في المقاييس المعتمدة في حركة التجارة يتم الاعتماد على حركة المرافئ الشاهدة على حجم الواردات والصادرات بحيث يمكن تحديد مستوى الميزان التجاري . ولا شك انه رغم كل الظروف الصعبة والانكماش الاقتصادي الذي كان سائدا، والمرتقب ان يخرج منه لبنان شيئا فشيئا في العام الحالي، بعد عودة النشاط الى المؤسسات الدستورية وبدء تسرّب موجات التفاؤل وسط التفاهمات السياسية،  صمد مرفأ بيروت يسبح عكس التيار الذي  كان مخيّما،  بحيث ان  حجم التداول فيه حافظ على وتيرة جيدة في نقل البضائع والمستوعبات.

باختصار ان حركة مرفأ بيروت هي اكثر من مقبولة رغم التوترات السائدة في المنطقة ووسط الكلام الكثير الذي يتردد عن لعب لبنان بمرافئه دورا محوريا في عملية إعادة اعمار سوريا.

ولكن هل ان الحركة التجارية التي تمرّ في مرفأ بيروت بحاجة الى رسوم مخفّضة ، و الى تعرفة جمركية جديدة بما يتلاءم مع تطوّرالنقل البحري؟

ما هي جدوى تخفيض الرسوم المرفئية اليوم؟ هل يعاني هذا المرفق الحيوي الذي هو بوابة لبنان الى الخارج من المنافسة ؟

جارودي

رئيس نقابة الوكلاء البحريين حسن جارودييقول : انه من وجهة نظره لا يؤيد فكرة تخفيض اي رسوم مرفئية عكس ما يطالب به البعض. واعتبر ان مرفأ بيروت له وضع خاص لا يمكن مقارنته باي مرفأ آخر في لبنان، ولا بالتالي وضعه على خط المنافسة الداخلية خصوصا وانه من اهم المرافئ الموجودة في المنطقة وفي البحر المتوسط، على مستوى الخدمات المؤمنة فيه ، ودوره المحوري على صعيد النقل البحري، ليس فقط في لبنان اي الداخل ، وانما في المنطقة  ككل .

واوضح انه لايمكن استعمال مطلب خفض الرسوم فيه ومساواتها بباقي المرافئ كطرابلس وصيدا، ولا تجوز المقارنة في هذا السياق لأّن عائدات هذه الرسوم تصّب في مصلحة خزينة الدولة .

والارباح التي يحققها المرفأ  وهي بحدود 200 مليون دولار سنويا لايمكن وضعها في نفس الخانة مع ما يحققه باقي المرافئ اللبنانية.

اذاً ليس المطلوب الذهاب ال  إرساء المضاربة بين المرافئ اللبنانية . وهذا رأي في غير محله بذريعة انه يجب حصر الاشغال بمرفأ بيروت دون غيره .

ويعتبر جارودي ان المنافسة مشروعة من ضمن سياسة مرفئية شاملة تلحظ تعرفة  علمية ومدروسة، وليس لصالح اي جهة  تطمح الى تخفيضها بهدف استقطاب المزيد من البضائع اليه.

ويشير الى ان التعرفة الحالية في مرفأ طرابلس هي ادنى بكثير من التعرفة المعمول بها اليوم في مرفأ بيروت. الا ان هذا لايعطيه الاهمية الاكبر كما انه لا يستدعي ضرورة خفض الرسوم في مرفأ بيروت لتنشيط العمل فيه ، علماً انه لا يمكن منافسته في اي مجال لا في الداخل ولا في المنطقة، وذلك لجهة الادارات التي تتعامل معه من جمارك ،امن عام، وكالات بحرية وغيرها ... ، فضلا عن دوام العمل فيه الذي هو على مدى 24 ساعة وطيلة ايام الاسبوع ، الى جانب الميزة التفاضلية التي يتميّز بها في سرعة نقل وشحن البضائع منه واليه.

ويتابع :لا ننسى ان محطة المستوعبات الحالية هي من انجح المحطات الموجودة في المنطقة.

وعن الحاجة الى توسيع المرفأ  في هذه المرحلة، يرى جارودي انه ليس هناك اي ضرورة لذلك؛ فهذا المرفق يقع في قلب العاصمة ويشهد حركة خروج ودخول اكثر من الف شاحنة يومياً . وهذا سبب كاف لحدوث الازدحام على ابوابه. من هنا، فانه من الافضل الاستفادة من اقصى طاقته الاجمالية حيث يسجل اليوم التداول بمليون و200 الف حركة  اي نسبة 70% فقطليصبح  التداول بمليون و800الف اي بزيادة نسبتها 30%.

كما ان  ومن المعروف انه عندما يقع  المرفأ ضمن النطاق الجغرافي للعاصمة  من غير الصائب تحميله زحمة وعبء حركة الشاحنات. ففي دول العالم يتم الاعتماد على نقل البضائع من المرافئ بواسطة القطارات.

الرسوم الجمركية

وعن وضع الرسوم الجمركية يرى جارودي ان المطلوب في هذا السياق  ورشة عمل شاملة لإعادة تقييم السياسة الجمركية التي لم يكتب لها النجاح. والمطلوب ايضا مراجعة كل الاتفاقات الدولية التي تم ابرامها لانها منحت اعفاءات جمركية كثيرة لبعض السلع والبضائعمما سمح بتسهيل انسيابها  بشكل عشوائي وغير مدروس، بعيدا عن اي خطة علمية اقتصادية تأخذ بعين الاعتباروضع الميزان التجاري في لبنان.

ويلفت الى ان عدم اكتمال خطة المكننة في عمل الجمارك يعرقل سير العمل في مرفأ بيروت . من هنا،  هناك حاجة ملحة الى ورشة عمل تجمع المختصين والخبراء توّصلا الى إ قرار خطة المكننة والسير بها.

وذكر انه على سبيل تحسين سير العمل فان تطبيق المكننة يساعد في تخفيض مدة مكوث البضائع   واختصار المدة الزمنية بحيث يصبح معدل مكوثها 5 ايام بدلا من 11يوماً مما يوسع تلقائياً  طاقة المرفا الاستيعابية.

واستناداً الى هذه المعطيات من مصادرها العليمة والموثوقة اصبح واضحا ان مرفأ بيروت همزة الوصل للبنان مع الخارج وبين الشرق والغرب ، ونافذة اطلالته الى العالم بحاجة الى بعض الترتيبات اللوجستية التي تسهّل سير العمل فيه، وليس الى اقحامه في مباراة محلية على مستوى الخدمات علما انه سيبقى  يتفّرد بنوعيتهاالمتطورة عن غيره من المرافئ .