ربيع دمج

في العام 2012 إنتهى ليل الأحد بحلول كارثة إنسانية كبيرة مع إنهيار المبنى السكني في شارع المطران عطا الله، مقابل محال "زهار" في منطقة فسوح – الأشرفية، أسفر عن مقتل 27 شخص وجرح ما لا يقلّ عن 45 آخرين معظمهم كانت جراحهم خطرة ولا يزالون حتى اليوم يتعالجون من تداعيات الكارثة على نفقتهم الخاصة.

في العام 2015 صدر القرار الظنّي من عند القاضية المنفردة الجزائية ميشلين مخّول شبلي بإدانة الأخوَين ميشال وكلود توفيق سعادة بالجنحة المنصوص عنها والمعاقب عليها في المادّة /564/ من قانون العقوبات، أي بالحبس سنتَين واحتساب مدّة التوقيف، وأيضًا وفق المادّة /565/ من القانون نفسه، أي بالحبس سنة واحتساب مدّة التوقيف، بحيث تنفّذ العقوبة الأشدّ. وقضى الحكم بإلزام المدّعى عليهما دفع تعويضات ماليّة عن مجمل الأضرار اللاحقة بالجهة المدّعية من ورثة المتوفّين والجرحى وتقارب قيمتها المليارَي ليرة لبنانيّة.

بعد سنتين عن القرار الظنّي وبعدما ذهب المدّعي عليهما الأخوين "سعادة" لإستئناف الحكم، عادت القاضية في محكمة بيروت التمييزية فريال دلّول بتصديق القرار الأول، وقد جاء في القرار الجديد " تحميل كامل المسؤولية والنفقات على عاتق الاخوين سعادة وإلزامهما دفع التعويضات التي تراوحت بين الـ75 مليون ليرة لبنانية عن روح الضحية وصولاً إلى الـ100 مليون ليرة لبنانية، إذ تم الأخذ بعين الإعتبار مسألة العمر بحسب كل ضحية، فمن تجاوز سن الخمسين سيقبض ورثته 75 مليون فيما من قضى وهو دون ذلك من العمر سيتقاضى ورثته 100 مليون ليرة لبنانية.

وبحسب مضمون القرار الجديد الصادر بتاريخ 17 شباط 2017 من عند القاضية دلّول فإنه يرغم أصحاب العقار المنهار بدفع 50 % من قيمة هذه التعويضات في المرحلة الأولى، على أنّ يدفعا الـ50% الباقية بعد فترة يحددها القضاء، و يعتبر هذا القرار ( بالنسبة إلى أول دفعة)، سارياً بدءاً من تاريخ صدور الحكم أي من 17 شباط حتى 17 تموز 2017، وإلا في حال عدم تطبيق الشرط سيتم توقيف وحبس المتهمين لمدة 16 شهراً مع إلزامهما دفع التعويضات أيضاً.

القرار الجديد إعتبره الصادر بعض الورثة في حديث مع موقع "الإقتصاد" عادلاً ومنصفاً من الناحية القانونية كون القاضيتين المذكورتين طبقتا مواد القانون المختص في هذا الشأن، لا سيّما من حيث مطالبتهما بتشديد العقوبة أو من حيث قيمة التعويضات. ولكن فعلياً هذه القيمة المالية المقررة عدا عن أنها لا تساوي القيمة المتوجبة عن روح الضحايا فهي لا تكفي شراء منزل صغير في أي قرية بلبنان نظراً لإرتفاع أسعار العقارات كما يقول إبن الضحية جوزف جعارة، جاك جعارة

لـ"إقتصاد".

ويضيف جعارة بأنّه "لا يزال وغيره من الجرحى المتضررين جرّاء هذه الكارثة يتلقون العلاجات ويجرون العمليات على نفقتهم المالية الخاصة، بيد أن وزارة الصحة آنذاك لم تتكلف عليهم سوى في الفترة الأولى أي بعد عملية الإنهيار مباشرة".

وعن ذلك يقول بأن القاضية ميشلين مخّول طالبت وألزمت كلود وميشال سعادة، بدفع 40 مليون ليرة لبنانية (عدا التعويضات عن روح الضحايا) لكل جريح تضرر من جرّاء سقوط هذا المبنى، الذي تحوّل منذ سنتين إلى موقف عام بعد إزالة النصب التذكاري الذي يخلّد ذكرى الضحايا وذلك بطلب من المالكين.

كذلك الأمر بالنسبة إلى إيلي معلوف الذي فقد والدته وتعرّض هو لتشوّه في رجليه ورأسه، فيقول للـ"إقتصاد" بأنه لم يتلق أي مساعدة مالية أو معونة علاجية من قبل وزارة الصحة وهو كل فترة يجري عمليات لترميم التشوهات الحاصلة، وأنه كتعويض شخصي بدل عطل وضرر فقد حصل على 10 ملايين ليرة لبنانية فقط لا تكفي 15% من قيمة ما دفعه للمستشفيات والأطباء، أما عن والدته الراحلة فقد حكم له القضاء بـ75 مليون ليرة لبنانية بإعتبار كبر سنّها.

وبحسب ورثة الضحايا والمتضررين فإنه حتى الساعة لم يتّصل أحداً بهم من عائلة "سعادة" أو من وكلائهم للتباحث مع المتضررين حول موضوع التعويضات، وهناك مخاوف لدى الورثة من حدوث عملية تهرّب أو تنصل أو ماشابه من قبل المُدّعى عليهم.

أمّا بالنسبة إلى المتضررين من التابعية غير اللبنانية (وهم 12 سودانيا ومصري وأردنيين إثنين وفيليبينية) فستتولى سفارتهم في لبنان متابعة القضية مع المعنيين لتحصيل حقوق مواطنيهم وإرسالها إلى ذويهم، وملف هؤلاء تتابعه إحدى المحاميات التي تنسّق بين السفارات وبين مالكي العقار المنهار.