هي امرأة متقنة لعملها، مبدعة في أفكارها، ومتميزة في تعاملها. صنعت لنفسها مكانا في تاريخ التكنولوجيا الحديثة، فشاركت في اختراع جهاز الإستشعار "Sensio Air" الفريد من نوعه، وأثبتت أنه بالإصرار والعزيمة والعلم، تزيد فرص التقدم والنجاح في الحياة...

الشريكة المؤسسة لشركة "White Lab"، الدكتورة إيف تمراز نجار، قصة جديدة من قصص نجاح المرأة اللبنانية.

فلنتعرف إلى مسيرتها المهنية في هذه المقابلة الخاصة مع "الإقتصاد":

- من هي إيف تمراز نجار؟ وما هي المراحل التي مررت بها حتى وصلت إلى ما أنت عليه اليوم؟

بعد أن أنهيت تخصصي في الكيمياء الحيوية في "جامعة القديس يوسف"، "USJ"، سافرت إلى العاصمة الفرنسية باريس حيث حصلت على ماجستير في علوم السموم، والصحة والبيئة، مع تخصص فرعي في تصميم الأدوية. واكتسبت بعدها شهادة الدكتوراه في علم الأعصاب من "Ecole Normale Supérieure de Paris".

لقد درست التفاعلات بين الخلايا العصبية أثناء تشكيل الجهاز العصبي اللاإرادي، كما تخصصت في مجال البيولوجيا الإصطناعية، التي تتألف من أبحاث متقاربة ما بين الكيمياء، والبيولوجيا، وعلوم الكمبيوتر، والهندسة.

بعد ذلك، شاركت في تأسيس "White Lab" مع سيريل نجار، وأصبحت سفيرة لجمعية "Allergy UK" المتخصصة في المواضيع المتعلقة بالحساسية. ومنذ ذلك الحين، ركزنا على إحضار معدات مخبرية فاخرة للمستخدمين، من أجل تبسيط موضوع الحساسية والوقاية من الربو.

- أين كانت انطلاقة "White Lab" ومتى؟

أطلقت "White Lab" مع زوجي سيريل نجار في العام 2015، وكنت لا أزال أعيش في باريس من أجل إنهاء شهادة الدكتوراه، بينما كان سيريل في بيروت، وقد اعتدنا على السفر في غالبية الأوقات لكي نلتقي.

كنا جزءاً من مجموعة "UK Lebanon Tech Hub"، الأمر الذي شكل لنا فرصة رائعة للمشاركة في دورات الأعمال التي تقدّمها جامعات "Babson"، "Gazelles"، و"UCL"؛ وهذا النشاط أعطانا الأدوات اللازمة لإطلاق أعمالنا.

- كيف أتيتما بفكرة إطلاق "White Lab"؟

جاءت فكرة في البداية من أجل معالجة ألمٍ كنا نشعر به، زوجي وأنا؛ فنحن نعاني من الحساسية والربو، وبدأت تظهر علينا أعراض غير مفسّرة. وبالتالي كنا نشعر بالفضول لمعرفة ما الذي كان يسبّب لنا نوبات الحساسية، لذلك بدأنا بالعمل على جهاز استشعار يتعرّف على الجسيمات الموجودة في الهواء. ومن خلال تسجيل العوارض التي شعرنا بها، وربطها بمحيطنا وبيئتنا في الثانية ذاتها، فهمنا بسرعة أي نوع من الجسيمات تسببّت لنا بالحساسية، وتمكنّا من اتخاذ الإجراءات الفورية لحلّ المشكلة؛ ومن هنا ولد جهاز "Sensio Air".

- ما هي الصعوبات المهنية التي واجهتك خلال مسيرتك؟

لدي خلفية علمية بحتة، لذلك لم يكن من السهل علي الإنخراط في الجانب التجاري من الأعمال. كما أن أحد التحديات الرئيسة بالنسبة لي، يكمن في التخلي عن الإفراط في التفكير والإفراط في التخطيط، لمجرد إنجاز الأمور بسرعة وإنهائها.

فخلال عملي في المختبر، اعتدت على إعداد كل شيء قبل إجراء التجارب، ولكن في عالم الشركات الناشئة، هذا الأمر مستحيل! فما عليّسوى تحديد البنيةفقط، والإستماع إلى ردود فعل المستخدمين، ثم تكرار العملية بشكل سريع؛ وبالتالي واجهت تغييراً كبيراً في العقلية وطريقة التفكير والعمل.

