ربيع دمج

أربعة وستون ألف دولار أميركي عدّاً ونقداً، معهم حوالي الـ7 ألف دولار أميركي قيمة "مصوغات ذهبية" ، إلى جانبهم مبالغ بالعملة اللبنانية الأخرى هي حصيلة ما جنتّه الشابة رشا.س إنّ كان من خلال ما أدخرته من عملها أو من جرّاء قرض أخذته من مصرف معروف، لكن الأخيرة ما جنته لا يساوي شيئاً أمام ما جُني عليها بسبب الوهم.

فتلك الصبية الثلاثينية التي بدأت مشاكلها تتفاقم بسبب قصة حب نسجتّها مع شاب يُدعى شربل.ف، إذ قام الأخير بالتودد إليها بإستمرار فيزورها في مكان عملها و كانا يومياًً يلتقيان خارجاً، وبعد عدة لقاءات إتفقا على الخطوبة وبمباركة الأهل تمت الأمور على أحسن ما يرام إلى أن إقترح شربل على خطيبته بضرورة القيام بمشروع تجاري يضمن لهما مستقبلهما الوردي، وإرتأى الخطيب بأن يكون هذا المشروع هو فرن المناقيش كونه من "البزنس" المُربحة في لبنان.

طرح شربل أثار حماسة رشا لتحقيقه وهي مقتنعة تماماً بأن هذا المشروع سيؤمن مدخول ممتاز كما أنه سيضمن لهما تأمين مُتطلبات الزواج بعد فترة، فأعطت شربل مبلغ وقدره 9 ألف دولار أميركي كانت تدخره في أحد المصارف إحتساباً لغدرات الزمن.

ومع بدء وضع أول حجر الأساس للمشروع المرتقب عرض خطيب رشا وبحكم أنها موظّفة وراتبها جيد نوعاً ما، أن تتقدم بطلب قرض من المصرف حيث توطّن راتبها، وفعلاً هذا ما حصل وتمت الموافقة على إعطائها القرض وقيمته 17 ألف دولار أميركي وسلّمته إياه إلى شربل كي يكمّل العمل في مشروع "الفرن".

كان العمل في ورشة هذا المشروع يسير على أتم الوجه، كل الأمور كانت إيجابية، ولكن شربل أخبرها بعد فترة بأن هناك معدّات وآلالات تجهيز تحتاج إلى مبلغ إضافي فباعت معظم مصوغاتها الذهبية بقيمة الـ7 ألف دولار أميركي وأعطته لشربل كي يتمم المشروع بشكل نهائي ويستطيع بذلك مباشرة العمل وتسديد الديون إلى البنك وجني بعض الأرباح لشراء شقة الأحلام.

بعد شهرين من إفتتاح الفرن والذي من البديهي لم يظهر منه ما إذا كان قدمه سعداً أو لا، جاء شربل يعرض على رشا فكرة شراء شقة في كسروان كي يتزوجا سريعاً ويؤسسان سوياً مشاريع العمل والعائلة. رحّبت بالفكرة لكنها فعلياً لا تملك المال الكافي ، فلم تجد حلاً سوى اللجوء إلى والدها طالبة منه مساعدتها بمبلغ قيمته 30 ألف دولار أميركي، وافق الوالد وقدم لها المبلغ كهدية منه لدفع قسط من الشقة المنوي شرائها.

المبالغ جميعها أصبحت في عهدة شربل، والغنيمة دسمة وأصبح جاهزاً للفرار من رشا والهرب منها، قبل أن يستولي لفترة 7 أشهر على راتبها من وظيفتها في إحدى الشركات في جونيه، وكأنه لم يكتف بما جناه سابقاً، وإختفى من حياتها فبعد أيام من محاولاتها للأإتصال به دون جدوى علمت من العامل المصري في الفرن بأنّ شربل لم يأت منذ أيام كما أنّهلم يقبض راتبه، فوق ذلك تبيّن لها أن المبلغ الذي اخذه منها لشراء معدّات وتجهيز الفرن لم يدفعها نقداً بل أخذها بالديّن وتوالى التجار للمطالبة بحقوقهم.

المشلكة لم تقف عند هذا الحدّ فالمصرف بدأ يطالبها بتسديد القرض وإلا مصيرها السجن، ووجدت نفسها في دائرة المطالبة والغرق في الديون يوماً بعد يوم، هنا تقدّمت بشكوى أمام النيابة العامة في جبل لبنان ضد شربل.س، وتمت ملاحقته وتوقيفه من ثم تحويله إلى القضاء.

حاول في إعترافته الأولة التنصّل من التهم المنسوبة إليه لكنه بعد ذلك إعترف بما إقترف بحق رشا وأنه إستولى على أموالها ومجوهراتها، إلا أن وقاحة شربل لم تقف عند حدود أفعاله إذ ورد في تحقيقاته لدى القاضي زياد مكنّا بأنه أعطى رشا جزءاً من حقوقها من خلال حصولها على غلّة شهري أيلول وتشرين الأول من العام 2016، معتبراً انه لم يأكل حقوقها، وقيمة غلّتي الشهرين المذكورين لا تتعدّى الـ5 ألف دولار أميركي فيما لديها بذمّته ما يقارب الـ70 ألف دولار أميركي.