هي امرأة صادقة، صبورة، وعنيدة. هي فنانة مبدعة لطالما اهتمت بالإرتقاء بذاتها بشكل كبير في مجال العمل الذي اختارته وخطّته لنفسها وبنفسها. هي إنسانة متعاونة، كرست حياتها لعملها، وسعت إلى إيصال رؤيتها ورسالتها وفنّها إلى الآخرين.

كان لـ"الاقتصاد" حديث خاص مع الرسامة ومؤسسة متجر "SUMI Furnitures"، نتالي يارد، للحديث عن المراحل التي مرت بها حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، بالإضافة إلى مشاريعها المستقبلية ورؤيتها لواقع المرأة اللبنانية اليوم من ناحية الحقوق.

- من هي نتالي يارد؟ وأين كانت البداية؟

تخصصت في هندسة الديكور في فرنسا، ومن ثم تابعت الدراسة لمدة سنة واحدة في جميع تقنيات الرسومات الزخرفية (decorative painting )، وكانت بمثابة فترة تدريب مهني.

وفور عودتي إلى لبنان، حوالي العام 1997، بدأت بالعمل لحسابي الخاص؛ وكنت أرسم على جدران المنازل، وأستلم الورش، والمشاريع الحرة.

ومنذ العام 2004 أنا أحاضر في "الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة"، "ALBA". كما نظمت ورش عمل في "جامعة سيدة اللويزرة"، "NDU" و"الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا"، "AUST"، و" International College in Lebanon". وفي العام 2002، بدأت بإعطاء الدروس حول الرسومات الزخرفية في مشغلي الخاص.

وطوال فترة عملي، تخصصت في ترميم الورش والمنازل القديمة والجداريات؛ ومن أعمالي كاتدرائية مار الياس في ساحة النجمة.

أما بالنسبة إلى "SUMI Furnitures"، فهو متجر يضم مجموعة من قطع الأثاث التي تعيدنا إلى أيام الطفولة من خلال الشعارات المرسومة عليها يدويا، والمصنوعة من الأثاث المستعمل أو الأخشاب المستصلحة. وعندما أطلقت هذا المشروع في العام 2009، كنت أبحث عن مكان يتيح لي تقديم التصاميم الشخصية التي أحبها؛ فحين كنت أستلم المشاريع في منازل الناس مثلا، كنت أقوم بما يريدونه، وليس ما أريده 100%.

- لماذا قررت الدخول إلى هذا المجال بالتحديد؟

أنا أحب العمل بيديّ، كما أشعر بالشغف تجاه الأعمال اليدوية والفنية.

- هل تمكنت من إيصال خدماتك إلى خارج لبنان أم أن خدماتك لا تزال محصورة في لبنان؟

حصلت على عدد كبير من الطلبيات في "SUMI Furnitures"، من دبي والدوحة وجدة. كما أن العديد من الأشخاص زاروا المتجر واشتروا بعض القطع قبل السفر، لأنها تذكرهم بلبنان؛ وبالتالي فإن قطعي موجودة اليوم في جميع أنحاء العالم.

- من هم زبائن نتالي يارد؟ وهل باستطاعة جميع الميزانيات الحصول على قطعة من "SUMI Furnitures"؟

القطع المصنوعة يدوياً، المرتبة والجميلة، يبقى ثمنها مرتفعاً إلى حد ما، بسبب كمية العمل الموجودة فيها؛ فجميع الرسومات الموجودة على القطع هي يدوية 100% وليست مطبوعة، كما أن اليد العاملة في لبنان ليست رخيصة. لكنني أحاول قدر الإمكان أن أحقق أرباحا خجولة، لكي تكون أسعاري بمنتاول الجميع، وبالتالي يتمكن أكبر عدد من الأشخاص أن يحصلوا على قطعة من تصاميمي.

