شباب اليوم المثابرون هم بناة المستقبل.. شباب اليوم لديهم دوافع كثيرة لتحقيق أحلامهم والرادع..لا أحد!! لا يوقفهم وضع البلد الراهن، ولايفكرون بالتوقف عن التخطيط..يجتهدون للوصول بنجاح وروية إلى غايتهم.

بعد الشهادة الأكاديمية والخبرة لابد من صب جام شغفهم في العمل المناسب!!

هي مشاريع تبدأ صغيرة وتتطور لتدفع العجلة الإقتصادية للبلد، وتسقط اَفة البطالة...يشغلها الجيل الواعي بتفنن وإبداع..يحيك أحلامه بين طياتها وطموحاته بأنامله الشابة لتغدو واقعاً مشرقاً لهم وللأجيال اللاحقة.

كان لـ"الإقتصاد" لقاء خاص مع حسين شمس الدين الذي كشف لنا عن ابرز اسرار مسيرته المهنية.

كيف تصف مسيرتك الأكاديمية وصولاً إلى تأسيسك شركتك الخاصة؟

بدأت هذه المسيرة بدراسة الحقوق في كلية الحقوق -الجامعة اللبنانية-الفرع الفرنسي، وبعد عامين من تلقي الدروس في هذه الكلية، قررت تغيير الإختصاص من الحقوق إلى الإعلام.

لماذا إتخذت هذا القرار؟

نظراً لوضع البلد! فقد مرّ أمامي مثلان غير مشجعين وهما أبوان لصديقاي، "نقشت" مع أحدهما ودخل القضاء، والاَخر عانى قليلاً وبعدها إستغل معارفه ليؤمّن عملاً.. لذلك رأيت أن الطريق طويل وصعب وإذا أراد الشخص أن يكون منتجاً عليه تعديل خياراته، ولن تكون الحقوق خياراً مناسباً لذلك.

إتجهت صوب الإعلام وما حفزني إلى اللجوء إلى هذا الإختصاص هو أن الوالد إعلامي، ولكن ذلك خلق مشكلة بيننا، لأن الإعلام متشعب وعليَّ أن أحسن الإختيار، فقررت أولاً أن أكون صحافياً، ولكنه نصحني عكس ذلك والسبب كان أيضاً...وضع البلد، ولأن العمل في الصحافة متعبٌ وخطرٌ.. فكان الإختصاص الأنسب هو العلاقات العامة والإعلان في الجامعة اللبنانية- الفرع الأول، نلت شهادة الليسانس والاَن أعمل على نيل شهادة الماجستير من جامعة "إيزا".

وخلال دراستي الجامعية قمت بالتدرّب لدى العديد من الشركات، خاصة بعد أن أهدرت سنتين على دراسة الحقوق قررت أن لا أضيع الوقت مرة أخرى.

بدأت بالتدرب في فندق "لوغراي- كامب غراي هوتيل" إلى أن وصلت لأكون مساعداً للمدير وقمت ببناء العلاقات مع الإعلاميين وغيرهم وكل ما له علاقة بالضيافة، إلى أن قررت أن لا أكون موظفاً بعدها!!

متى وكيف أنشأت عملك الخاص ألا وهو شركة "بي كرييتف"؟

منذ أربع سنوات قررت أنه يجب أن أؤسس عملاً ما، وبعد أن كونت الخبرة اللازمة بدأت بالبحث عن عمل، ورغم التدريبات التي خضعت لها، والوظائف التي شغلتها؛ إلا أنني كنت أنتهز أي فرصة تظهر أمامي، فبالنهاية أنا لا زلت خريجاً جامعياً حديثاً وأحتاج إلى خوض غمار مجال الأعمال أكثر وبناء المزيد من العلاقات. فكنت أرضى بما يقدم لي من راتب شهري رغم أن ذلك لم يكن كافياً، فكما نعلم أننا في بلد فيه حد متدنٍ من الأجور..وهنا قررت أن أخوض التجربة، فالمخاطرة في عمر شاب شيء ممتع وفيه شغف، بالإضافة إلى أن الإنسان عليه أن يخاطر لكي يصل.

وكانت ولادة "بي كرييتف" في بدارو وهي شركة إعلانات، بدأنا العمل في السوق قبل أن نؤسس المكتب!!

هل جمعت رأس مال الشركة بنفسك، أم احتجت إلى الإقتراض؟

رغم أن مصرف لبنان قد وفر قرضاً للشركات الصغيرة المبتدئة، إلا أنني فكرت ورأيت أنه من غير المجدي أن يبدأ الإنسان بالإستدانة في أول المشروع..لربما سينعكس ذلك عليه سلباً، وسيقضى عمره بسد الديون وفوائدها.

وهنا من المفيد أن يأخذ الشخص المخاطرة التي تضمن له أن يكون مرتاحاً في عمله، فنحن على دراية بما تسببه القروض من ضغوط مادية ومعنوية.

لذلك كنت قد جمعت البعض من المال آنفاً ولم يخلُ الأمر من مساعدات عائلية لتأسيس هذه الشركة.

-كيف بدأت بتنفيذ العمل؟

أول زبون كان شيئاً خيالياً لنا لأننا تمكنا من تأمين مكتب ولكنه ليس شركة!

