يشفق المواطن اللبناني على دولته اليوم لما تعانيه من عجز، خاصةً على الصعيد المالي، فحين يطلع هذا المواطن المنهك على البنود الضرائبية في مشروع موازنة العام 2017 ويرى أنه حتى طابع المئة ليرة لم يسلم من الزيادة،فيدرك مدى الحرج والصعوبة في تأمين المورد (من جيبه الخاص طبعاً) لتمويل السلسلة التي ينتظرها منذ سنوات طويلة.

ولكن أن يتم إقرار اقتراح قانون يتعلق بطريقة احتساب تعويضات عائلات الرؤساء السابقين والنواب السابقين خلال الشهر الماضي على عجل، بلا تفسير أو نقاش فهنا نلحظ إما عوارض مرض التشيزوفرينيا لدى "مسؤولينا" أو محاولة لسلبنا أموالنا لتأمين مستقبلهم ومستقبل أولادهم وحتى أحفادهم.

في التفاصيل، قدم النائب أنطوان زهرا اقتراح قانون إلى مجلس النواب في16/9/2014، تحت عنوان معجل مكرر، ما يعني أنه لا يمرّ على أي لجنة من اللجان النيابية، يتعلق بإضافة فقرة جديدة إلى المادة الثالثة من القانون الصادر في 25/9/1974 الذي يحدد طريقة احتساب تعويضات عائلات رؤساء الجمهورية ومجلسي الوزراء والنواب السابقين، إضافة إلى عائلات النواب السابقين. وهو يطبق على عائلات الرؤساء الثلاثة السابقين وعائلات النواب السابقين نظام التقاعد.

ووفقاً لاقتراح النائب زهرا فقد رفعت نسبة الإستفادة من تعويضات النواب ومخصصاتهم من 75% لعائلة النائب المتوفى، إلى 100%، بمعنى أن العائلات باتت تأخذ المبلغ كله.

هذا الإقتراح تم إقراره مع تعليق واحد لوزير المال علي حسن خليل: "ما تفوّتوني بهالقصة"، من دون أي حديث آخر عن صعوبة تأمين مصادر التمويل أو عن العجز أو على الأقل عن أحقية هكذا قانون.

ولا نعلم حتى اليوم ما إذا كان هؤلاء أنفسهم سيصوتون أم لا على رفع معدل الضريبة على القيمة المضافة من 10% إلى 11%وعلىفرض رسم إستهلاك على إستيراد المازوت بمعدل 4%، الذي ورد في مشروع الموازنة، ما سيؤثر بالطبع على سعر إحدى وسائل التدفئة التي يستخدمها اللبنانيون، لكن اليوم ما علينا سوى الإنتظار.

وللإطلاع على موقف الإتحاد العمالي العام من مشروع الموازنة كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع نائب رئيس الإتحاد العمالي العام حسن فقيه:

- هددتم يوم أمس بالتظاهر والإحتجاج على موازنة العام 2017 التي تتم مناقشتها حالياً، في البداية ما هي الضرائب التي تعترضون عليها؟

نحن معترضون على الضرائب التي تطال الطبقات الفقيرةكافة، ورأينا أن رزمة هذه الضرائب كبيرة تبدأ من الطابع المالي ولا تنتهي لأنها تطال سلع المواطنكلها.

كنا قد طالبنا أن يتم فرض ضرائب ولكن على أرباح الشركات وخاصة البنوك التي تحقق أرباحاً بالمليارات، أو على من احتلّ الأملاك البحرية وبنى مؤسسات سياحية يحصّل منها مبالغ طائلة.

في هذه الموازنة يقولون لنا، اختاروا بين إعطائكم السلسلة من جيوبكم أنتم أو عدم إعطائكم إياها. والسبب أن أصحاب الأموال الهائلة لا يريدون أن يدفعوا أكثر من الفقراء فهذا وبحسب منطقهم العجيب أمرٌ غير عادل.

المواطنون منتظرون منذ سنوات طويلة، وحتى هذا التصحيح الذي نطالب به نحن اليوم لم يكن هو المطلوب في الأساس بل إنه صيغة توافقية توصلنا إليها في العام 2012 على أساس أن يحتسب التضخم في نهاية كل عام من قبل لجنة المؤشر وتتم زيادة الأجور بشكل تلقائي. وللأسف الشديد، موظفو القطاع العام والمؤسسات العسكرية والأمنية والأساتذة لم يتقاضوا ما يريدون وحتى من تقاعد لم يحصل على هذه الزيادة في تعويضات نهاية خدمتهم.

- هل تتواصلون مع أي من الوزراء لمناقشة البنود الضرائبية في الموازنة؟ وما هي اقتراحاتكم؟

بالطبع نتواصل مع الوزراء ولكن المشكلة هي الجدل السياسي في هذا البلد، فكلٌّ منهم يتذرع بالظروف والمناقشات السياسية الدائرة،وأن هذا الوقت ليس الوقت المناسب للإضراب، ولكن لن نقبل أن يكون هذا الجدل السياسي على حساب الطبقات الفقيرة.

لكن ما يثير الدهشة، هو اقتراح قانون النائب أنطوان زهرا الذي يتعلق بطريقة احتساب تعويضات عائلات الرؤساء السابقين والنواب السابقين بسلاسة وهدوء على عكس القوانين الأخرىكافة.انتبهوا إلى أولادهم وأحفادهم لكن لم يعيروا أي انتباه لأولاد صائدي السمك والمزارعين وأحفادهم.

كما تجدر الإشارة إلى أن عدداً كبيراً من الوزراء والنواب هم أعضاء مجلس إدارة في البنوك ومحامين لمؤسسات كبرى... وكنا ننتظر الرأي المناسب من المجلس الإقتصادي والإجتماعي.

- ماذا سيكون تأثير هكذا موازنة "ضرائبية" على بداية العهد للرئيس عون والذي كان قد أكد أن لا زيادة في الضرائب بل تحسينا للإيرادات عبر الحد من التهرب الضريبي؟

في آخر لقاء لنا مع رئيس الجمهورية أكد العماد عون أن أمر السلسلة منتهٍ وأنها ستقرّ، أما الرئيس بري فكان مندفعاً من الأساس بهذا الإتجاه، ولكن نحن لدينا تخوّف من موقف رئيس الحكومة سعد الحريري الذي في النهاية هو رجل أعمال وصاحب شركات.

لكن نأمل من الرئيس سعد الحريري في حكومة تثبيت إعادة الثقة أن يولي الأهمية المطلوبة لسلسة الرتب والرواتب لأصحابها الذين يستحقونها.

- هل يمكن برأيك إقرار الموازنة من دون السلسلة لإنقاذ الوضع وبحثها كملف منفصل فيما بعد؟

هذا ما نتخوف منه صراحة، وهذا ما نقرأه في الصحف مؤخراً، أي موضوع: موازنة تتضمن السلسلة وموازنة من دونها. السلسلة حق ويجب دفعها حتى ولو توقّفت كل مشاريع البلد.