هو شاب لبنان.. منتجه يحلّ مشكلة عالمية..

قرر أن يبتكر الحلّ فخطط وحاول .. ولا يزال يحاول حتى الساعة.

صادفته العديد من العقبات.. توقع في البداية أن تُطبق  فكرته مباشرة إلى أن اكتشف أن ما يقوم به هو الأول من نوعه على صعيد الشرق الأوسط ويتطلب خبرات عالية..

فلم يستسلم وتوجه مباشرة إلى أهل الإختصاص في "سيلكون فالي" ليكتشف أكثر.

عاد إلى وطنه وهو لا يزال يُصنّع .. ويدرس إمكانية طرح هذا المنتج بالتعاون مع شركات الإتصالات المحلية والعالمية..

رغم أن مشروعه مكلف إلا أن الممولين آمنوا بقدراته.. فهو يمشي عكس التيار ووحده من يجرؤ على السباحة خارج المساحة المحددة يُبحر في محيطات التفوّق.

المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "Krimston"  فؤاد فتّال.

كان لـ"الإقتصاد" مقابلة خاصة مع فتال شرح لنا فيها عن مغامراته المفعمة بالخبرات في عالم التقنية والإتصالات.

- من أين انطلقت مسيرتك الأكاديمية؟

تخصصت في مجال هندسة الكمبيوتر في جامعة "القديس يوسف" وتخرجت في العام 2006.

قبل تخرجي بعام كنت أتدرب في شركة لبنانية تُعنى بتطوير البرمجيات، وبعد تخرجي عملت ضمن هذه الشركة لمدة 3 سنوات.

كان دوري في الشركة منقسم بين شقين: الأول تقني، أما الجزء الأكبر فكان تسويق هذه المنتجات، الأمر الذي يتطلب مهارات إقناع وتواصل جيّدة، خاصة أنّ كلفة هذه البرمجيات مرتفعة جداً، إذ تتراوح أسعارها بين خمسين ألف دولار وخمس مئة ألف دولار، ما يتطلب بطبيعة الحال التحضير الدقيق لكل عرض بيعي مع أي شركة.

وكان المشروع ممتداً على صعيد منطقة الشرق الأوسط ككل ما ساعدني على الصعيد الشخصي في إكتشاف حبي للإقناع والتسويق عبر إستخدام مهارات التواصل.

ولأن الشركة لم تكن ضخمة من حيث الحجم؛ إستلمت العديد من المهام والمسؤوليات في آن معاً، فكنت أيضاً مسؤولاً عن تعيين كل الموزعين في الشرق الأوسط الذين سيمثّلون الشركة في الخارج.

وبعد هذه المرحلة إضطررت إلى ترك الوظيفة لكي أهتم بمشروع العائلة لمدة عامين.

ولكن في المقابل قررت أن أستمر في العالم التقني، وأسست أول شركة لي خلال العام 2009، وكانت تعنى بتجارة مستلزمات وإكسسوارات لشركة "آبل"، ولم يكن هذا المجال كثير الإنتشار حينها، لذا استوردت العديد من العلامات التجارية إلى لبنان والمنطقة بشكل عام.

إلى أن احتدت المنافسة في خلال العام 2011، وللأسف عندما نذكر كلمة " المنافسة في لبنان" عادة ما تكون "غير عادلة"، ففي الوقت الذي كنا ندفع كل ضرائبنا وتكاليف الشحن وغيرها.. لم يضطر بعض المنافسين إلى ذلك.

- من أين انطلقت فكرة "Krimston"؟

بعد أن واجهنا مشاكل على صعيد المنافسة "غير الشريفة" سابقاً، قررت بالتعاون مع شريكي في التأسيس نبيل نصر  أن نؤسس شركة "Krimston" في العام 2013، والتي بُنيت على أساس فكرة منتج "TWO".