وكنت أجول على الزبائن بنفسي... ولكن على سبيل الطرفة طلب الزيون الأول أن يزور المكتب فقمنا أنا ورفاقي بتأمين معدات المكتب وتجهيزة وهمياً واضطررت لأن أقول إنهم موظفون في الشركة وبالفعل انشغلوا هم بالعمل خلال زيارة الزبون..ولكن لاحقاً وبعد إتمام الصفقة أخبرته بأننا قمنا بتحضير ذلك، وأن المكتب كان متواضعاً وخالياً من الموظفين الحقيقين ونحن بصدد تأسيس الشركة، وقد انعكس ذلك إيجاباً، وشكل لديه حافزاً أكبر للعمل معنا واعتبر أنه أمر مضحك.

بالطبع هذه مخاطرة كبير ولكن "الرزق على الله وعلينا أن نسعى"!!

هناك مقولة أؤمن بها وأعتبر أنه هناك رجل على سفح جبل وعليه أن يقفز، يحاول أن يفتح المظلة ولا تفتح في المرة الأولى والثانية، ولكن عليه أن يكمل الطريق وستفتح وسيحلق مرتاحاً واَمناً، فالإنسان سيحارب وسيفشل وسيخسر زبائنه..ولكن عليه أن يتابع الطريق لأنها هذه هي طبيعة الحال.

بالعودة إلى "بي كرييتف" وصلنا إلى الذروة وحققنا أرباحاً وكسبنا زبائن، ولكن بما أن معظمهم من دول الخليج فقد تقلص العمل إلى حد ما في الفترة الأخيرة نظراً إلى الأوضاع الإقتصادية الراهنة.

كيف تابعت الطريق؟

فعلياً أنا أستغل هذه الفترة لتطوير ذاتي مهنياً، تقدمت بطلب توظيف في مجال الضيافة في فندق "لوغراي"، وهو أكثر مجال يعجبني ويحمسني، والأهم من ذلك هو عندما نجد أشخاص مهتمين بحياتنا المهنية، يدفعوننا دائماً نحو الأفضل.

فيعود الفضل إلى مسؤولة العلاقات العامة والتي ترفعت حالياً لتشغل مسؤولية التواصل المباشر ريتا سعد، وهي التي علمتني كل ما أعرفه اليوم.

بالنسبة لك، وطبعاً بعد خوضك التجربة وتكوين الخبرة..أيهما أهم، الشهادة الجامعية أم الخبرة؟

في هذا الإختصاص الخبرة طبعاً أهم من الشهادة الجامعية.

في المقابل، أيهما أهم الخبرة أم رأس المال؟

رأس المال ضرورة بالفعل، ولكن إذا أخذنا كمثال شركتي "اَبل" و"سامسونغ" وفي المقابل أربع شبان داخل مراَب صغير، أنا أجزم أنه يمكن للشبان كسر الشركتين في حال إخترعا شيئاً مهماً وجديداً. فإذاً القصة لها علاقة بالخبرة ورأس المال والشهادة، ولكن في الطليعة الخبرة هي الأهم.

وفي مجال الإعلام أو الأعمال، فالشخص الناجح - بغض النظر عن دراسته - سيكون ناجحاً إذا كانت لديه الشخصية المناسبة لهذا المجال. فالشخص الذي لديه مليارات الدولارات إذا لم يعرف كيف يصرفها سيكون قد غرق دون أن يدري، ومن لديه الشخصية المناسبة ولا يملك المال سينجح بالتأكيد.

ما هي المبادىء التي تتبعها في عملك؟

المهارات تجذب الأشخاص من خلال الحديث وكيفية التعامل معهم، فاللسان سيف ذو حدين علينا أن نحسن استخدامه.

الصدق دون شك هو أمر جوهري، علينا أن نصونه حتى لو اضطررنا إلى أن نستعين ببعض الأكاذيب البيضاء التي تفيدنا في عملنا وتدفعنا ولكن دون المبالغة ودون أن نبني أساس العمل على الكذب.

من هو مثلك الأعلى في الحياة؟

هناك شخصية تاريخية أستقى منها العبر..

كان معروفاً عنه أنه زاهد بين البشر لا تهمه المظاهر مع أنه كان يرتدي أغلى الملابس الحريرية والذهب وما يظهر عليه هو أنه يخبىء قدره مالية ضخمة، وقد سُئل في إحدى المرات "يقال عنك إنك زهيد ولا يعنيك المال، ولكن ما تظهره عكس ذلك!"

عندها خلع الرداء الحريري وكان يرتدي تحته أقمشه ممزقة..أعطاهم الرداء الثمين وقال لهم "هذا لكم"..وأشار إلى ثوبه الممزق وقال "هذا لي"!!

وبرر أن الناس عادةً ما تهتم بالمظاهر وهو قد قرر أن يريهم أنه قادر على جذبهم من خلال مظهره الحسن.

فالشخص عليه أن يهتم بمظهره حتى يأخذه الناس على محمل الجد ليكمل الصفقة.

"أنا على يقين أنني أعرف من أنا فأقنع الاَخرين بقدراتي"!

ما هي الكلمة التي توجهها لشباب جيلك وخاصة أولئك المقبلين على تأسيس عملهم الخاص؟

خذوا المخاطرة وابتعدوا عن الخوف..علينا أن نقفز والنجاح هو النتيجة.

إعملوا بصدق وأمانه...لا تهينوا أحد..لا تكذبوا..تواضعوا حتى لو وصلتم إلى القمة...تعلموا مهارات الكلام..

ضعوا النجاح هدفاً أمامكم واسعوا لتحقيقة.

طبعاً الوظيفة جيدة واَمنة ولا شك بذلك ولكن على الشاب أن يؤمّن عملاً رديفاً يحقق أحلامه من خلاله.