في ضوء الانخفاض الشديد في قيمة البيزو الأسبوع الماضي لجأ البنك المركزي المكسيكي إلى احتياطياته الكبيرة لبيع أكثر من مليار دولار في أسواق آسيا وأوروبا والولايات المتحدة.

غير أن ​تركيا​ التي تواجه هبوطا مماثلا في قيمة عملتها لا تملك رفاهية الاغتراف من احتياطياتها لتثبيت الليرة.

فمع هبوط الليرة إلى مستوى قياسي جديد لتصبح أسوأ العملات أداء في الأسواق الناشئة الكبرى أمام الدولار الأميركي يرى المحللون أن رفع أسعار الفائدة هو الخيار الوحيد أمام البنك المركزي. لكن الحكومة تعارض بشدة اتخاذ أي خطوة من شأنها الإضرار بالنمو الاقتصادي.

ظاهريا تبدو الاحتياطيات التركية من العملة الصعبة في مستوى صحي إذ تظهر بيانات البنك المركزي أن إجمالي الاحتياطيات بلغ نحو 106 مليارات دولار في نهاية 2016.

غير أن الذهب يمثل 14 مليارا من هذا المبلغ كما أن البيانات التفصيلية للرقم الإجمالي تكشف عن صورة أقل وردية من ذلك لاسيما عند مقارنة الأرقام بحجم المبلغ الذي يتعين على تركيا سداده من ديونها الخارجية في الأشهر المقبلة.

وتقدر حسابات أجراها بنك "يو.بي.إس" وبنوك أخرى في لندن واسطنبول بناء على بيانات البنك المركزي أن المستوى الحقيقي للاحتياطيات القابلة للاستخدام أقرب إلى 35 مليار دولار.

وقال خبير الاستراتيجية ببنك "يو.بي.إس" مانيك نارين "حرفيا جانب كبير من هذا المال لا يمكن للبنك المركزي استخدامه... جانب كبير منه احتياطيات للبنوك التجارية مودعة لدى البنك المركزي".

وقدر بناء على حساباته أن 42 مليار دولار تتمثل في ودائع احتياطية إلزامية بالعملة الصعبة أودعتها البنوك التركية لدى البنك المركزي مقابل ما تقدمه من قروض بالدولار داخل البلاد.

وقدر أيضا أن 16 مليار دولار أخرى تتمثل في "آلية خيارات الاحتياطيات" التي تسمح للبنوك بالاحتفاظ بجزء من احتياطياتها من الليرة بالنقد الأجنبي.

* احتياطيات النقد الأجنبي

وقال نارين "عندما تزداد سخونة الأوضاع عليهم أن يلجأوا للدفاع التقليدي من خلال أسعار الفائدة لأن لديهم بأي مقياس واحدا من أدنى مستويات ملاءة الاحتياطيات في الأسواق الناشئة... سيتسببون في قدر كبير من القلق في الأسواق إذا أفرطوا في السحب من الاحتياطيات."

ومن الممكن قياس مدى كفاية الاحتياطيات بعدة وسائل. أحد هذه الوسائل يتمثل في عدد الشهور التي تكفي فيها الاحتياطيات لتغطية الواردات حيث يقدر أن الحد الأدنى الآمن هو ثلاثة شهور.

وتبين حسابات "بنك أوف أمريكا ميريل لينش" أن تركيا يمكنها أن تمول واردات تكفي 5.6 شهر بإفتراض أن مستوى الاحتياطيات يقارب 100 مليار دولار.

وتستلزم الوسيلة الثانية المبنية على قاعدة تسمى جيدوتي- جرينسبان ألا تقل الاحتياطيات عن مدفوعات الدين الخارجي في السنة المقبلة. والمنطق وراء هذه القاعدة أن تمتلك الدول حماية كافية تتيح لها مقاومة أي توقف مفاجيء في التمويل الخارجي.

وقدر "بنك أوف أمريكا ميريل لينش" أن إجمالي الدين الخارجي التركي يبلغ 421 مليار دولار منها 107.3 مليار دولار يحل أجلها في العام المقبل. ويتساوى هذا المبلغ الأخير تقريبا مع الرقم العام للاحتياطيات لكنه يزيد ثلاث مرات عن مستوى الاحتياطيات القابلة للاستخدام.

وبهذا المعيار تصبح ملاءة الاحتياطيات لدى تركيا أقل منها في دول مثل مصر وأوكرانيا.

ويشير محللون آخرون إلى أن تركيا دأبت على طرح دولارات في السوق رغم أنها قد لا تتدخل في أسواق النقد.