من المتوقع ان تشير رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، هذا الأسبوع، إلى خطط لخروج صعب لبلادها من الإتحاد الأوروبي من خلال إعلانها عن رغبة ​بريطانيا​ الخروج من السوق الأوروبية للسلع والخدمات لاستعادة السيطرة على حدود بلادها وقوانينها، بحسب ما نشرته صحيفة "صنداي تايمز".

وفي خطابها الذي ستلقيه نهار الثلاثاء، ستحضّر ماي لعملية خروج بريطانيا من الرسوم الجمركية للتجارة الحرة مع دول الإتحاد في مقابل كبح موجة الهجرة، وإبرام صفقات تجارية مع بلدان أخرى، والهروب من اختصاص محكمة العدل الأوروبية بحسب ما أضافت الصحيفة دون ذكرها مصدر الخبر.

بدوره، لفت وزير المالية البريطاني فيليب هاموند في مقابلة صحافية، إلى أن بلاده قد ترغب بالتخلي عن الفكر الإقتصادي والإجتماعي السائد في حال لم يكن قادراً على صياغة صفقة مؤاتية للإتحاد الأوروبي لما بعد مرحلة البريكست، بحسب ما نشرت صحيفة "ويل ام سونتاغ" الألمانية.

ويشكل مخطط ماي حول البريكسيت خطراً كبيراً للمستثمرين والمصرفيين ومدراء الشركات لأنها ستخصص القضايا الإجتماعية على النمو الإقتصادي. فيما أبلغت مصادر حكومية صحيفة "صانداي تايمز" بأن  يكون خطاب ماي الثلاثاء تصحيحاً للسوق. وقد انخفض الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوياته خلال الأسبوع الماضي أمام الدولار الأميركي منذ تشرين الأول الماضي بسبب القلق حول نوايا ماي.

هذا ورفض مكتب رئيسة الوزراء التعليق حول التقرير في اتصال مع وكالة "بلومبيرغ" الإخبارية. وفي بيان منفصل، لفت المكتب إلى أن ماي ستعلن في خطابها المرتقب أنه كان هناك خلاف كبير حول مسألة خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي إلا أنه في الوقت الحالي يتحد الناخبون لجعل هذه العملية ناجحة.

وأضاف المكتب في بيانه أن ماي شتشدد في خطابها على أن غالبية الشعب البريطاني سيسعى لجعل عملية البريكست حقيقة.

كما أن ماي ستسعى إلى فترة انتقالية بعد الخروج من الإتحاد الأوروبي وبداية علاقات تجارية جديدة حسب ما أعلنه وزير البريكسيت ديفيد ديفيس لصحيفة "صنداي تايمز" . وأضاف أن هذه الخطوة تأتي لتجنّب الرسوم الجمركية التي ستفرض بعد عملية الخروج ومنح الشركات البريطانية وقتاً للتكيّف مع الوضع الجديد.

وقال ديفيس إنه لا يريد أن تفشل بريطانيا بل أن تزدهر سياسياً وإقتصادياً، وأن بلاده ستسعى لإقناع حلفائها بأن العلاقة الجديدة القوية مع الإتحاد الأوروبي ستساعد هذا الأخير على القيام بذلك، مضيفاً أنه "إذا كان ذلك ضرورياً، فسننظر في الوقت المناسب لتنفيذ الترتيبات الجديدة".

تقرير برلماني

بعد سبعة أشهر على تصويت 52% من الشعب البريطاني على خيار الخروج من الإتحاد الأوروبي في مقابل 48% يؤيدون البقاء داخله، وقبل ثلاثة أشهر من تاريخ بدء مفاوضات الطلاق النهائي، تتعرض ماي لضغوط من الداخل والخارج للبوح بتفاصيل خطتها الإستراتيجية. وفي تقرير صدر السبت الماضي، أعلنت لجنة من المشرّعين المولجين التدقيق في عملية الخروج من الإتحاد الأوروبي أنه ينبغي على حكومتهم أن تقدم خارطة طريق حول الموضوع في منتصف شهر شباط المقبل.

خطاب كارني

سيوجه حاكم مصرف بريطانيا المركزي مارك كارني – الذي تعرّض لانتقادات واسعة في الأشهر القليلة الماضية بسبب مشاركته في نقاشات البريكست - مساء اليوم في لندن في حين رفض المصرف المركزي التعليق حول مضمون خطاب كارني.

وفي حديثه إلى برنامج "اندرو مار شو" عبر قناة "بي بي سي" البريطانية، لفت زعيم حزب العمال البريطاني المعارض جيريمي كوربين إلى أن ماي تظهر وكأنّها توجه بريطانيا إلى إقتصاد بأسعار بخسة على شواطئ أوروبا، مضيفاً أن بلاده ستخسر إمكانية الوصول إلى نصف أسواق التصدير، معتبراً ان إستراتيجية ماي هي مخاطرة كبيرة للغاية.

من ناحية أخرى، أشارت صحيفة "صنداي تايمز" إلى أن حزب العمال البريطاني المعارض سيقدم تعديلاً في مجلس العموم يطالب فيه بأن يقوم المقترعون بالتصويت على استفتاء نهائي لعملية الخروج من الإتحاد الأوروبي، لافتةً إلى أنه في حال هزم الحزب المذكور سيسعى إلى الحديث أمام مجلس اللوردات لحث الحكومة لتضمن عملية التصويت.

بدوره، تمنى وزير المالية البريطاني فيليب هاموند أن تبقى بلاده في الواجهة العالمية، مضيفاً - في مقابلة مع الصحيفة الألمانية - أنه مستعد لكل عواقب البريكست الصعبة.

الضرر الإقتصادي

كما لفت هاموند إلى أنه إذا "لم يعد لدينا إمكانية للوصول إلى السوق الأوروبية، و تم إغلاق الأبواب في وجهنا، وإذا خرجت بريطانيا من الإتحاد الأوروبي دون أية اتفاقية لإمكانية الولوج إلى السوق الأوروبية، فعندها سنعاني من ضرر إقتصادي كبير أقلّه في المرحلة الحالية."

وأضاف أنه "في هذا الحال سنضطر إلى تغيير نظامنا الإقتصادي من أجل استعادة التنافسية، وكونوا على ثقة بأننا سنقوم بكل ما هو واجب علينا".

إلى ذلك، ستأمل ماي في خطابها المرتقب بإقامة اتقاقية تجارة حرة جديدة مع الإتحاد رغم أن عملية الإنفصال عن السوق المشتركة وإتحاد الجمارك الأوروبي تشكل خطراً على المصدرين البريطانيين لجهة الغلاء والتعقيدات التي سيواجهونها في تجارتهم مع سوقهم الكبيرة. كما سيحمل البنوك الكبيرة على تنفيذ تهديداتها من خلال نقل مقراتها ووظائفها إلى خارج إنكلترا لضمان الوصول إليها.

وفي المقابل، فإن بقاء إنكلترا في الإتحاد الجمركي الأوروبي سيحول دون إقامة لندن لاتفاقيات تجارة حرة مع بلدان غير أعضاء في الإتحاد الأوروبي كالولايات المتحدة الاميركية والصين.

بدوره، أشار وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الذي عاد للتوّ من زيارة خارجية شملت الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي، إلى أن الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب أبلغه أن واشنطن ترغب بإقامة إتفاقية تجارة حرة بأسرع وقت ممكن مع المملكة المتحدة.