فشل الاقتصاد اللبناني في تحقيق مكاسب اضافية في الشهر الثاني من السنة على غرار ما حققه في الشهر الاول مستفيداً من التوافق على انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة استعادة الثقة. وعلى ما يبدو ان الاقتصاد واجه في شهر شباط الجاري نتائج تعثّر التوافق على قانون جديد للانتخابات النيابية، الأمر الذي أعاده إلى مربّع عدم اليقين. وفي هذا السياق، استهل القطاع العقاري اللبناني العام 2017 على تباطؤ مقارنة مع الشهر الاخير من العام السابق والذي كان قد شهد تهافتاً من قبل المستثمرين لتسجيل عقاراتهم قبل نهاية العام خوفاً من ارتفاع قيمتها التأجيرية وبذلك لزوم التسجيل. كذلك اختار العديد من المستثمرين الانتظام في ظل تداول معلومات عن احتمال تخفيض معدلات الفائدة على القروض السكنية من قبل المؤسسة العامة للاسكان. في التفاصيل تبين احصاءات المديرية العامة للشؤون العقارية انكماشاً بنسبة 32.81% في عدد المعاملات العقارية خلال شهر كانون الثاني 2017 الى 4350 معاملة ترافقاً مع تدهور قيمة المعاملات العقارية بنسبة 42.51% الى 570.84 مليون دولار.

في المقابل، قال مؤشر "جمعية تجار بيروت – فرنسبنك لتجارة التجزئة" للفصل الرابع من سنة 2016 ان التطورات المتسارعة سجلت في بداية الفصل الاخير من العام الماضي من توافق الى انتخاب رئيس للجمهورية في أواخر تشرين الاول مكملة للتفاؤل الذي كان قد بدأ يسود في نهاية الفصل السابق له. ومدّت تلك المستجدات السياسية الاصوات بجرعة أمل وباحساس بان الاجواء باتت مؤاتية لدفع القابلية للاستهلاك وعودة النشاط والحركة الى سابق عهدها تدريجياً.

وبالفعل، تحرّكت الأصوات نسبياً في ظلّ هذه الظروف إنما سرعان ما عاد النشاط الى التباطؤ خلال فترة التشاور لتشكيل الحكومة وظل متواضعاً حتى بعد التأليف.

عليه، وبالرغم من توامن هذه الحقبة من الايجابيات مع أعياد الميلاد المجيد ونهاية السنة وما تحمله من عوامل موسمية مشجعة للانفاق، يبدو ان الاصوات لم تتمكن من تحقيق تحسناً ملموساً لا بل ظلت النتائج المجمعة للفصل الرابع تشهد تراجعاً حقيقياً ملفتاً بالنسبة لمستوياتها في نفس الفصل من السنة السابقة.

من جهة أخرى، تظهر احصاءات وزارة المالية اللبنانية أن إجمالي الدين العام في لبنان قد زاد بنسبة 6.5% خلال العام الماضي ليصل الى 112.890 مليار ليرة (74.89 مليار دولار) مقارنةً بـ106.15 مليار ليرة (70.33 مليار دولار) في العام الذي سبقه. كما ارتفع رصيد الدين بالليرة اللبنانية المكتتب به من قبل القطاعين العام والخاص بنسبة 8.2% الى 70.528 مليار ليرة (46.72 مليار دولار) من 65.195 مليار ليرة (43.25 مليار دولار) في نهاية العام 2015.

وتظهر احصاءات مصرف لبنان ارتفاعاً في قيمة الاعتمادات المستندية المفتوحة وأي مؤشر لقياس حركة التبادل التجاري في لبنان بنسبة 62.59% خلال شهر كانون الاول من العام 2016 الى 1038.21 مليون دولار من 638.54 مليون دولار في شهر تشرين الثاني. أما على صعيد تراكمي، فقد تراجعت قيمة الاعتمادات المستندية المفتوحة بنسبة 2.70% على صعيد سنوي الى 7445.64 مليون دولار في العام 2016 مقابل 7651.94 مليون دولار في العام 2015.

في مقلب آخر، سجل صافي الموجودات الأجنبية لدى القطاع المالي اللبناني فائضاً بلغ 909.8 مليون دولار خلال شهر كانون الاول 2016 مقابل فائض بلغ 453 مليون دولار خلال شهر تشرين الثاني وعجز بقيمة 680.2 مليون دولار خلال شهر تشرين الاول. ويأتي هذا نتيجة تسجيل صافي الموجودات الاجنبية لدى المصارف والمؤسسات المالية فائض بقيمة 1.144 مليون دولار، الامر الذي طغى على العجز بقيمة 234.3 مليون دولار في صافي الموجودات الاجنبية لدى مصرف لبنان.

في المحصّلة، لم يخرج الاقتصاد بعد من دوّامة التباطؤ الذي اتّسم به أداءه طوال العام الماضي غلى الرغم من النمو الملحوظ الذي سجل في الشهر الاول من العام في حركة الاستهلاك الخاص، الا ان هذا التباطؤ الاقتصادي ارتبط بشكل أساسي بمكون الاستثمار الخاص الواهن في ظل حالة من الترقب في اوساط المستثمرين ساهمت بتأجيل القرارات الاستثمارية الكبرى في البلاد بانتظار ايجابيات سياسية جديدة تحرك الاستثمارات وتعيد نهوض لبنان الاقتصادي.