- ما الذي يميز عملك من غيره؟ وهل تعتبرين المنافسة عاملاً ايجابياً في مجال الأعمال؟

أنا أحب عملي كثيراً، لكن السنة الماضية لم تكن سهلة على الإطلاق، فقد عملت بحسب الطلب، ولم أقدم مجموعة جديدة كاملة. لكن العمل يبقى مستمراً، ولو كان بطيئا وخجولاً. أما بالنسبة إلى المنافسة، فهي تدفعني إلى تحقيق المزيد من التقدم.

- ما هي الصفات التي ساعدتك على الإستمرار والنجاح؟

أنا إنسانة دقيقة للغاية، كما أنني صبورة وعنيدة أيضاً، وبالتالي أجلس طويلاً على قطعة وأركز على أدق التفاصيل، وعندما أريد شيئاً أسعى إلى تحقيقه حتى ولو لم ينجح من المرة الأولى.

- ما هي مشاريعك وطموحاتك المستقبلية؟

مشاريعي تكمن في استكمال مسيرتي المهنية التي بدأتها منذ حوالي تسع عشرة سنة، بالإضافة إلى تطوير "SUMI Furnitures"، وإطلاق مشروع جديد.

فمن المؤكد أن الإستمرارية موجودة، لأنني لم أحقق جميع طموحاتي حتى الآن، والمستقبل أمامي...​​​​​​​

- إلى أي مدى تساعدك وسائل التواصل الإجتماعي على نشر أعمالك؟

مواقع التواصل تساعدني كثيراً، ولكن لها إيجابياتها وسلبياتها. فمشكلة النسخ والتقليد موجودة، لذلك نسعى إلى تخفيض نشاط "SUMI Furnitures" عبرها.

لكن عندما يبدأ الناس بتقليدي، أكون بالفعل قد وصلت إلى مكان متقدم أكثر، وقدمت المزيد من الأفكار والتصاميم الجديدة. فإذا شعرنا بالخوف من التقليد، لن نتمكن من تحقيق شيء.

ولا بد من الإشارة إلى أن هذه المشكلة ليست حديثة ومحصورة بمواقع التواصل، بل هي مشكلة قديمة لطالما عانينا منها.

- بالإضافة إلى التقليد، ما هي الصعوبات التي تعانين منها في مجال عملك؟

لبنان هو بلد صعب، وبالتالي فإن أوضاع البلد تؤثر كثيراً على الأعمال. كما أن الفنان اللبناني لا يحصل على أي مساعدة أو دعم من الدولة، وهذا الأمر مؤسف للغاية!

- كيف تنجحين في تحقيق التوازن بين العمل والحياة الخاصة؟​​​​​​​

أنا لا أشعر بالتقصير تجاه حياتي الخاصة، وأتدبر أموري بشكل جيد، بفضل تنظيم أوقاتي. لكنني أعمل في بعض الأحيان أكثر مما يلزم، ومع ذلك لم أشعر يوماً أن​​​​​​​ عملي يأخذني من حياتي، لأن عملي هو حياتي...

- من جهة أخرى، كيف تقيمين وضع المرأة اللبنانية اليوم؟

عندما يقوم الإنسان بعمل جيد سيحترمه الناس. وأنا شخصياً عملت في عدد كبير من الورش، وفي المرة الأولى نظر إليّ العمال بتعجب، لكن عندما رأوا عملي احترموني وساعدوني. وبالتالي لم أواجه مشكلة التمييز بعد ذلك، بل لطالما كانت علاقاتي مع الناس مبنية على الإحترام الكامل بين الطرفين.

لكننا للأسف لم نشهد أي تقدم في موضوع حقوق المرأة في لبنان، فالعصر تغير لكن القوانين لم تتطور كثيراً. ولكن أنا متأكدة من أنه عندما تُظهر المرأة قدراتها للناس، وتفرض احترامها، لن تواجه أي مشكلة.

- ما هي الرسالة التي توجهها نتالي يارد إلى المرأة؟

"لا تخافي، ولا تضعي أمامك الحواجز والعوائق. واذا أردت شيئا، عليكِ أن تسعي للحصول عليه دون خوف أو تردد!".​​​​​​​