ربيع دمج

قد تصلُح حكاية السوري المقيم في لبنان "رفيق.د" بأن تكون نصاً لمسرحية أو فيلماً كوميدياً ساخراً رغم جدّية الموضوع المرتبط مباشرة بالإرهاب والقتل.

رسائل نصيّة غير مفهومة وُجدت على ​هاتف​ه المحمول كانت السبب لإلقاء القبض عليه من قبل مخابرات الجيش اللبناني منذ أشهر طويلة، رسائل لا تحمل في طياتها جملاً أو معاني واضحة بل عبارات مقتضبة مشتتة لا تخلو من الرموز المبعثرة اعتبرتها مديرية المخابرات بأنها "شيفرة" التواصل بين الإرهابيين في لبنان وسوريا.

ليست الرسائل المُبهمة في هاتف "رفيق" هي السبب في وقوعه بقبضة الجيش اللبناني، وإنما حوالات مصرفية كانت تصله شهرياً من سوريا لا تقلّ قيمتها عن مئة دولار أميركي وتصل أحياناً إلى مئة وخمسين أو مئتي دولار أميركي في أقصى الأحوال.

 مثل "رفيق.د" أمام قوس المحكمة العسكرية في بيروت ليبرر موضوع الـ"7 خيوط" و"فستان الجارة" و"البخور المنثور". 

فرّ رفيق من منطقة القلمون  متجهاً إلى عرسال بحثاً عن الأمان والعمل، وهو ربّ عائلة مؤلفة من خمسة أولاد وزوجة، عمل كـ " بلاّط" وفي كسوة الباطون فكان يقوم ببناء غرف مخيم اللاجئين السوريين وإصلاحها،المخيّم الذي تشرف عليه الأمم المتّحدة، ومن بينها غرفة المدعو "همّام.ر" المتهّم بقتاله إلى جانب صفوف "داعش" لكن رفيق لم يكن يعلم أن همام متهّمٌ وملاحقٌ، كما أنه لم يعلم  بأن الإتصال معه هاتفياً  كل شهر للإستحصال على مستحقات بدل أتعابه في تصليح غرفة "همام" سيدخلانه السجن.

إذ طلب مواطنه السوري "همّام" أن يقسّط له بدل أتعابه عن أعمال كسوة الغرفة، كونه غير قادر على تسديد المبلغ دفعة واحدة، وأخبره أنّ حوالات ماليّة ترده بصورة شهريّة من أحد الأشخاص بقيمة مئة أو مئة وخمسين دولاراً، وأنّ بإمكانه أن يطلب من المرسل إرسال الحوالات الماليّة بإسمه هو.

ذهب رفيق  ليتلقّى الحوالات الماليّة التي وصلت قيمتها إلى نحو خمس مئة دولارعلى أربع دفعات أو خمس، كانت ترده فيها رسائل هاتفيّة للتأكيد على استلامها. ولكن في المرة الأخيرة وقع في قبضة المخابرات بعد مراقبته، وتم الكشف عن الرسائل الغير مفهومة، فماذا قال عنها رفيق أمام رئيس المحكمة العميد حسن عبدالله ؟

كان أحد أبنائه الخمسة في الفترة التي قُبض فيها عليه، يمرض باستمرار ويُدخله المشافي للعلاج، وإزاء "عجز الأطباء" عن معالجته، تواصل مع إحدى العرّافات التي سمع أنّ بمقدورها شفاء ابنه.

طلبت منه  "العرافة" عبر رسائل هاتفيّة بأنّ يُحضر بخوراً وسبعة خيطان يقصّها من أطراف سبع فساتين من نساء الحيّ، وأن يحضر برفقة ابنه لتحضير حجاب يكون الشافي لطفله المريض.

هذه الرواية أثارت ضحك الحاضرين بمن فيهم أحد المستشارين للرئيس عبدالله ليتدخّل ( وقلما تحصل هذه الامور) ويسأله باستغراب "هل شُفي إبنك؟". فكان جواب رفيق بالنفي.

وعن همام قال  "الرجل الذي تقصدونه طُرد من النصرة وتمّ تكفيره وهو حضر إلى عرسال وأقام فيها، وكان أولاده يلعبون الورق مع أولادي".

وكانت والدتهم  ترسل لزوجتي عبر الهاتف رسائل تكتب فيها  "لماذا تأخّروا.. أرسلوهم" قاصدة بذلك إرسال الأولاد كيلا يتأخروا ويخلدوا إلى النوم. وليس أي شيء آخر.