتبادل المعلومات والتقنيات".

ومن ثم تحدثت الضاهر مشيرة إلى أنها تخالف كل التوجه في التحدث عن المرأة "وكأنها فصيل إنساني مختلف عن الآخر، وأنها في حاجة الى اجراءات خاصة بها لتمكينها في أي مجال في الحياة العامة". وأضافت أن المرأة "إنسان" وهي كائن لا يقل بمواصفاته عن الرجل. وأبدت اعتقادها بأن "العامل الأهم المحرك للتطور الإجتماعي يكمن في تعديل قوانين الأحوال الشخصية وقوانين التجارة والعمل لتضمنها الكثير من الإجحاف في حق المرأة ولتمييز حقوقها عن الرجل". ورأت أن المطلوب للتمكين هو "المساواة في فرص التعليم والدعم الأولي لأي مشروع مطلوب تحقيقه. أضافت الضاهر أن التغيير الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا بجهود المرأة نفسها وإيمانها بذاتها وبقدراتها".

من جهته لفت القصار إلى أنه كرئيس لمجموعة "فرنسبنك"، يستطيع التأكيد أن المرأة هي من تمكن القطاع المالي والمصرفي في لبنان كونها تلعب دورا محوريا في نجاح قطاعات الأعمال والخدمات. وأضاف أن انطلاقا من أن القيادة البناءة والفاعلة وإظهار أمثلة حية عنها، هي الطريق الأفضل للقيادة، حرص في فرنسبنك على "أن يكون رائدا في دعم المسؤولية المجتمعية في كل أسواق العمل. وقد أصبحنا نموذجا يحتذى به للمؤسسات العاملة في القطاعين الخاص والمصرفي بالنسبة الى دعم المسؤولية المجتمعية في بلدنا".

أضاف أنه "تشرف بتكريمه من مدير "منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية" Li Yong نظرا الى جهوده المتواصلة "لتمكين المرأة ودعم الشباب"، مضيفا أن "فرنسبنك يقيم توازنا بنسبة 50 في المئة لكل من الجنسين في وظائفهم وأعمالهم والنساء هن جزء اساسي من نجاح المصرف ويتبوأن مناصب إدارية عالية بنسبة 46 في المئة في الفروع". وختم: "تمكين المرأة يكون بإعطائها فرصة مساوية للفرصة المعطاة للرجل وليس بتمييزها عنه".

كذلك لفتت تلاوي إلى أن "التمكين في المجال الإقتصادي لا يعني فحسب إدخال المرأة إلى سوق العمل، وإنما يرتبط بأمور أخرى مثل شروط دخولها السوق، ونوع العمل والإطار القانوني الناظم لعملها، ودرجة الحماية المتوافرة لها، وقدرة المرأة على تملك الأصول والتصرف فيها، ومدى المساواة بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات".

وشددت على "ما يجب أن تفعله المؤسسات المالية لدعم المرأة، حيث إن "المرأة في قطاع المصارف والمؤسسات المالية هي سند قوي إنما السؤال: هل إن المصارف تقدم للمرأة كل التسهيلات لتمكينها اقتصاديا؟". وتابعت أن "إحصاءات الأمم المتحدة تشير إلى أن مليار و300 مليون امرأة في العالم ليس لها حساب مصرفي. فهل إن هذا يعني أن تعيد المؤسسات المالية النظر في لوائحها وأنظمتها لتسهل على المرأة أن تكون صاحبة عمل وتحصل على قرض. فإذا لم تكن لديها وظيفة ولم تمتلك الأصول المالية التي تسمح لها بالاقتراض، فكيف تقترض؟".

وسألت تلاوي: "لماذا لا تصبح سيدة رئيسة لمصرف معين، عندما تقضي ثلاثين سنة في هذا المصرف؟. فنحن لا نرى رئيسة مصرف إلا نادرا". ولاحظت أن المرأة "تقوم بأنشطة اقتصادية أساسية ولكن غير مدفوعة الأجر فلا تسجل مساهمتها في الناتج المحلي على غرار المرأة الريفية التي تعمل في الحقل طيلة النهار مع زوجها من دون أن تأخذ أجرا". وختمت أن "الخطأ ليس من المرأة بل من التشريعات وأنظمة الحكومات والمصارف وهذا لا بد أن يتغير بدءا من الفكر الذكوري بخاصة وأن المرأة تعمل كثيرا من دون أن تلقى إنصافا".

وأيد الكباريتي في كلمته "ضرورة ألا تسيطر الثقافة السائدة في المجتمعات العربية على أعمالنا، بل يتم إعطاء فرصة للمرأة لتتساوى مع الرجل". وطالب بإعطاء المرأة حقا كحق الرجل في الحصول على وظيفة تستطيع من خلالها أن تتميز وتظهر براعتها، ليس في عدد الوظائف وإنما في نوعيتها، وهذا هو الطريق الوحيد لتحقيق الإزدهار الإقتصادي والعلمي والاجتماعي".

أما حويك فتقدمت بكلمة شكر من "الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب" الذي قدم لها درعا تكريميا مؤكدة مواصلة جهودها في مجال تمكين المرأة في القطاع المصرفي اللبناني.

======= ر.ح.