قدّر معهد التمويل الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في لبنان بنسبة 3% في العام 2017 مقارنة بنسبة نمو 1,4% في العام 2016، حيث توقّع أن تؤدي الانتخابات الرئاسية الأخيرة وتشكيل حكومة وحدة وطنية إلى انتعاش متواضع في استثمارات القطاع الخاص وصادرات السلع والخدمات. وأضاف أن العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي قد تحسّنت في الفترة الأخيرة، لكن الأخيرة لم تتخّذ خطوات ملموسة حتى الآن لرفع الحظر المفروض على سفر مواطنيها الى لبنان. لذلك، لم يتوقع المعهد انتعاشًا كبيرًا في النشاط السياحي، الذي يُعَدّ واحدًا من محركات النمو الرئيسية في لبنان. كما أشار إلى أن المخاطر السلبية المحدقة بالنظرة المستقبلية للوضع الاقتصادي في لبنان تشمل المماطلة و التأجيل في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، والمشاحنات السياسيّة وتأجيل موعد إجراء الانتخابات النيابية المُتَوقَعة في أيار 2017، بالإضافة إلى عودة ظهور أزمة نفايات أخرى والتي من شأنها أن تحدّ من انتعاش القطاع السياحي. وتوقّع المعهد أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في لبنان بمعدّل 4% سنويًا خلال الفترة ما بين العام 2017-20 بناءً على الأوضاع الراهنة، ولكنه توقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدّل 5,5% سنويًا خلال الفترة ذاتها إن قامت السلطات بتنفيذ إصلاحات جذرية و عميقة. وقد جاءت نتائج التقرير في النشرة الاسبوعية لمجموعة بنك بيبلوس Lebanon This Week.

في موازاة ذلك، توقع معهد التمويل الدولي أن يتقلّص العجز في الموازنة العامة من نسبة 8,2% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2016 إلى نسبة 7,8% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2017. ولكنه أشار إلى أن التقلّص في عجز لموازنة العامة غير كاف من أجل وضع مستوى الدين العام على مسار انحداري. وتوقّع أن ترتفع نسبة الدين العام من 143,4% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2016 إلى 147,4% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2017. واعتبر المعهد أن الزيادة في الإنفاق على مشاريع البنى التحتية سوف تدعم النشاط الاقتصادي في لبنان، ولكن هناك مجالًا محدودًا لمثل هذه الزيادة، نظرًا للإيرادات العامة الضعيفة، وفاتورة أجور القطاع العام الكبيرة، وكلفة خدمة الديون المرتفعة. وأشار المعهد إلى أن السلطات تحتاج إلى تنفيذ تدابير ضبط في أوضاع المالية العامة وخفض مستوى الدين من أجل تخفيف الضغوط التمويلية على ​مصرف لبنان​ وتقليل الاعتماد على تدفقات الودائع لتغطية الاحتياجات التمويلية الحكومية.

كما أشار المعهد إلى أن وفرة الأصول بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان ودعم النظام المصرفي الذي يتمتّع بمستويات سيولة عالية، تساهم في التخفيف من وطأة المخاطر الاقتصادية الناتجة عن نسبة الدين العام المرتفعة. وتوقّع المعهد أن يتسارع نمو الودائع تدريجيًا في العام 2017 و2018 في حال استمرّت الأوضاع السياسية والأمنية المحلية في التحسّن، وإذا تراجعت حدة القتال في سوريا. ولفت المعهد إلى أن معدلات الفائدة المرتفعة في لبنان، واستقرار سعر صرف الليرة وتحويلات المغتربين من شأنها أن تساعد على جذب الودائع الكافية للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي والمالي. وتوقّع أن تحافظ السلطات على تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي، نظرًا لأهمية تثبيت سعر صرف الليرة من حيث الحفاظ على الثقة، وخدمة وإعادة تمويل الديون الخارجية للحكومة. واعتبر أن الهوامش الحالية بين أسعار الفائدة في لبنان كبيرة بما فيه الكفاية لجذب ودائع غير المقيمين، ولا سيّما تلك من المغتربين اللبنانيين. وقال أن مصرف لبنان قد يرفع أسعار الفائدة، ولكنه أشار إلى أن الزيادة هذه ستكون أقل من الارتفاع المتوقع في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة في العام 2017 والبالغة 75 نقطة أساس.