-هل لك أن تشرح لنا أكثر عن مميزات " TWO"؟

"TWO" أو " Dual SIM case for iPhone"،  هو حلّ لكل مستخدم لهواتف "آيفون"  الذكية، الذين يعانون عند سفرهم من مشكلة الـ"data roaming"،  وهو أمر مكلف للغاية على صعيد العالم!

فقررنا أن نساهم في حل هذه المشكلة عبر السماح للشخص باستخدام شريحة ثانية "SIM Card" ضمن هاتفه الخاص.

وبهدف الحصول على تمويل؛ كان لا بد لنا من القيام بنموذج صوري عن المنتج، لذا استعنا بلوحة وبطارية من "سامسونغ" ، ومن بعدها أضفنا شريحة "SIM Card"  وطورنا تطبيق "Krimston Two"  الذكي  الذي يساعد على التحكم بهذه الشريحة، وكوّنا غطاء واقياً للهاتف "Cover" يعمل بمثابة  "Router".

كما يمكن استخدام البطارية لشحن الهاتف، بمعنى آخر ابتكرنا هاتفاً متكاملاً دون شاشة.

ومن بعدها اتجهنا إلى "سيلكون فالي" لنكتشف أكثر ما يمكننا أن نقوم به لنطلق هذا المنتج رسمياً.

وهناك عقدنا حوالي 25 إجتماعاً تعلّمنا من خلالها الكثير، ومن بعدها تعاونا مع جهات عدة لأننا كنا بحاجة إلى مصمم صناعي، ومهندس كهرباء، ومهندس ميكانيكي، الذي عليه أن يجمع بين الشق الصناعي والكهربائي.

وبدأنا العمل الفعلي في شهر كانون الثاني من العام 2015، وحتى اليوم نحن نضع اللمسات الأخيرة على إنتاج كميات كبيرة من "TWO" .

- ما هي الصعوبات التي واجهت عملية تصنيع منتجك؟

في كانون الأول 2014 تمكنا من الحصول على مبلغ قدره أربع مئة ألف دولار من ستة ممولين، بهدف تنفيذ هذه الفكرة ، واعتبرنا حينها أن المبلغ كان كافياً، إلا أننا كنا مخطئين.

بالإضافة إلى المعاملات المعقدة التي علينا أن نجتازها عند تعاملنا مع شركات الإتصالات المحلية والعالمية.

ومن الصعوبات التي واجهناها أيضاً فقدان بعض المواهب في لبنان،إذ لا نجد أي شخص يُعنى مثلاً بـ "Hardware Development".

بالإضافة إلى الشق التمويلي، حتى الآن كلّفنا هذا المشروع مليون ومئة ألف دولار، وحتى الساعة لا نملك منتجاً فعلياً. الأمر الذي يستغربه الممولون لأن مفهوم تطوير الأجهزة جديد على منطقة الشرق الأوسط، وعادة ما  تتجه الشركات الناشئة إلى تطوير التطبيقات وهي أقل كلفة بطبيعة الحال.

أما على صعيد "استيراد الخبرات"، نحتاج مثلاً في الشركة إلى خبير هندي، ولا يمكننا أن ندخله إلى لبنان إلا بتأشيرة عامل نظافة أو ما شابه .. وفي هذا الصدد أطلقنا صرخة، واجتمعنا مع رئيس الوزراء سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ونتطلع للإجتماع مع باقي السياسين بهدف حلّ هذه المشكلة وغيرها لكي يسفيد كل من يسعى في المستقبل لتأسيس شركته التقنية.

-أين تصنعون منتجكم؟

للأسف لا نملك في لبنان الإمكانيات المطلوبة لتصنيع أي منتج كهذا، لذا تنقسم عملية التصنيع بين الصين والهند.

بدأنا في الهند إلا أن النتائج لم تكن كما توقعنا، فانتقلنا بعدها إلى ماليزيا ولكننا لم نحصد النتائج المرجوة أيضاً.

ومن بعدها إنتقلنا إلى الصين، وكل محاولة كلّفتنا ما يقارب خمسة وأربعين ألف دولار.

