يعرَف عن أي محامي بأنه ممثل العدالة على الأرض، والمفارقة هنا أنَّ ليس كل محامٍ هو ناجح ومتفوق في مهنته التي تتطلب الكثير من النزاهة..

ولكن "شخصيتنا" تختلف عن قصة أي محامي عادي درس وأسس مكتب واكتفى بذلك..

فهو أكاديمي عريق!

إمتزجت حياته بين المسار الأكاديمي والمهني..

أحبّ المحاماة من قلبه فأعطاها قدر المستطاع إلى أن طُلب منه تأسيس كلية للحقوق في دبي. وبينما كان يتابع دراسته في فرنسا طُلب منه التدريس، أما في بيروت فقد أسس مركز الدراسات المصرفية في "الجامعة الياسوعية"  وصولاً إلى توكيله منصب محامي المصالح الفرنسية في الشرق الأوسط.

يولي أهمية كبرى للإنسان، الذي يعتبره رأس المال الأول والأهم..

يعتبر أن الأفكار تصنع المعجزات. وليست الثروات النفطية المدفونة تحت الأرض والبحار.

ومن هو قادر على تزويدنا بالنصائح هو خيرُ من يقود شباب المستقبل ويعطيهم من أفكاره وجهوده لكي يكونوا محامين قديرين في المجتمع يدافعون عن الحق والعدالة الإجتماعية..

لذا كان لـ"الإقتصاد" مقابلة خاصة مع عميد كلية الحقوق في جامعة "سيدة اللويزة" .. البروفسور المحامي معن بو صابر الذي حدّثنا عنأبرز محطات حياته الأكاديمية والمهنية.

-من أين انطلقت مسيرتك الأكاديمية؟

حصلت على الإجازة اللبنانية في الحقوق من جامعة "القديس يوسف"، ومن بعدها نلت شهادة الماجستير من الجامعة نفسها.

ثم انتقلت إلى فرنسا وكتبت أطروحة الدكتوراة في جامعة "Pantheon-Assas University" –"باريس 2"- وفي الوقت نفسه أعديت رسالة ماجيستير أخرى في "القانون المقارن".

وبينما كنت أُعد أطروحة الدكتوراة في فرنسا، طلبت مني جامعة "باريس 2" أن أدرس القانون التجاري في السنة الثالثة في كلية الحقوق .

وكنت قد انتسبت إلى نقابة المحامين في بيروت فور حصولي  على الإجازة اللبنانية في الحقوق وتدرجت في أحد المكاتب، إلىأن أصبحت محامياً بالإستئناف، وباشرت بالعمل في مكتبي الخاص الذي لا يزال قائماً لغاية اليوم ويضم عدداً من المحامين الذين يمارسون المهنة من خلال المكتب.

كما أنني فزت في مبارة أعدتها نقابة المحامين في بيروت بالمركز الأول.

أما على الصعيد الأكاديمي، فبدأت بالتدريس في جامعة "القديس يوسف" فور حصولي على شهادة الماجستير، ومع الوقت ترقيت في سُلّم التدريس إلى أستاذ مساعد فبروفسور.

طلبت مني إدارة الجامعة تأسيس كلية حقوق في الإمارات العربية المتحدة وتحديداً في دبي.

وبقيت في دبي لمدة خمسسنوات كتبت خلالها البرنامج الدراسي، واخترنا الأساتذة، وتعاونا مع الهيئات المحلية في دبي وتحديداً هيئة المعرفة والتنمية البشرية، وحصلنا على  إعترافين أكاديميين اي "Double Academic Accreditation" منهم الاعتراف الفيدرالي.

من بعدها عدت إلى لبنان لأهتم بمكتبي في لبنان والتدريس في الجامعة.

- هلاّ أخبرتنا عن المرحلة التي أسست فيها كلية حقوق في جامعة "سيدة اللويزة"؟

فور عودتي من دبي إتصلت بي جامعة "سيدة اللويزة"، وكانت الفكرة إنشاء كلية حقوق مختلفة عن كليات الحقوق الأخرى في لبنان، لأن "جامعة سيدة اللويزة" تعتمد النظام التربوي الأميركي وتُدرس باللغة الإنكليزية، فاستهوتني الفكرة واُعجبت بهذا التحدي.

تعاقدت مع إدارة الجامعة برآسة الأب البروفسور وليد موسى، وكان ذلك خلال شهر أيلول من العام 2013.

وبدأت بتأسيس الكلية، التي كانت في الأصل كلية علوم سياسية، وباتت منذ العام 2013 كلية الحقوق والعلوم السياسية Faculty of Law and Political Science.

أسست قسم الحقوق فقط إذ كانت كلية العلوم السياسية قائمة سابقاً، كتبت المنهاج الدراسي الكامل باللغة الإنكليزية، وبعد أن حصلت الجامعة على الترخيص القانوني لإنشاء كلية الحقوق من المراجع المختصة وتحديداً من وزارة التربية ومديرية التعليم العالي، لأن الكلية تُعطي الإجازة اللبنانية في الحقوق، ونقوم في الجامعة بتدريس القانون اللبناني كسائر الكُليّات ولكننا إضافة إلى ذلك ندرس النظام القانوني الانكلوسكسوني، وهذالم يعرف في لبنان من قبل.

كما نُدرّس في الكلية جميع الأنظمة القانونية، النظام القانوني اللبناني الفرنسي، النظام القانوني الإسلامي، والقانون الانكلوسكسوني أو Common Law.

بحيث يتمكن طالبنا من العمل في أي من هذه الحقول، ولكن الشهادة التي تُعطي له هي الإجازة اللبنانية في الحقوق التي تصدر عن وزارة التربية اللبنانية بالتنسيق والتعاون مع الجامعة اللبنانية.

