لفت وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد ​نقولا تويني​ في كلمة له خلال لقاء نظم في "دار الندوة" الى أن "القهر السلطوي النفعي يحدث ارتجاجا عميقا في بنية الشخصية الوطنية وفي وعيها المجتمعي ويحول زخم المعتقد الأيديولوجي الوطني الى مهاترات في التشكيك في الهوية الوطنية ويزعزع الهيكلية الوطنية ويعيقها عن أهدافها السامية في تثبيت الإرادة الوطنية واستقلالها وبناء الدولة الوطنية"، معتبرا أن "الفساد أولا حرب إذلال للشخصية الوطنية في وعيها النضالي التقدمي والوجودي، هي حرب داخلية صامتة تنخر أعمدة الثبات في المجتمع والدولة"، مؤكدا أن "الفساد ينمو في كنف مكامن قرار الدولة المركزية وكانت له بداياته في الديكتاتوريات الوطنية العربية بما سمي بنظرية نشوء طبقة "برجوازية الدولة" آنذاك بينما الأصح هو تعبير المصطلح بنشوء دولة المحسوبيات والأزلام والأتباع".

وأضاف "استشرى مرض الفساد بعد الحرب الأهلية في لبنان، أبيحت جميع المعتقدات الدينية والأخلاقية في غزوات قبلية متبادلة طبيعتها مزيج من الوحشية والتعصب والنهب والسلب والقتل والدمار تحت رايات من الشعارات الوطنية الزائفة، كل هذا ساهم في خلق شخصية وطنية مهتزة ومتفلتة من عقال الأخلاق والدين والسياسة والمعرفة والكفاح".

وتابع تويني: "ظاهرة الفساد أضحت ضاربة في عمق الثقافة والقيم والعقلية اللبنانية لدرجة ان البعض لا يراها يظنها جزءا من عجينة اللبنانيين يعتبرها من بديهيات الحياة، هكذا ولدت معهم قبل التاريخ الجلي"، لافتا الى أن "الفساد في لبنان قديم بعض الشيء نجد آثاره في التاريخ اللبناني منذ عهد واصا باشا الى زمن الإعمار الباهظ الكلفة للبنان ما بعد الحرب، مرورا بظاهرة السلطان سليم، مفتتح ملازمة الفساد في العهد الإستقلالي الأول"، ومشددا على اننا "لسنا أمام ظاهرة آنية عابرة يمكن حلها بمجموعة من المراسيم والقرارات، نحن أمام ظاهرة مزمنة تحتاج الى عمل شاق ودؤوب لردح طويل من الزمن، والى تضافر مختلف قوى المجتمع الحية الرسمية منها والأهلية، الحقوقية منها والسياسية، العلمية منها والثقافية، نحتاج قبل كل شيء ان نحرك هذه القوى في اتجاه بناء جبهة وطنية ترصد الفساد وتتعقبه حتى عقر داره في محاولة للقضاء عليه، أو، على الأقل تحجيمه ومنعه من إمعان الأذى في مجتمع عانى من الفساد حتى لكاد يقضي عليه".

ثم تطرق عن ورشة العمل التي بدأت، متحدثا عن بعض مكوناتها "كمتابعة تشريع وتعديل القوانين التي تعزز الشفافية وتحارب الفساد ووضعها موضع التنفيذ وهي قانون مكافحة الفساد في القطاع العام وقانون حماية كاشفي الفساد وقانون الحق في الوصول الى المعلومات وقانون الإثراء غير المشروع (تعديل) وقانون دعم الشفافية في قطاع البترول".

وعن تفعيل أجهزة الرقابة أكد أن  "التفتيش المركزي، مجلس الخدمة المدنية، ديوان المحاسبة والهيئة العليا للتأديب، وفي القضاء إنشاء محكمة خاصة بالجرائم المالية، وفي مسار المعاملات الإدارية الزام جميع المناقصات المرور عبر إدارة المناقصات وفتح باب المناقصات للشركات الدولية ووقف التلزيمات بالتراضي وجعل المراقبة في الصرف والتلزيم مسبقة ومن قبل ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي وليست متأخرة أو لاحقة كما هي الحال في الكثير من إدارات الدولة والصناديق المستقلة وخصوصا مجلس الإنماء والإعمار ووضع وسيط الجمهورية موضع التنفيذ وتفعيل وإنشاء وزارة التخطيط وإعادة تأهيل صورة لبنان الدولية وتجميع النشاطات والمعطيات والإحصاءات"، لافتا الى أن "البرامج المطروحة والمرتقبة تتطلب فترة قد تطول أكثر من عمر الحكومة الحالية، ونحن نعي تماما ان ما نضعه اليوم هو بمثابة حجر أساس لهذا المشروع الطويل الأمد، لا بل حجر زاوية لبناء مجتمع يدار بحد مقبول وواقعي من الشفافية".