- كيف تمكنتم من إقناع الممولين خاصة أن تكاليف الإنتاج والمحاولات مرتفعة جداً؟

بطبيعة الحال لم يكن مبلغ الأربع مئة ألف دولار الأول الذي حصلنا عليه كافياً، الأمر الذي دفعنا للحصول على أربع مئة ألف دولار أخرى من "كفالات"، التي تطلق برنامج يدعم الشركات الناشئة.

كما اتجهنا إلى آلية تمويل تُسمى "Crowd Funding".

وقمنا ببيع المشروع من خلال الطلبيات المسبقة وتمكنا من جمع مئة ألف دولار.

ونحن الآن بصدد البدء بجولة تمويل جديدة قدرها خمس مئة ألف دولار حصلنا على مئتي ألف دولار منها ولا يزال المبلغ الباقي قيد الدراسة.

- برأيك ما هي أهم العناصر المطلوبة لتأسيس مشروع ما؟

فريق العمل المتماسك أولاً، لأن الفكرة قابلة للتطوير والتغيير دائماً، وعلى فريق العمل أن يتأقلم.

أما ثانياً فخطة العمل القابلة للتنفيذ، رغم أنها ستشهد العديد من التعديلات؛ إلا أنها ستبقى دائماً  كمرجع لقياس أهدافك وإنجازاتك.

كما أن للخبرة لها دور كبير جداً عند تأسيس مشروع ما، إلا أنها لا تُشكل عائقاً، فعلى صعيد الشركات الناشئة على الفرد أن يسعى للإختلاط مع الخبراء والإستفادة من تجاربهم ونصائحهم.

- برأيك ما هي المقومات التي تساعد الفرد على تحقيق أهدافه؟

أن يكون متواضعاً، ويقتنع أن في هذا العالم أشخاص على إطلاع أكثر أو أكثر مهارة.

فهنالك خط رفيع جداً يفصل بين رائد الأعمال الماهر والمُتكبّر، ومجال عملنا مبني على فريق العمل الواحد الذي يسير على خطة واحدة، لذا الرائد الناجح يدعم الآخرين في تحقيق الهدف المرجو.

للأسف في لبنان ، نرى العديد من المتكبرين، وإذا أردنا أن نبني قطاعاً ناجحاً علينا أن نتشارك في المعرقة، النجاح والمحاولات، ولكن في لبنان يعتبر البعض أن المحاولات المتكررة هي فشل!

كما أننا في لبنان علينا أن نعي في لبنان أن الحصول على كلمات شكر أو تقدير تكون نتيجة أفعالنا وإنجازاتنا وليست هدفنا الأكبر.

- من خلال تجريتك الخاصة ما هي الرسالة التي تود إيصالها للشباب اللبناني؟

تسلحوا بالشغف والمثابرة!

الطريق ليست سهلة أبداً! ستصلون إلى مرحلة قد تفقدوا خلالها الإيمان بقدراتكم، لكن عليكم أن تحاربوا من أجل أحلامكم.

ما يميّزكم عن الموظفين أنكم كلما تتطلعتم للأعلى كلما واجهكم تحد جديد...

رائد الإعمال لا يرضى بالنتائج العادية .. وسيبقى متعطشاً للمزيد.

إقتنعوا بطاقاتكم وأحلامكم.. إستناداً إلى وقائع ثابتة قد ينعتوكم بـ"الفشلة" لا تكترثوا.. وثابروا!

بعد التخطيط ستصادفون عقبات، وسيتغير منحى عملكم.. أخلقوا الحلول وتابعوا مسيرتكم.

ولا تخافوا من المنافسة فهي محرّك إيجابي يعني أن هنالك حاجة لمنتجك.

وأقول لكل من ينوي الإنضمام للنظام الإيكولوجي ، أن يستفيد من الخبرات السابقة لا تعودوا للوراء، فلا وقت لتغيير الماضي، ركزوا في الحاضر واركضوا نحو المستقبل..