ربيع دمج

خمسة أفراد بينهم مواطن سوري إستطاعوا في غضون سنتين من تشكيل عصابة "تزوير" ولكن من نوع خاص. هذه العصابة كانت بمثابة شركة تجارية مقرّها منزل أحدهم، إذ جنوا منها ما لا يقلّ عن 30 ألف دولار أميركي،  إلا أنّ القدر والصدفة أوقعتهم في شرك القوى الأمنية بعد ورود عدّة إتصالات وشكاوى إلى "مكتب حماية المستهلك"  تفيد عن عمليات غش تتم في بعض الماركات المعروفة من الخمر لا سيّما "الويسكي"، وأنّ  العديد من الزبائن  إكتشفوا بأنّ ثمة شيء غير طبيعي يحصل في مذاق هذا المشروب الذي إختلف مذاقه عن السابق تماماً، ولا سيّما أن هذه الماركة من الويسكي يتم إستيرادها من دولة أوروبية معروفة.

هكذا بدأ نشاط العصابة :

إرتأت العصابة إختيار أفضل الماركات وأغلاها سعراً لإتمام صفقة "الغش" ، فوقعت العين على  ماركة "شيفاز ريغال" التي تُعتبر أغلى أنواع الويسكي والأكثر مبيعاً في لبنان لا سيّما وسط الطبقات المخملية، والأمر لم يقتصر على "شيفاز" فقط وإنما طال ماركات فاخرة من النبيذ أيضاً.

وقد أصدر قاضي التحقيق في جبل لبنان زياد مكنّا عقب إستجوابه للموقوفين الأربعة، كون هناك الخامس الياس أبي حنّا وهو فار من وجه العدالة تم إصدار قرار بمحاكمته غيابياً  وهم : الياس طوق، علي نبعة، محمد الجباوي، ريمون زهرة، قراره الظنّي.

وبحسب تفاصيل القرار الذي حصل موقع "الإقتصاد" على نسخة منه فإن المدّعي عليه محمد الجباوي ( سوري الجنسية) كان يعمل في مطعم راق  بمنطقة عين المريّسة،  وقد إعتاد على جمع زجاجات "الويسكي" الفارغة  من الماركة المذكورة آنفاً والتي تبقى على طاولات الزبائن أو غيره، وكان هدف محمد تسليمها إلى رئيس العصابة الياس بهدف تعبئتها بمشروب ويسكي لكن مغشوش ومن ثم إعادة بيعها إلى الزبائن في المطعم مقابل سعر مرتفع ( كون زجاجة شيفاز ريغال تُباع في المحلات العادية بين الـ25 إلى 70 دولار أميركي حسب حجم القنينة).

لم يكتف محمد بذلك بل كان يبيع الزجاجات التي تتم صناعتها في منزل الياس إلى عدد كبير من المطاعم اللبنانية على أنها من الماركة المعروفة إذ لم يكن معظم أصحاب هذه المطاعم على علم بأنها مغشوشة.

وبعد فترة وجيزة توظف المدّعي عليه علي نبعة في ذات المطعم الذي يعمل فيه محمد، وتدرّب معه على طرق الغش والسرقة، فأصبح هو أيضاً يجمع الزجاجات الفارغة من  هذه الماركة ومن ماركات أخرى ويرسلها إلى المصنع المنزلي لدى طوق ويتم توضيبها وتحضيرها لتباع إلى المطاعم والمقاهي الكبيرة.

وعلى مدار سنتين غرق السوق اللبناني بزجاجات الويسكي المغشوشة، وأبرز الضحايا كانوا زبائن المطاعم والمقاهي كون الإدارة تشتري عادة  كميات أقلّ وبسعر مغر تستطيع بموجب ذلك بيع القنينة بسعر مرتفع للزبون في المطعم، بعكس المولات الكبيرة التي تتعامل عادة مع الوكيل المعتمد للماركة.

توسّع النشاط إلى ماركات أخرى :

مع الوقت و تحديداً منذ سنة لم يعد نشاط العصابة مقتصراً على "شيفاز ريغال" فحسب،  إذ توسّعت بنشاطها منتقلة للغش في ماركات اخرى وهي : " بلاك لايبل" و "ريد لايبل" و"جوني واكر"، وكان محمد وعلي يبيعان القناني المغشوشة للزبائن خاصة بعد وصولهم إلى مرحلة السُكُر حيث لا يعد بالامكان أن يميزوا بين الطعم. فكانا يقدمان لهم هذه القناني ويقبضان سعرها منهم.

أما دور ريمون زهرة والياس ابي حنا في هذه العملية كان ملء الزجاجات الفاخرة بالمشروبات الخفيفة وتغليفها وإقفالها بإحكام ثم توزيعها على المطاعم التي تتعامل معهما.

وبعد إفتضاح الأمر بموجب  شكاوى الزبائن إلى إدارات المطاعم،  وبعد التدقيق من قبل هؤلاء تبيّن أنه فعلاً هناك عملية غش حاصلة،  فتوجه عدد من أصحاب المطاعم بشكوى أمام مكتب حماية المستهلك  فتم إصدار قرار بملاحقة وإعتقال المتورطين من قبل النيابة العامة ( بتاريخ 17 كانون الثاني 2017) ،  وقد القي القبض على الياس طوق وهو في سيارته التي كان يجول بها لبيع بضائعه، وعُثر بداخلها على زجاجات من الويسكي والفودكا المُقلّدة.

وقد أصدر القاضي مكنّا قراره الظنّي بحق الموقوفين طالباً إنزال عقوبة "الجنحة" فيهم،  على أن يُصار إلى محاكمتهم أمام القضاء في غضون الأشهر المقبلة وسيتم الإبقاء عليهم موقوفين في سجن روميه حتى موعد جلسات الحكم.