في عدَدِھا الشھري الصادر عن شھر كانون الأوَّل المُنصَرِم، قدَّمت مجلّة إتّحاد المصارف العربيّة دراسةً قَيَّمت من خلالھا أداء مُختَلَف القطاعات المَصرفيّة العربيّة، وأداء القِطاع المصرفي العَرَبي كَكُل.

نتيجةًلھذا التقييم، صَدَر ضُمن الدراسة ترتيْب للقطاعات المَصرفيّة العربيّة إرتَكَز على عناصر عدّة،وجوانب من الأداء المالي للمَصارِف العربيّة.

بدايةً، أظھَرَت الدراسة تراجُعاً في نِسَب نمو القطاع المصرفي العَرَبي بِشَكل عام خِلال عامَي 2015 و 2016 مقارنةً مع عامَي 2013 و 2014 (إنخَفَضَت نِسَب نمو الأُصول المُجَمَّعة من 8.7% و 7.4% في عامَي 2013 و 2014 بالتتالي إلى 4.4% في العام 2015 و 2.8% حتّى نھاية الأشھُر التسعة الأولى من العام 2016.)

أمّا بالنسبة لتَرتيب القطاعات المصرفيّة العربيّة، فَقَد تصدّر القطاع المصرفي الإماراتي القائمة، تلاه السعودية ثم مصر، فقطر، والكويت.

أمّا لبنان الذي احتل المرتبة السادسة، فَقَد وَصَلَت قيمة الموْجودات لدى قِطاعِهِ المَصرفي إلى 195.8 مليار دولار حتّى شھر أيلول 2016 وھو ما يُشكّل نسبة 5.98% من موجودات القِطاع المَصرفي العَرَبي.

وتشير تقارير أخرى إلى أنه وبفضل الهندسة المالية التي طبقها مصرف لبنان في العام 2016، تمكنت المصارف التجارية اللبنانية من زيادة ودائعها بـ 8.7 مليارات دولار حتى تشرين الثاني 2016، اي بنسبة 5.49%.

وللحديث أكثر عن السيولة الضخمة للبنوك اللبنانية اليوم وعن تأثيرات غنى هذا القطاع، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع رئيس دائرة الأبحاث في بنك لبنان والمهجر ​مروان مخايل​:

- تشير التقارير إلى أن القطاع المصرفي بات يحمل سيولة كبيرة نحو ثماية وعشرين مليار دولار، بفعل الهندسة المالية الأخيرة لمصرف لبنان ،ما يدفع المصارف اللبنانية إلى زيادة حجم الإقراض، ما هو برأيك تأثير ضخ هذا المبلغ في الإقتصاد؟

لنكن أكثر وضوحاً، السيولة في القطاع المصرفي اللبناني ليست ثمانية وعشرين مليار دولار لأن الهندسة المالية أصلاً كانت للحصول على الدولار من المصارف اللبنانية مقابل الليرة اللبنانية من مصرف لبنان، أي أن سيولة البنوك بالليرة اللبنانية وليست بالدولار.

ولأن الأموال بالليرة فإن المصارف وضعتها كودائع في مصرف لبنان، والسبب هو أن 75% تقريباً من القروض في لبنان تكون بالدولار، لذلك فمن الصعب الإقراض بالليرة اللبنانية (ليس هناك سوى قروض السكن بالليرة اللبنانية وذلك لأنها مدعومة من مصرف لبنان).

من الصعب على المصارف اللبنانية إيجاد مخارج للسيولة بالليرة اللبنانية غير شراء سندات الخزينة أو بشراء شهادات إيداع من مصرف لبنان.

- إلى أي مدى ترى أن هذا الموضوع يؤكد ضرورة الشراكة بين القطاعين العام والخاص؟

موضوع الشراكة بين القطاعين العام والخاص من المفترض أن يكون موجوداً أصلاً. أما بالنسبة لموضوع السيولة فالقطاع الخاص لم يكن لديه سيولة يوماً، والبرهان على ذلك هو أن المصارف تقدم القروض وتستثمر بسندات الخزينة وشهادات إيداع مصرف لبنان باليورو.

الشراكة بين القطاعين المذكورين مهمة لأن الدولة لم يعد بإمكانها تحمل المزيد من الدين العام، ولذلك فإن الإستثمارات التي من المفترض أن تقوم بها يجب أن تسلّمها إلى القطاع الخاص الذي يمكنه تكبّد التكاليف والمشاركة بالأرباح. الخصخصة في أي قطاع كان من الكهرباء إلى الإتصالات والطرقات إلى ما هنالك...أمرٌ إيجابي.

نحن بحاجة إلى الكثير من الأموال للإستثمار في البنى التحتية في لبنان حيث لم يتم الإستثمار فيها منذ حوالى العشر سنوات.

- كيف أثر برأيك إنجاز الإستحقاقات السياسية على المصارف، مع هذه الأجواء الإيجابية التي شهدها البلد؟

بالتأكيد كان لإنجاز هذه الإستحقاقات نفحة إيجابية من ارتياح في الأسواق خاصةّ في ظل وضع أمني ممسوك، ما يؤدي إلى ارتياح المستثمرين ورجال الأعمال والمصارف أيضاً، كما لحظنا إرتفاع البورصة أيضاً وازدياداً ملحوظاً بعدد السياح في فترة الأعياد الشهر الماضي (ينقصنا سياح الخليج الذين ننتظرهم ونتمنى أن تؤدي زيارات رئيس الجمهورية إلى نتائج). ولكي نشهد التأثيرات الحقيقية علينا الإنتظار إلى حين استرداد الثقة التي تظهر مع خطوات الحكومة وقراراتها.

- ما هي توقعاتك للإقتصاد في الفترة المقبلة؟

أتوقع إنتعاش الإقتصاد بالتأكيد، لكن إلى حدٍّ ما، أي أننا لن نعود مباشرةً إلى نسب نمو 10% لأننا بحاجة ماسةإلى الإستثمار في البنى التحتية.

مقارنةً بالسنوات الماضية سنشهد إنتعاشاً بالتأكيد إذا قامت الحكومة بالخطوات اللازمة.