- هل تعرضت للتمييز في العمل لمجرد كونك امرأة؟

لا أبداً، وكثيراً ما أسمع هذا السؤال حول سلبيات وجود المرأة في قطاع التكنولوجيا، ولكن برأيي الواقع هو عكس ذلك تماماً.

ولا بد من الإشارة إلى أن أكثرية العاملين في هذا المجال إلى اليوم، هم من الرجال، لكنني أحصل دائما على الإنتباه، وأشعر أنني موضع ترحيب.

- ما هي برأيك الصفات التي ساعدتك على التقدم في حياتك المهنية؟

القدرة على التكيف أساسية بالنسبة لي، فقد أدركت أهمية القيام بأي شيء تقريباً عند تأسيس شركة جديدة: من ترويج المنتجات للمستثمرين، حتى بناء الألكترونيات، والتعرف إلى تقنيات كتابة الرموز، وتدريب أعضاء الفريق،... وبالتالي على الإنسان أن يتعلم باستمرار كيفية التكيف مع الأوضاع الجديدة.

- ما هي الخطط والأهداف التي تسْعَيْن إلى تحقيقها في المستقبل؟

التكنولوجيا التي نستخدمها لتتبع الحساسية تضع حجر الأساس في هذا المجال، وتتميز بكونها متعددة الإستعمالات، وقابلة للتطبيق في مختلف المجالات. وبالتالي أنا متشوقة لدفعها إلى الأمام، والمساهمة في تعزيز الشفافية في مختلف أنحاء العالم.

ولا بد من الإشارة إلى أن القدرة على تمكين الإنسان من فهم البيئة المحيطة به، هي أمر رائع للغاية. كما أن التكنولوجيا التي نطوّرها، تمتلك إمكانيات واسعة، وتعتبر ركيزة أساسية في العديد من الامتيازات، وبراءات الإختراع، والبحوث.

- كيف استطعت التنسيق بين عملك وحياتك الشخصية؟

وضعي خاص ومتميز، لأنني محظوظة بالعمل مع زوجي سيريل نجار، وهذا الواقع يعطينا المرونة من أجل العطاء لساعات أطول في "White Lab"، دون الشعور بالتقصير تجاه حياتنا الشخصية. كما أنه من الرائع أن يتولى أحدنا مهمات الآخر إذا شعر بالتعب، والعكس بالعكس.

فنحن نعمل بجدية كبيرة، لكننا نقدّر أيضا الحياة المتوازنة، لذلك نتأكد دوماًمن ممارسة الرياضة بانتظام، ونسعى إلى الإجتماع مع أصدقائنا في الكثير من الأحيان؛ وهذا الأمر يعطينا دفعة قوية للعمل بنشاط أكبر.

- ما هي برأيك العقبات التي تقف في طريق تحسين وضع المرأة اللبنانية؟

التطورات المتعلقة بحقوق المرأة في الخدمة المدنية، مذهلة، لكن النتائج الملموسة على الأرض تبعث على السخرية، لأسباب تتعلق بالنظام الطائفي، وهذا الأمر يشكل عقبة غير قابلة للتذليل، ولا يمكن التغلب عليها.

- في ما يتعلق بحقوق المرأة، ما رأيك بالإنجازات الحديثة المحققة في لبنان؟

أعتقد أنه يتم حالياً زيادة الوعي حول حقوق المرأة في لبنان، كما يتم تسليط الضوء على المساواة والحماية.

من ناحية أخرى، تجري حاليا مناقشة المواضيع المتعلقة بالعنف المنزلي، والحق في حضانة الأطفال القاصرين، والكوتا النسائية في الإنتخابات البرلمانية، وبالتالي يبدو أن عملية التغيير هي على الطريق الصحيح.

- كيف تقيمين دور الرجل في مسيرتك العملية؟

أنا أسعى دائما إلى عدم التفرقة بين الجنسين أثناء العمل، فقد التقيت أشخاصاً رائعين من النساء والرجال، وأعتقد أن الشركات الناشئة توفّر اليوم الفرص المتساوية للمرأة والرجل؛ وهذا الواقع رائع ومثير للاهتمام...

- نصيحة الى المرأة.

إنها نصيحة للجميع: "الإتساق هو مفتاح الحل". ومهما كان الهدف الذي وضعه الإنسان، عليه محاولة الوصول إليه يومياً!