عاش ​القطاع العقاري​ اللبناني حالة من الركود خلال السنوات القليلة الماضية، لكنه تمكّن من الصمود رغم تراجع النمو الإقتصادي في البلاد. ومع انطلاقة العهد الجديد، وعودة النشاط والأجواء المتفائلة والإيجابية إلى الحياة السياسية، شهد قطاع العقارات بعض التحّسن، وعاد إليه الزخم على الفور، خاصة بعد الزيارة التي قام بها الرئيس ميشال عون إلى الخليج، والتي من شأنها إعادة الثقة إلى المستثمر والسائح الخليجي، وتوطيد العلاقات من جديد مع هذه الدول.

من جهة أخرى، كشفت إحصاءات المديرية العامة للشؤون العقارية، ارتقاع قيمة معاملات المبيع العقارية بنسبة 5.89% على أساس سنوي إلى 8.48 مليار دولار في 2016، مقابل 8.01 مليار دولار خلال العام 2015، وتراجع حصة الأجانب من عمليات المبيع العقارية إلى 1.75% في العام 2016 مقارنة بـ2.20% في العام 2015.

وللإضاءة على أوضاع القطاع العقاري في لبنان اليوم، ومعرفة ما ستؤول إليه أسعار الشقق، كان لـ"الإقتصاد" هذا الحديث الخاص مع رئيس نقابة الوسطاء والإستشاريين العقاريين في لبنان، ​مسعد فارس​:

- كيف تصف وضع القطاع العقاري اليوم مع عودة الإستقرار السياسي؟ هل تحسنت الأوضاع مع انطلاقة العهد الجديد؟

التغيير الذي حصل في الإجماع على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كان له تأثير إيجابي على السوق. لكن هذا التأثير عاد إلى التوقف، بعد تأخّر مدة تشكيل الحكومة، إنما عند حصول التأليف عاد النشاط من جديد.

لكن هذه الإيجابية بحاجة إلى المزيد من الوقت لكي تُترجم في عمليات عقارية مهمة على الأرض. إذ أننا نشهد حاليا على اهتمام واسع وزيارات وتساؤلات حول بعض المشاريع، وبالتالي فإن المواطنين يسألون ويهتمون من جديد، وبعضهم يعيد النظر في ملفاتهم القديمة.

وبالتالي هناك تطلع إيجابي، لكن التحسن الكامل والمتكامل بحاجة إلى المزيد من الوقت لكي يُترجم إلى ثقة كاملة. ونأمل أن يستمر العهد بالعمل كما يتمنّى الجميع، وحينها أنا متأكد من أن الأمور ستكون أفضل أكثر فأكثر ويوما بعد يوم.

- إلى أي مدى سيتحسن وضع القطاع العقاري في لبنان بعد زيارة الرئيس عون إلى السعودية وقطر، والعمل على تحسين العلاقات مع الخليج؟

زيارة الرئيس عون لها بالطبع أهمية كبيرة، وكزيارة أولية أسهمت في فتح خط من جديد مع دول الخليج، وفي إعادة التبادل الإيجابي. لكن هذا الأمر بحاجة أيضا إلى بعض الوقت، لكي يظهر ويترجم على الأرض.

وبشكل عام، هناك روح إيجابية في الأفق، وهذا الأمر ممتاز، لأننا عشنا خلال السنوات الخمس الماضية في ظل أجواء سلبية، وأداء سلبي، أما اليوم، فنحن نعيش بالفعل الروح الإيجابية.

- مع عودة السياح والمغتربين إلى لبنان، هل تتوقع زيادة الطلب على العقارات والشقق؟

تمّ الحديث عن مجيء عدد كبير من السياح والمغتربين، لكن القطاع العقاري لا يستطيع التجاوب مع الخبر بسرعة كبيرة؛ فالشخص بحاجة حتماًإلى بعض الوقت لكي يشتري منزلاً.

ولقد شهدنا على قدوم بعض المغتربين خلال عطلة عيد الميلاد ورأس السنة، وهذا الأمر أدى إلى نشاط كبير على الأصعدة كافة، لذلك نأمل قدوم عدد أكبر خلال فصل الصيف، وبداية فصل الربيع أيضا.

وبالتالي نأمل خيراً من الفترة المقبلة، ولذلك ندعو الأشخاص الذين يسعون فعلا إلى شراء وامتلاك منزل في لبنان، إلى أن يبدأوا بالشراء اليوم، لأنهم سيحصلون في الوقت الحاضر على أسعار أفضل من الفترة المقبلة، ومن ناحية أخرى سيسهمون في بدء تحريك عجلة هذا القطاع.

- ارتفعت قيمة معاملات المبيع العقارية بنسبة 5.89% على أساس سنوي إلى 8.48 مليار دولار خلال العام 2016، مقابل 8.01 مليار دولار خلال العام 2015. ما هي برأيك أسباب هذه الزيادة؟

أنا لا أؤمن أبداً بهذه الأرقام، لأنها لا تمثل السوق الحقيقية، فالتسجيلات العقارية لا تعني شراء عقار جديد؛ لأنه من الممكن أن يكون الشخص قد اشترى العقار منذ خمس سنوات مثلا، لكنه قرّر اليوم تسجيله.

لذلك لا بد من الإشارة إلى أن القطاع العقاري شهد تراجعاً ملحوظاً في السوق والبيع خلال العام 2016. ولقد خسرنا الكثير حتى في العقارات الصغيرة، أي ما دون خمس مئة ألف دولار؛ ففي حين كنا نبيع ما بين ثلاثينوخمسة وثلاثين ألف وحدة سكنية في السنة، لم يتعدَّ العدد عتبة عشرين ألف وحدة في العام 2016.

- ما هي توقعاتك بالنسبة لأسعار العقارات؟ هل أنت متفائل من المرحلة المقبلة؟ وهل سيستعيد برأيك القطاع العقاري نشاطه؟

أتوقع ارتفاع أسعار الشقق الصغيرة، واستقرار أسعار الشقق الكبيرة، أي أنها ستبقى متدنية. وبالتالي أعتقد أن القطاع العقاري سوف يستعيد نشاطه بالنسبة إلى الشقق الصغيرة وليس الكبيرة، لأن هذه الأخيرة بحاجة إلى المزيد من الوقت، والمزيد من الزخم والقوة الدافعة، لكي يعود إخواننا العرب والمغتربون اللبنانيون، ويشترون الشقق الكبيرة ومرتفعة الثمن.

وبالتالي فإن أسعار الشقق الصغيرة المعقولة والتي تكون بمتناول الجميع، سوف ترتفع أسعارها لأن الطلب عليها سيزيد كثيراً؛ إذ إن هناك عدد كبير من الأشخاص الذين يعتزمون الشراء، والذين كانوا ينتظرون الهدوء والاستقرار في الحالة السياسية وعودة الثقة.

أما الشخص الذي يسعى إلى الإستثمار بشكل أكبر، وإلى صرف الملايين من الدولارات في لبنان، فهو بحاجة إلى رؤية الدليل الحسي وليس الوعود فحسب، لكي يأخذ هذه الخطوة.