اليوم تحديداً يدور الحديث عن الموازنة في الإعلام أكثر من أي شيءٍ آخر، حيث عرض  وزير المالية علي حسن خليل مشروع الموازنة على الوزراء في خلال جلسة الحكومة، برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا. وفي خلال الجلسة، أبدى بعض الوزراء تحفظهم على إيرادات تمويل سلسلة الرتب والرواتب.

"ومن جهته، فإنّ زير المالية كان قد أكد قبيل الجلسة، أن وزارته "لم تُدرج أيّ ضريبة جديدة سوى تلك التي أقِرّت في جلسات المجلس عند مناقشة سلسلة الرتب والرواتب، وما تمّت إضافتُه هو ضرائب على أرباح المصارف والشّركات الكبرى والعمليات العقارية لغير ذوي الدّخل المحدود، وبما أنّني أدرجتُ السلسلة ضمن الموازنة فكان من الطبيعي أن أدرِج معها الضرائب التي أقِرّت في المجلس النيابي لتمويلها".

وقال: "للمرّة الأولى منذ سنوات، تناقَش  الموازنة لتقرّ نتيجة الإرادة السياسية الجامعة بين كلّ القوى"، مؤكداً أني " حريص أن تكون موازنة فيها بداية إصلاح، ولا تمسّ الطبقات الفقيرة، وأتمنّى من خلالها أن نبدأ بإصلاح النظام الضّريبي".

وللإطلاع أكثر على بعض التفاصيل التي تخص آثار مشروع الموازنة الذي تتم دراسته حالياً والمواضيع الأخرى، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الوزير السابق ​جورج قرم​:

- هل تعتقد أن إقرار الموازنة يتضمن سلسلة الرتب والرواتب ولكن فيها أربعين صفحة لزيادة الضرائب أمرٌ مقبول؟

باعتقادي أنه طبعاً سيكون هناك مشاكل عديدة ليس من ناحية المناقشات الحامية في مجلس الوزراء فقط، فهذه المناقشات كانت قد حصلت في شهر آب الماضي حين طُرح مشروع الموازمنة نفسه على ما أعتقد.

وإن تم التصديق في مجلس الوزراء؛ فإن العقبات ستنتقل إلى المجلس النيابي وأولها سيكون قضية قطع حسابات الموازنات السابقة وثانياً، هل سيصوّت النواب على رزمة واسعة من الضرائب والرسوم ونحن على أبواب إنتخابات نيابية، خاصة أن الزيادات تبدو عشوائية وغير مدروسة، هذه الأسئلة خطيرة.

وأود أن أشير هنا إلى عدم وجود مشروع الموازنة على الموقع الإلكتروني للوزارة.

برأيي، فإنّه من غير المقبول إقرار الموازنة مع هذه السلسلة من الضرائب والرسوم التي تمس بحياة المواطن اليومية، كمضاعفة رسوم كتاب العدل مثلاً. هناك زيادات مقبولة كضريبة 5 إلى 7% على الودائع، لكن الكثير في المقابل ليست مقبولة كالرسوم على قطاع العقارات وعلى الإسمنت.

- هل من الجائز زيادة الضرائب قبل وضع اليد على ملف الفساد وإعادة هيكلة الدولة؟

لسوء الحظ هذا لبنان. والأهم هو أن تعود الموازنات إلى إنتظامها الدستوري فمن غير المعقول أبداً غياب الموازنات منذ العام 2005، هذه حرتقة مالية ودستورية لا مثيل لها في العالم.

أما فيما يتعلّق بموضوع الفساد، فإن الأجهزة المسؤولة عن مكافحته مشلولة أو شبه مشلولة، كالتفتيش المركزي أو ديوان المحاسبة. عندما تكون الأجهزة الرقابية تحت وصاية رئيس مجلس الوزراء فإن هذا تناقض بالأساس.

- هل يمكن إقرار موازنة العام 2017 في حال المماطلة أكثر، أو سيكون من الأفضل البدء بتحضير موازنة 2018؟

لا يزال الوقت مبكراً، من الممكن إنجازها حتى شهر آب، الأهم هو أن نكسر هذا الشلل الذي أصاب انتظام الدورة الدستورية للموازنة. من غير المعقول أن نكمل على هذا المنوال، إقرار موازنة العام 2017 ضروري جداً.

- ما هي توقعاتك للإقتصاد في المرحلة المقبلة؟

نظراً لإقتصادات المنطقة كالخليج مثلاً، وحتى أوروبا وروسيا والصين حيث تراجع النمو الإقتصادي، فإن قطاعات الإقتصاد اللبناني بقطاعاته التقليدية الثلاثة: العقارات، والمصارف والسياحة، تحقق نسباً لا بأس بها.

شهد لبنان في الفترة الأخيرة زيادة في الحركة السياحية، نعم نسبة إشغال الفنادق كانت 60% تقريباً لكنها ارتفعت في الوقت الذي تشهد فيه مصر وتونس والمغرب والبحرين وحتى تركيا انهياراً لهذا  القطاع.

أما الوضع المأساوي في لبنان فهو الوضع المناطقي خارج بيروت، حيث فقد الكثير من اللبنانيين وظائفهم بسبب مضاربة اللاجئين السوريين الذين دخلوا إلى سوق العمل، إضافة إلى الظروف المعيشية الأخرى السيئة التي يعيشها 80% من الشعب اللبناني.

ومن ناحية ثانية، لا أرى أننا نتجه إلى تحسن، فمشكلتنا في لبنان تعود إلى زمن بعيد تتمثّل وجود نوعين من الأوضاع الإقتصادية، الأول الذي يستند على القطاعات الثلاث التي سبق وذكرتها والتي دائماً ما كانت تحقق نسب نمو عالية، لكنها كانت ترتكز في بيروت وبعض مناطق جبل لبنان الإصطيافية. أما النوع الثاني فهو ذلك الموجود في عكار وطرابلس والبقاع والتي تعاني من إهمال الدولة اللبنانية على صعيد الإنماء، لبنان لم يشهد سياسة إنمائية حقيقية منذ عهد الرئيس فؤاد شهاب.