والآن أنا بصدد تحضير برنامج الماجستير في Legal Latin Magister" " وسيتم التدريس باللغتين العربية والإنكليزية.

كما أعطي الطلاب ورش عمل مدتها مئة وخمس وستون ساعة مجانية، بالإضافة إلى التدريس النظري، والدورات التدريبية المجانية. كذلك نُنظم العديد من المؤتمرات والمحاضرات.

أما على الصعيد الشخصي فأشارك في العديد من المحاضرات، وكنت مؤخراُ في الأوروغاي حيث قدمت التقرير الوطني في القانون في موضوع فعالية القانون او "Enforcement of Law".

وسأسافر قريباً مع طلابي الى مصر للإشتراك للمرة الثالثة على التوالي في مباراة عالمية تنظمها جامعة "أكسفورد" وفي العام الأول فزنا بجائزة "Best Spirit" في العام الماضي فزنا بجائزة أفضل مرافعة.

- أسهمت في تأسيس مركز الدراسات المصرفية في الجامعة الياسوعية، كيف تصف هذه التجربة ؟

عملت مع البروفسور في الإقتصاد بيار نصر الله ، والبرفسور مارون أبو خالد الذي كان إدارياً،وأسسنا سويّاً مركز الدراسات المصرفية الذي وضعت فيه البرامج الأكاديمية، ودرسّت  القانون المدني والمصرفي.

- ما هي أبرز المصاعب التي واجهت مسيرتك المهنية؟

الحرب التي بدأت فور تخرجي من الجامعة وكنت قد أنهيت تدرجي،ما يعني أنه بات يحق لي أن اُمارس المحاماة بإسمي.

أسست حينها مكتباً للمحاماة.. فضُرب .. ودُمّرت المنطقة بالكامل وأصبحت العودة إلى المكتب مستحيلة! 

عندها تعاونت مع مكتب أحترمه جداً، للمحامي فريد أبو حنب الذي كان أيضاً وزيراً للخارجية.

وفي مرحلة لاحقة بعد عودتي من فرنسا أسست مكتبي الخاص.

- ما هي المهمة التي أوصتك بها الحكومة الفرنسية؟

طُلب مني أن أكون محامياً للدولة الفرنسية في الشرق الأوسط، فذهبت إلى مصر لأتابع بعض الملفات المتعلقة بالحقوق المالية العائدة للحكومة الفرنسية، وبعد معالجتي لهذا الموضوع الذي استغرق ثلاثة أعوام عدت إلى لبنان.

- بنظرك ما هو الفرق بين الجيل السابق والحالي؟

أُفضل أن أبدأ بالعيوب للأسف، العيب الأكبر في شبابنا اليوم هو عدم المطالعة، ولا أتكلم عن طالب الحقوق أو العلوم السياسية فقط، بل على الطلاب بشكل عام.

لم نكن نفارق الكُتب، منذ سن السابعة لغاية اليوم، يؤسفني أن المطالعة باتت شبه مفقودة وأصبح الشباب اليوم يكتفون بالحدّ الأدنى. بنظري هذا الأمر انعكس سلباً على مستوى اللغة بشكل عام.

والعيب الآخر هوالإستخدام المفُرط للإنترنت وتحوّله إلى إدمان في بعض الأحيان.أاما العيب الثالث برأيي فهو الإستهتار، كُنا جدّيين أكثر وكنا نحترم الحياة والآخر أكثر.

ولكن الطالب اليوم منفتح ذهنياً أكثر، فللإنترنت حسنات أيضاً.

كما أن للعولمة فوائد كما لها عيوب، مثلاً أدرس اليوم في قسم الحقوق نوعاً من العقود التي لم تكن موجودة سابقاً وهذه ميزة هذا العصر، فإذاً يجب أن نعرف كيف نواكب العولمة ونستفيد منها.

وأن نكون على إطلاع دائم بكل ما يحصل في الخارج.

- برأيك ما هي متطلبات النجاح؟

انا أعتبر ان رأس المال المادي لا يعني شيئاً إذا كان القييمون على إنشاء مؤسسة ما غير مسؤولين، في حين أن رأس المال المتواضع بالإضافة إلى الكفاءة والأخلاق فإنها عوامل مكملة لنجاح الفرد والشركة.

- كونك على إختلاط دائم مع الشباب ما هي الرسالة التي تود إيصالها لهم؟

أدعو الشباب للإهتمام بالإنسان، فهو أهم مورد  طبيعي في العالم!

الإنسان أهم من الموارد الطبيعية المخزنة في الأرض والبحار، فهو الذي ينتج وهو رأس المال الفعلي.

مثال على ذلك، شركة "سامسونغ" التي تصل أرباحها السنوية 327 مليار دولار نتجت جراء فكرة واحدة.. أي إنسان.. فكم بئر من النفط نحتاج لنحصّل هذه القيمةنفسها؟؟

لذا رأس المال الأول والأهم .. هو الإنسان.

الطاقة عند الإنسان توصله إلى النجاح أو الفشل بحسب الجهود التي يبذلها للوصول إلى أهدافه، اللبناني يملك هذه الطاقات فلم يكن لبنان يومياً بلداً نفطياً منذ تأسيس، إلا أن طاقتنا فقط بحاجة إلى إدارة سليمة وقوانين ضابطة وداعمة..

أتأسف لأن البعض يعتبر أن احترام القانون ضعف.. بينما هو أرقى رتبة يصل إليها الإنسان.

سنتمكن من تحقيق المعجزات، إذا استثمرنا طاقاتنا وتوصلنا إلى ثقافة احترام القانونلذاته وليس فقط عند المنفعة الشخصية.