في الوقت الذي تضع فيه بعض الدول خططاً ورؤى إقتصادية للعام 2030 والعام 2035، نحلم نحن على كوكبنا اللبناني بإقرار موازنة توضح نفقاتنا وإيراداتنا لمدة عام.

بعد كل الآمال التي علقها اللبنانيون على المرحلة الجديدة التي فتحت بعد إنتخاب الرئيس ميشال عون، المرحلة التي وُعدوا في بدايتها بمرحلة رخاء إقتصادي، لا يزال أصحاب هذه الوعود حتى اليوم عاجزين عن إقرار موازنة لأنه وكما قال يوم أمس النائب إبراهيم كنعان في مؤتمر صحافي بعد اجتماع لجنة المال والموازنة إنه "هذه المرة الثانية على التوالي التي لا تنعقد فيها لجنة المال والموازنة بسبب النصاب"، مضيفاً"هذا الأمر هو رهن الرأي العام اللبناني والإعلام اللبناني..  يجب أن نضع جانباً التجاذبات السياسية أمام إقتراحات القوانين".

من جهةٍ ثانية، اتخذت الحكومة الجديدة قراراً بشأن مسألة كانت قد أشعلت الشارع اللبناني سابقاً واستدعت نزول مئات الآلاف من شرائح المجتمع اللبناني كافة إلى الشارع وهي "مشكلة النفايات"، ما هي الخطة "العظيمة" التي تم اتخاذها؟ هي نفسها الخطة التي أقرتها الحكومة السابقة مع بعض التعديلات!!

هل يعي المسؤولون اللبنانيون أننا "لا نلعب" وأن هذا وطنٌ حقيقي ونهائي لجميع أبنائه؟ ما هي مشكلتهم مع إقرار الموازنة؟ وإلى متى سيبقى النصاب يتحكم بأهم أمورنا نحن كلبنانيين؟

للإطلاع أكثر على الأمور المتعلقة بالموازنة كافة؛ كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع رئيس "التجمع الإقتصادي من أجل لبنان"، د. ألفرد رياشي:

- دخلنا في الشهر الثاني من العام 2017 ولم يتم إقرار الموازنة بعد، والأمور تشير إلى أن بعض النواب يتقصدون عدم إقرارها، كيف سيؤثر ذلك برأيك على الإيجابية التي شهدناها في الفترة السابقة؟

مما لا شك فيه أن إقرار الموازنة مهم لأنه يسمح لنا بمعرفة الإتجاه الذي نسير به، ويوضح الأولويات وغير الأولويات لتخفيف العجز. التأخير في إقرار الموازنة، والذي نعلم أنه لأسباب سياسية، سيؤدي إلى تخطيط مالي غير صحيح وخطة إقتصادية غير واضحة.

نعم شهدنا إيجابية بعد انتخاب رئيس للجمهورية، ولكن لايزال هناك بعض الأمور غير الواضحة وهي مصدر خلاف وستبقى كالقانون الإنتخابي والموازنة...بالإضافة إلى وضع المنطقة المتوتر.

لاحظنا بعض المحاولات لتعزيز الوضع الداخلي سياسياً وإقتصادياً، لكنها ما زالت في المجهول لأسباب متعددة. في البداية شهدنا زيارة إلى بلدان الخليج لكنها لم تأتِ بثمارها الملموسة فيما بعد  من حيث رفع الحظر عن زيارة مواطني هذه الدول إلى لبنان، وكلنا نعلم الأهمية التي يشكلها هؤلاء من حيث الدخل السياحي. بالإضافة إلى التغيرات المنتظرة في السياسة الدولية بسبب مجيء إدارة جديدة إلى الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية، وبدورنا لا يمكننا تقدير تأثيرات الإستراتيجية للإدارة الجديدة.

- هل يمكن إقرار موازنة العام 2017 في حال المماطلة أكثر، أو سيكون من الأفضل البدء بتحضير موازنة 2018؟

طبعاً تأجيل الموازنة أكثر ليس مستحباً، لأن الموازنة في النهاية هي توجيه للمصاريف والمداخيل للعام، و بما أننا دخلنا في الشهر الثاني من العام فهذا يعني أن الوزارات قد بدأت أصلاً بالإنفاق. وأنا أرى أن الأمر سيبقى كذلك طالما هناك شد حبال سياسية "قانون الإنتخابات" وأي حل سيكون مؤقتاً كالمورفين بسبب النظام السياسي الحالي غير العملي لبلد متعدد مثل لبنان. ومن هنا ننادي دائماً في التجمع لتبني نظام الفيدرالية.

- ما رأيك بما قاله نائب رئيس إتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة نبيل فهد: "عندما تكون نسبة تراجع الأسعار 0.82%، فهذا يعني أن ليس هناك أي تضخم، والأسعار عمومًا منخفضة،وبالتالي لا حاجة إلى تعديل في الأجور"؟

أولاً، إذا اعتمدنا هذه النظرية، أي التراجع بالأسعار، فهذا يعني أننا نشهد بطئاًإقتصادياً. لا نعلم على أي مؤشر استند الأستاذ نبيل فهد، ولكن ما تحدث عنه هو مؤشر سلبي ويدل على غياب النمو .

أما في ما يخص الأجور، فعلى المدى القصير زيادتها ستؤدي إلى تنشيط الحركة الإقتصادية، أما الآن فليس بإمكاننا تحمل تكلفة زيادتها بغياب مقدرات النمو، ما سيؤدي إلى التضخم على المدى البعيد.

- ما هي توقعاتك للإقتصاد في المرحلة المقبلة؟

حالياً آمالنا ضعيفة بحصول أي تغيير دراماتيكي للأوضاع إذا لم يتم إيجاد حل جذري للوضع السياسي الذي دائماً ما يخلق الإختلافات والصدامات، نحن دائماً نعمل في ظل حكم هذه التركيبة ذاتها التي لا تسمح لنا بتحقيق النمو ووضع خطة إقتصادية واضحة.

التغيير سيطرأ هو تنشيط قطاع الغاز، واليوم تركيزنا في التجمع الإقتصادي الإجتماعي من أجل لبنان على موضوع الغاز ونقوم بالتحضير لمؤتمر في شهر نيسان في الجامعة اليسوعية عن عدد من القطاعات، أولها الغاز لأنه بحسب الدراسات فإن حجم مواردنا بالغاز أكبر من حجمها بالبترول، القطاع الثاني هو الإقتصاد المعرفي والثالث العقارات الذي تراجع في الآونة الأخيرة مع العلم أنه ركيزة أساسية للإقتصاد اللباني.