استضافت ندوة "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقرّ الإذاعة في منطقة أدونيس، مع  المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان "بعد أن إحتل لبنان المرتبة الـ136 في الفساد عالميا وفقا لمؤشر الفساد لعام 2016 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، أي خريطة طريق شفافة لمكافحة الفساد في لبنان وأي كلفة على الإقتصاد؟"، وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني.

وخلال الندوة قال الوزير تويني انه "لا يصدّق كثيرا هذه الأرقام التي تصدر عن منظمة الشفافية العالمية، خاصة وأن لبنان في العام 2015 كان في المرتبة 123 بحسب المنظمة، وأصبح في 2016 في المرتبة 136 .. وهذا غير منطقي، ولكني لا انكر ولا أستطيع ان أنكر بأن الوضع في لبنان من ناحية الفساد صعب جدا، وأكبر إثبات على هذا الأمر هو إستحداث هذه الوزارة الجديدة، وهذا يثبت أن هناك عناية شخصية من الرئيس ميشال عون ومن رئيس الحكومة سعد الحريري في هذا الملف .. وبنفس الوقت فإن الرقم الذي يتم الحديث عنه بأن خسائر الفساد تصل إلى 10 مليار دولار سنويا هو رقم مبالغ به كثيرا، ففي لبنان لم يتم السير بمشاريع بهذه القيمة أساساً كي تصل الأرقام إلى هذا الحد، وفي كل الأحوال نحن عملنا على هذا الموضوع بشكل جدي وإطلعنا على عدد من الإحصائيات، كما قمنا بتقييمات وحسابات رياضية، والرقم المنطقي والفعلي هو بين 2 و 4 مليار دولار".

وتابع "الرقم الذي يتم الحديث عنه (10 مليار دولار) غير منطقي، خاصة وأن دخلنا القومي ككل لا يتعدى الـ50 مليار دولار".

وقال تويني  "إنشاء هذه الوزارة جاء إنطلاقا من تحليل مشكلة الفساد من الناحية الإقتصادية والإجتماعية، ونحن لسنا أول من يعمل في ملفات الفساد في لبنان، فالكثير من الوزراء والنواب السابقين عملوا على هذه الملفات، وأصدروا قوانين كثيرة للحد من الفساد .. واليوم لدينا أربع قوانين أساسية ستكون هي الأساس الذي ستعمل عليه وزارتنا، القانون الأول هو الذي صدر مؤخرا والمتعلق بحرية الوصول إلى المعلومات .. فهذا القانون يعتبر أساسي ومفصلي في موضوع مكافحة الفساد، إذ أنه يسمح لأي لبناني أن يطلع على أي معلومات يشعر بأنها غير واضحة او غير منطقية في كل إدارات الدولة ..  أما القانون الثاني الذي ننتظر إقراره هو قانون الإثراء غير المشروع، والقانون الثالث هو قانون إنشاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد، والقانون الرابع فهو حماية كاشفي الفساد".

ولفت إلى انه "بعد إصدار هذه القوانين يصبح هناك أساس قانوني لمكافحة الفساد، ولكن النقطة الثانية والمهمة بعد الناحية القانونية هي، المجتمع المدني، فكل مؤسسة مدنية تعنى بشؤون مكافحة الفساد وكشف الفاسدين لديها دور يجب أن تلعبه، وعليهم مساعدتنا في كشف وفضح الفساد والفاسدين  .. وهنا أقصد الصحافيين والكتاب وكل المؤسسات الدفاعية التي تعمل في مجال حماية المجتمع والمستهلكين وغيرها".

وأكد تويني أنه "يجب على الدولة ككل (مسؤولين وموظفين) ان يعرفوا بأن هناك قرار سياسي جدي بالعمل على مكافحة الفساد وردع الفاسدين .. وهذا القرار السياسي لن يتغيّر ولن يتبدل".

وفي سؤال للزميلة خداج عما إذا كان القرار بمكافحة الفساد متفق عليه بين كل الأفرقاء السياسيين في لبنان اليوم، أو أنه قرار يقتصر فقط على جهة سياسية معينة .. قال تويني "لم أقم بإستفتاء لمعرفة ما إذا كان هناك إجماع على هذا القرار، ولكن ما أريد تأكيده بان هناك قرار من رئيس الجمهورية وتوجيهات من رئيس الحكومة بمكافحة أي شكل من أشكال الفساد، وهناك دعم من كافة الوزراء الموجودين في الحكومة لهذا القرار ولهذا التوجه .. اليوم موضوع الفساد في لبنان منتشر بسبب تدني وتراجع ثقافة المجتمع، وسبب هذا التراجع هو تآكل أجهزة الكبح في المجتمع، وتآكل النظرية الإقتصادية في لبنان ككل، حيث أصبحنا نتبع النظرية الريعية والربح السريع، فاصبح هناك إعوجاج في الإقتصاد وإنحراف من الإنتاج نحو الريع .. فالإنتاج الإقتصادي لا يمكن أن يتحقق دون مسؤولية إجتماعية .. والنظام الإنتاجي يؤدي إلى تنظيم إجتماعي وترابط بالمسؤولية الإجتماعية بين رأس الهرم والقاعدة".

وأكد أن "وضع قوانين صحيحة، والعودة إلى سكة الإنتاج الزراعي والصناعي والسياحي.. سيؤدي تلقائيا إلى تراجع نسب الفساد، كما ان إتباع قاعدة الثواب والعقاب وجدلية العمل والردع سيخلق سدا منيعاً أمام الفساد".