رجل لبناني إمتزجت حياته بين السياسة، الإعلام، الإنتاج، والرياضة.

شغفه بالسياسة لا يُحدّ .. فكلما حاول الإبتعاد عنه عاود لـ"يناديه" بصوت أشبه بالـ"حنين" ..

شركته الإنتاجية كانت الأولى في نشر الإنتاج اللبناني في العالم العربي.. وقيل عن مسلسلاته إنها بمثابة "بديل للدراما التركية".

برأيه المنتج الناجح ليس مزوداً للأموال فقط.. بل شخص قيادي يمزج بين حسيّ الإدارة والفن.

يعتبر أن بإمكان كل فرد أن يُقدم لوطنه من خلال مجال عمله، فنشر الإنتاج اللبناني في العالم العربي، وأسهم من خلال منصبه كرئيس الإتحاد اللبناني للمبارزة في إيصال الإتحاد إلى بطولة آسيا والأولمبياد، وكان لبنان البلد العربي الوحيد في آسيا الذي نال ميدالية.

المؤسس والمدير التنفيذي لشركة "Online Production" المنتج اللبناني زياد شويري.

كان لـ"الإقتصاد" لقاء خاص مع شويري شاركنا فيه أبرز محطات حياته الغنية بالخبرات في كل القطاعات التي خاضها.

*حياته الأكاديمية :من الهندسة إلى السياسة الى إلإعلام

بدأت مسيرة شويري الأكاديمية من الجامعة الأميركية في بيروت التي تخصص فيها في مجال الهندسة المدنية.

إلا أن إهتمام شويري الأكبر كان مُنصباً على الحياة السياسية، بسبب أجواء منزله التي كانت مفعمة بالروح السياسية والصحفية والتي تشربها بشكل خاص عن والده.

لذا قرر حينها أن يتخصص في مجال العلوم السياسية والإدارة العامة، وتابع من بعدها رسالة الماجستير في العلاقات الدولية.

ومن لبنان إتجه إلى الولايات المتحدة الأميركية ليتابع دراسته في جامعة "University of Washington" ،في إختصاص الاقتصاد السياسي.

وفي أميركا بينما كان يُتابع رسالة الدكتوراة، تطورت أحداث الحرب في لبنان، واتجهت عائلته إلى كندا وبقي والده وحده في لبنان، ولكن حماسه وشغفه بمجال دراسته دفعه حينها لانتهاز هذه الفرصة، ويعود إلى بيروت..

وفي بيروت حصلت حادثة اغتيال داني شمعون، التي أثرت في نفسه كثيراً لأنه كان أحد المقربين من العائلة.. ومن حينها تغير مسار حياته كُليّاً، وقرر أن يعود ويبقي في لبنان رغم أنه كان قد أسس شركته الخاصة في كندا، والتي كانت تُعنى بالإعلام والنشر.

*دخوله إلى عالم الإنتاج.. عن طريق الصدفة؟

لوالده خبرة عريقة في الصحافة والإعلام، حيث كان رئيس تحرير لصحيفة، ومن بعدها أسس وكالة أنباء خاصة به.

تشربَ هذا الشغف من والده، إلى جانب الشق السياسي والأكاديمي الذي كرّس حياته لها.

بدأ يعمل مع والده في الوكالة أولاً،  ومن بعدها طلب منه نقيب المحررين ملحم كرم، الذي يعتبره "عرّابه"، الإنضمام إلى أسرة "دار ألف ليلة وليلة" والتي تضم "البيرق" ، "Monday Morning" وغيرهما.

وكان شويري رغم سنّه يكتب مقالات تحليلية سياسية بشكل جيّد.

ومن بعدها عمل في جريدة "نداء الوطن" رغم أن صاحبها هنري صفير كان صديق والده، إلا أنه تفاجأ عندما اكتشف أن شويري يعمل في جريدته.

إستلم العديد من المهام، وتدرج إلى أن استلم منصب رئاسة التحرير، ومن بعدها بأعوام استلم إدارة التلفاز والجريدة، وصلا الى تعيينه في منصب رئيس إدارة المجموعة.

ومن ثم تمّ حجب الترخيص عن المحطة، لذا قرر تحويلها بالشراكة مع صفير إلى شركة إنتاج.

وفي الوقت نفسه عمل على الأوراق الرسمية للحصول على ترخيص جديد للمحطة، وبعد حصوله عليه، عايش القطاع مرحلة إقتصادية عسيرة.

في العام 2001 إنفصل عن صفير، واسس شركته الخاصة "Online Production" التي استلم من خلالها انتاج العديد من الإعلانات، والبرامج الحوارية.

*عندما السياسة تناديه من جديد..

بعد أن قرر التفرّغ لعمله وتقدم باستقالته من  "حزب الوطنيين الأحرار"، عاد هذا الشغف ليشعل في قلبه شعوراً بالحنين إلى مجاله المُفضّل..

في العام 1998 هاتفه الأمير طلال أرسلان، وطلب منه تأسيس حزبه الحالي أي "الحزب الديمقراطي اللبناني"، ولكنه تم تأجيل التأسيس لغاية العام 2000.

وشكّل شويري نواة لتأسيس الحزب ووضع مبادئه التأسيسية، وعيّنه أرسلان في منصب أمين عام الحزب.

في العام 2008 طُلب منه استلام تلفزيون الـ"OTV" ، وكان الإتفاق أن تكون الفترة محدودة تنتهي قبل موعد الإنتخابات النيابية في العام 2009، على اعتبار أن شويري كان مُرشحاً للإنتخابات النيابية، إلا أن هذا الموضوع لم يتم!

