تسبب الغياب الطويل للموازنة في ارتفاع حجم الدين العام بشكل كبير، ليلامس حدود 75 مليار دولار اليوم. لذلك تسعى حكومة العهد الجديد إلى تحقيق إنجاز فشلت الحكومات المتعاقبة منذ العام 2005 في تحقيقه، ولكن هذا الإنجاز العظيم قد يتحقق "مثل العادة"، من جيوب الفقراء من المواطنين "المعتّرين". فالإجراءات الضريبية التي تضمنها مشروع موازنة العام 2017، طالت المواطن الفقير واستثنت الغني. أما الطبقة الوسطى فاسثنيناها نحن، لأنها لم تعد موجودة بالأصل، بسبب تراكم التفاوت الإقتصادي، وتزايد الفروقات الاجتماعية.

شبح الضرائب يطارد المستهلك المحلي، بالإضافة إلى عدد من القطاعات الإقتصادية أولها القطاع السياحي، الذي لطالما شكل ركيزة أساسية في الإقتصاد الوطني؛ ومن هذه الزيادات نذكر فرض الرسوم الإضافية على مغادرة الأشخاص من مطار بيروت الدولي، وعلى خروج المسافرين جواً وبحراً وبراً، وفرض الضرائب على المشروبات الروحية، بالإضافة إلى فرض غرامة على إشغال الأملاك العمومية البحرية والبرية.

فما هي تأثيرات فرض الضرائب الجديدة على المواطن اللبناني بشكل عام وعلى القطاع السياحي بشكل خاص؟ وما هي التوقعات لموسم اصطياف العام 2017؟ وكيف سينعكس انقضاء المهل الدسورية لإجراء الإنتخابات النيابية الجديدة على حركة السياحة في لبنان؟

أجاب على هذه الأسئلة نقيب أصحاب المؤسسات السياحية جان بيروتي، في مقابلة خاصة مع "الاقتصاد":

ما رأيك بفرض المزيد من الضرائب على المواطن اللبناني، وعلى الأملاك السياحية البحرية بالتحديد؟

هناك العديد من المنافذ التي من الممكن زيادة إيرادات الدولة من خلالها، وذلك قبل الحديث عن فرض الضرائب على القطاع السياحي، منها رسم الخروج من مطار بيروت. فنحن كقطاع سياحي، عملنا وتعاونا مع وزير المالية علي حسن خليل من أجل دعم تذكرة السفر، وبالتالي فإن فرض هذه الضريبة اليوم ليس في مكانه أبداً، ولا يجوز فرض أي ضريبة مماثلة في لبنان، قبل وقف الهدر.

بالإضافة إلى ذلك تجدر الاشارة إلى أن الضرائب تتمتع بالعادة بسياسة توجيهية، أي أنها تحمل هدفاً معينا عند فرضها، مثل الضريبة على السجائر، التي من شأنها حث الناس على الحد من التّدخين أو التوقف عنه.

أما بالنسبة إلى الأملاك البحرية، فهناك مشروع قانون موجود اليوم أمام الهيئة العامة، يهدف إلى معالجة هذا الموضوع، وفرض الغرامات المطلوبة. لذلك نطلب إقرار هذا القانون، لكي يتم دفع المستحقات المفروضة. فالمجلس النيابي قدّم بنفسة مشروع القانون، وتمت مناقشته في اللجان، وهو موجود اليوم في الهيئة العامة. وبالتالي فإن القطاع السياحي البحري اعترف بضرورة دفعه بدلات الإشغال، وجميع الأطراف جاهزة للدفع فور إقرار القانون.

ولا بد من القول إننا ضد ضريبة المطار، لكننا لا نواجه أي مشكلة مع ضريبة الأملاك، طالما أنها ليست غرامة، فنحن نتكلم هنا عن تسوية أو غرامة تسوية، وإذا أدى الإتفاق إلى تسوية، فسنقوم بدفعها على الفور؛ والتسوية هي بدل إيجار فقط، كما أنها بمثابة معالجة للماضي وانطلاقة نحو المستقبل، من أجل البدء بدفع بدلات الإيجار بشكل سنوي. وهذا الموضوع من واجبنا القيام به، ومن واجب الدولة أيضا إقرار القانون المتعلق به.

ما هو تأثير إجراء الانتخابات النيابية على الموسم السياحي القادم؟

إذا استمر الخطاب السياسي المتشنج في البلد، من الممكن أن يتأثر الموسم السياحي، وبالتالي فإن المشكلة لا تكمن في الإنتخابات فحسب.

من ناحية أخرى، يعتبر المغترب اللبناني السائح الأهم في لبنان، لأنه اختار السياحة المحلية، في ظل غياب السياحة الخليجية والأوروبية وغيرها. وبالتالي هو اليوم يترقب الوضع في بلده الأم، لكي يتمكن من الاستفادة قدر الإمكان من عطلة صيفية هادئة وممتعة.

والعهد الجديد يعد بالاتجاه نحو جو جديد يسوده التفاهم والوفاق، وبالتالي لا مصلحة لنا في تأخير الانتخاب، وغيره وغيره من المواضيع والخطابات التي تترك تشنجا سياسيا. لذلك نتمنى أن يعمل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على حظر هذا الموضوع لكي يكون لدينا موسم سياحي ناجح، فلا أمل لدينا إلا بالموسم السياحي الآتي، وذلك بسبب المشاكل الإقتصادية الكبيرة التي نعاني منها منذ العام 2010، وبالتالي لا نستطيع تحمل المزيد.

ولا بد من الإشارة إلى أن إجراء الإنتخابات في موعدها ليس سوى إشارة إلى الوفاق المحقق، إذ لا يمكن أن تجرى الإنتخابات بدون وفاق، وبالتالي هذا يدل على الإستقرار، وعلى قدوم مرحلة نستطيع الإستفادة منها لكي يكون لدينا نهوض إقتصادي ونهوض سياحي.

هل أنت متفائل من موسم الإصطياف القادم مع عودة السائح الخليجي وخاصة السعودي إلى لبنان؟

لو علمت ما يخبئه المستقبل، لاستطعت الإجابة على هذا السؤال. إنما كنا نتمنى أن نشهد حركةخليجية أوسع، فزيارة الرئيس عون إلى الخليج، في شهر كانون الثاني، أدت إلى حدوث حركة خليجية في لبنان، ولكن خلال اليومين الماضيين، شهدنا انحصارهاإلى حد ما، علماً أن الخليجيين لديهم عطلات طويلة.

لذلك نتمنى أن يعود هذا الأمر إلى مكانه، وأن نستفيد من زيارة الرئيس إلى الدول الخليجية ومصر والأردن.

ما هي طلباتكم كمؤسسات بحرية من الدولة اللبنانية؟

لا نطلب ونتمنى إلا أن يتفق السياسيون مع بعضهم البعض. فنحن جاهزون لكل شيء و"الطبخة على النار"، ولكن فليتفقوا في البداية.