بعد أزمة التفاح التي عصفت بالقطاع الزراعي اللبناني منذ أشهر، وإنشغال الحكومة السابقة بمحاولة حل المشكلة وتأمين أسواق لتصريف الموسم الزراعي .. ظهرت ازمة جديدة لتقف في وجه عدد كبير من المزارعين الفقراء، فكساد موسم الحمضيات بات مسالة وقت إن لم تتحرك الحكومة سريعا لإنقاذه.

فمزراعو الحمضيات في الجنوب والشمال يعانون من عدم إمكان تصدير انتاجهم لاسباب عدة، منها إقفال الحدود البرية بين سوريا والاردن بسبب الحرب القائمة في سوريا، مما انعكس سلبا على المزارع الذي يعتمد وبشكل اساسي على تصدير انتاجه الزراعي برا الى الخليج والدول العربية، بحيث يرتفع سعر كلفة شحن طن الحمضيات الى 500 دولار عبر قناة السويس، أي بزيادة 250 دولارا عن شحنه عبر الحدود السورية، مما ينذر بكارثة زراعية تؤدي الى خسائر كبيرة تقدر بمئات الملايين من الدولارات.

كما أن إغراق السوق اللبناني بالحمضيات السورية الرخيصة الثمن، يزيد الطين بلّة على المزارعين، ويمنعهم من تصريف جزء من إنتاجهم في السوق المحلي.

وهذا الامر بات يهدد حوالي 60% من العاملين في القطاع الزراعي بالشلل، ولا سيما في منطقة صور بالاضافة الى سواحل أبو الاسود شمالا ورأس العين جنوبا، حيث سيصار الى تلف منتوج الحمضيات لهذا العام اذا ما استمر الحال على ما هو عليه، بسبب عدم وجود أسواق بديلة، بالاضافة الى توقف مصانع التوضيب عن العمل، مما يهدد الاف العمال بالتوقف عن العمل في هذه المصانع.

وللحديث أكثر عن هذا الملف، كان لـ"الإقتصاد" مقابلة خاصة مع رئيس جمعية المزارعين أنطوان حويك، الذي إعتبر أن "زراعة الحمضيات اليوم تعاني من مشكلتين، الأولى تتعلق بالتهريب الغير شرعي عبر الحدود اللبنانية السورية، وهذا يدخل ضمن مهام الجمارك اللبنانية التي تمتلك القدرة على وقف هذا الأمر، إلا أن الفساد الذي يضرب هذا الجهاز الأمني يحول دون ذلك .. فمديرية الجمارك اليوم بإمكانها النزول إلى الأرض ومصادرة المنتوجات الزراعية المهربة، خاصة وأن الأسواق التي تحتوي على هذه المنتوجات معروفة للجميع، إلا أن التواطؤ الذي يحصل من قبل بعض المسؤولين وأصحاب المصالح الشخصية يبقي الأمور على ما هي عليه ويدفع بالمزارع اللبناني نحو الهاوية".

وتابع "أما المشكلة الثانية فهي تتعلق بإرتفاع كلفة الشحن مع بداية الحرب السورية وصولا إلى إقفال الحدود البرية كليا، فلم يعد أمام المزارع سوى البحر لتصريف الإنتاج وهذا ما أدى إلى تراجع الصادرات الزراعية اللبنانية بنسبة تخطت الـ58% منذ عام 2010 حتى عام 2016 كما إنخفضت القدرة التنافسية للمنتجات اللبنانية في الأسواق الخارجية بسبب إرتفاع كلفة الشحن البري .. لذلك رفعنا الصوت عاليا منذ سنوات وطالبنا الدولة منذ بداية الأزمة بإستئجار أو شراء عبارات وتكليف شركة شحن لإدارة الموضوع، إلا أن هذا الإقتراح رُفض كلياً، وتم إعتماد حل أخر وهو دعم كل شاحنة لبنانية بمبلغ 2000 دولار لتوصيلها إلى مصر أو السعودية، إلا أن شركات الشحن إستغلت هذا الامر ورفعت أسعارها، فلم تستفد الصادرات اللبنانية بتاتا زراعية كانت أم صناعية، وهنا أيضا ياتي دور الدولة الغائبة عن معظم قطاعاتها الإقتصادية".

وقال حويّك "الحل في موضوع محصول الحمضيات ممكن، فالدولة بإمكانها مساعدة المزارعين عبر إستئجار باخرة ونقل الإنتاج مجانا للسعودية التي تعتبر السوق الأساسي لهذه المنتجات، ولكن للأسف لا حياة لمن تنادي، فما يهم هؤلاء هو السرقة فقط والعمل من اجل مصالحهم الخاصة".

وورداّ على سؤالنا عن تعاونهم كجمعية وكنقابات مع وزير الزراعة الجديد غازي زعيتر، أكد حويّك أنهم "طلبوا إجتماعا من الوزير منذ تشكيل الحكومة، إلا انهم لم يتلقوا أي جواب حتى الأن بهذا الخصوص، ولم يتم تحديد موعد لإستقبالنا".

اما فيما يتعلق بالأضرار التي تكبدها المزارع اللبناني جراء العاصفة الأخيرة قال "هناك أضرار بالطبع ولكن لا يمكن إحصاء الخسائر قبل أسبوع تقريبا، فالضرر الذي يلحق بالمزروعات لا يأتي فقط من العاصفة، بل من موجة الصقيع والجليد التي تضرب المناطق الجبلية بعد العاصفة وخاصة المناطق العكارية".

وإعتبر حويك في حديثه لـ"الإقتصاد" أن "العام 2016 هو الأسوأ في تاريخ القطاع الزراعي اللبناني على كافة المستويات، فالصادرات تراجعت بشكل كبير، كما أن قدرة المنتجات اللبنانية على المنافسة إنخفض بشكل كبير، أضف إلى خسارة لبنان للعديد من الأسواق" .. معربا عن تشاؤمه بمستقبل هذا القطاع "في ظل هذا النظام الحاكم في لبنان والغائب عن كافة القطاعات الإقتصادية وفي مقدمتها القطاع الزراعي".