ربيع دمج

إزدهرت في السنوات الأخيرة عمليات النصب والإحتيال والتزوير بشكل يفوق الوصف، حتى أنّ بعض المصادر الأمنية والقضائية في لبنان باتت تشعر بالقلق من هذه الظواهر التي لم تكن موجودة بهذا الشكل حتى في عزّ الحرب اللبنانية.

لا توجد أرقام رسمية لعدد الدعاوى المقامة سنوياً  ضد أشخاص آخرين داخل المحاكم اللبنانية الخمس، ولكن بحسب تصوّر مصدر قضائي رفيع المستوى يقول لموقع "الإقتصاد"إنّه تصله شهرياً أكثر من سبعين دعوى لها علاقة بالنصب والإحتيال، هذا العدد مضروب بأسداس بحسب عدد القضاة الموزعين في المحاكم، ما معناه أن هناك أكثر من أربع مئة قضية شهرياً لها علاقة بهذا الموضوع.

وفي دعوى جديدة حصل موقع "الإقتصاد" على نص القرار الظني تبيّن أنّ المواطن اللبناني إيلي.ب، كان يعمل في الربا ويستغل أكبر عدد من المحتاجين ولديهم ضائقة مالية لأسبابعدة ، إذ كان يديّنهم مقابل فوائد فاحشة جداً، لكن المكشلة ليست هنا، بل بمحاولة منه لتزوير السندات خاصة لمن هم أميون أو كبار في السن، إذ يقوم بمطالبتهم بالدين مرة ثانية بموجب سندات مزوّرة ويهددهم برفع دعاوى عليهم تدخلهم السجن.

من هؤلاء الضحايا جان.ل، الذي تقدّم أمام قاضي  محكمة بعبدا زياد مكنّا بدعوى ضد إيلي يتهمه بها أنه قام باستغلاله ومحاولة النصب عليه بعدما قام الأخير بالإستدانة من الأول مبلغ خمسة ألاف ​دولار​ أميركي على أن يدفعهم له بالتقسيطمقابل فوائد عالية، ووقع على سندات دين مُنظّمة من قبل المدّعي عليه دون أن يعرف فحواها أو قيمة المبلغ المحدد فيها كونه لا يجيد القراءة والكتابة بسهولة.

وبعد أن باشر جان بتسديد  أصل الدين والفوائد الربوية وانتهى منها جميعها رفض إيلي إعادة السندات له بحجة أنها ليست موجودة بحوزته عند التسديد، وبعد شهرين أي بتاريخ 12 آب 2015 تفاجأ جان بتبلغه طلب تنفيذ سندات تصل قيمتها أربعة آلاف وتسعماية دولار أميركي.

دخلت الصدمة الكبيرة على قلب جان، وحاول قدر المستطاع فهم مدى صحة الموضوع فقام بعرض السندات على بعض الخبراء الماليين  من أصدقائه، فتبيّن له أنّ هناك تلاعب في أرقامها وتواريخها خاصة لجهة واحد من السندات، فلا مبرر له إن من ناحية ترقيمه وإن من ناحية تاريخ استحقاقه مقارنة مع السندات الأخرى.

يضاف إلى ذلك، عرض المدّعي جان أنه تقدّم باعتراض أمام القاضي المنفرد المدني في المتن، وفي معرض الإستجواب تبين أن المدعى عليه يحوز سنداً بقيمة ثلاثين ألف دولار أميركي، في حين أنه لم يقترض منه يوماً مبلغاً بهذا القدر بل أنّ ديونه كانت تتراوح بين ألف وألفي دولار أميركي، ولم يوقّع على سند بهذه القيمة وأنّ تفسيره لذلك هو أنه ربما يكون المدّعى عليه قد حوّر في قيمة أحد السندات فجعلها ثلاثين ألف دولار بدلاً من ألف دولار أميركي.

وفي احتمال ثانٍ يكون المدّعى عليه قد استغل عدم معرفة جان بالقراءة والكتابة وحمّله على التوقيع على هذا السند دون أن يعرف مضمونه، وأنه تفاجأ بتبليغه إنذاراً تنفيذياً بتنفيذ  هذا السند.

وبعد استدعاء المتهم إيلي.ب إلى القضاء للإستماع إلى إفادته ومواجهته بالمدّعي والسندات، أنكر أن يكون قد قام بأي عملية تزوير وأن جان إستدان منه هذا المبلغ كونه يعمل في البلاط وكان يبني منزلاً له، وهنا دخل كلاهما في سجال بين إنكار وتأكيد لتأتي كلمة الحسم من القاضي وطلب استدعاء خبير خطوط.

وتبيّن أن الخبير المحلّف في تدقيق الخطوط، أنطوان بيراق، قد عاين السندات وقارنها جميعها وقارن الخطوط بدقة متناهية وأصدر تقريره إلى القضاء شرح فيه أن هناك عملية تزوير حصلت فعلاً وأن إيلي حرر بخط يده الكلمات والأرقام الواردة في خانات متن أصل السندات. كما لاحظ الخبير أنه يوجد اختلاف في لون الحبر الظاهر بين الكلمات والأرقام اليدوية الواردة  وحتى تزوير في علامة "$".

وقد أصدر القاضي مكنا قراره الظني بحق المدعى عليهإيلي.ب ليحال إلى المحكامة بتهمة النصب والغش.