وقرر حينها الإبتعاد عن عالم السياسة لفترة، بهدف تكريس اهتمامه بشكل حصري على شركته.

*عودته إلى عالم الأعمال بزخم وتركيز 

في المرحلة الأولى كانت مهام "Online Production" تتضمن الإستشارات الإعلامية، وإعادة بناء هيكلية المحطات التلفزيونية والمؤسسات الإعلامية بشكل عام. فعلى سبيل المثال كانت شركته تستلم إعادة تأهيل محطة تلفزيونية معينة على المستويات التقنية والفنيةكافة، وصولاً إلى التدريب والتوظيف، والبرمجة وغيرها ..

وطبّق هذا النوع من المشاريع على أكثر من محطة عربية ومنها في مصر والخليج.

ولكي يبتعد أكثر عن الأجواء السياسية، إستلم مشروع إعادة تأهيل محطة  "Infinity TV "في دبي وقرر حينها استلام هذا المشروع بشكل خاص، فيما كانت شركته تتابع تصوير مسلسل في لبنان.

وطُلب منه استلام إدارة المحطة لمدة عام.

من بعدها عاد إلى لبنان ليتابع أعمال شركته.

واليوم تُعنى "Online Production" بالإنتاج الدرامي الدرجة الأولى.

*شويري: الخبرة اولاً ومهارة المنتج لا تُقاس بحجم "جيبته"

يعتبر شويري أن الخبرة هي أول عنصر أساسي لتأسيس اي مشروع، ويقول :" قد يعتبر البعض أن مجال الإنتاج مبني على تزويد الأموال فقط! وهذه نظرة خاطئة جداً".

ويتابع:" إنتشرت في الآونة الاخيرة ظاهرة إقناع بعض الرأسماليين على الإنخراط في مجال الإنتاج، إلا أن العديد من هؤلاء خسروا الكثير من الأموال .. لأن الأمور لا تتم بهذه الطريقة".

ويصف شويري العمل الإنتاجي الناجح بالباقة الكاملة المكونة من : فريق عمل كفوء، توظيف رأس المال بالطريقة السليمة، رؤية إدارية واستراتيجيات مدروسة".

*دور "Online Production" في "إجتياح" سوق الإنتاج العربي.

في الوقت الذي بدأت الإنتاجات المحلية بالتطور، بالتزامن مع حالة من الركود في الإنتاج الدرامي المصري وتدهور القطاع الإنتاجي السوري، كان السوق الخليجي بحاجة إلى بدائل، وكانت "Online Production" السبّاقة في إنتاج عمل عربي مشترك وهو مسلسل "عشق النساء" الذي كتبت عنه الصحف مستغربة انتشاره الواسع والسريع، متسائلة عما إذا كان الإنتاج اللبناني سيكون بمثابة بديل عن التركي؟

ولم تكن التجربة الأولى لشويري، الذي كان قد اخترق السوق المصرية قبلها عبر مسلسل "العائدة"، وهو العمل اللبناني الأول الذي عُرض على محطة مصرية كقناة "الحياة" الفضائية و قناة الـ"MBC" في وقت الذروة أي "Prime Time".

هذه التجارب حفّزت عدداً من المنتجين اللبنانيين على الإنخراط في عالم الإنتاج العربي المشترك.

*طموح شويري للتعاون مع المحطات المحلية بغية نشر الإنتاج اللبناني في العالم العربي

لا شك أن هذه الأعمال العربية المشتركة خلقت روحاً تنافسية إيجابية بين المنتجين، المخرجين وحتى الممثلين العرب.

طموح شويري كان التعاون مع المحطات اللبنانية لنشر الإنتاج المحلي بشكل عام وليس عبر شركته فقط.

وطرح على العديد من القنوات اللبنانية فكرة رفع سقف الإنتاج، من خلال مساهمتهم بنسبة من التكاليف، مع المحافظة على سعر الحلقة للمحطاتهم، بهدف تسويق هذه الأعمال الضخمة في الخارج، كما اقترح الإستعانة بمخرجين، وفنانين عرب .

واعتبر شويري أنه إذا تم السير بهذه الخطة على مدة خمس سنوات تقريباً؛ ستنتشر الدراما اللبنانية في العالم العربي.

إلا أن المحطات اللبنانية لم تؤمن بهذه الفكرة، حتى أنهم شاهدوا مسلسل "روبي".

*الصعوبات التي اعترضت مسيرته المهنية..

يعتبر شويري أن الظروف الإقتصادية في المنطقة كانت مؤثراً مباشراً على القطاع الإنتاجي العربي بشكل عام لإرتباطه المباشر بالإستقرار الأمني، الأمر الذي دفع بعض المحطات العربية إلى اتباع أسلوب "تقشفي" إلى حد ما، وإعطاء الأولوية الكبرى للإنتاج المحلي بشكل حصري.

*كيف يصف زياد شويري الشخص الناجح؟

لا شك أن السّعي نحو النجاح هو عملية متكاملة ومستدامة، ويعتبر شويري أن الركيزة الأولى نحو هذا الطريق الطويل هي الشخصية القيادية التي تسمح للفرد بإدارة المشروع والمجموعة بشكل فعّال. بالإضافة إلى المثابرة والإصرار على  اجتياز كل العقبات التي تعترض طريق النجاح.. فكل القطاعات مُعرضة للمشاكل.

وبرأيه تكوين فريق العمل الناجح يدعم الإنسان، من خلال تبادل الخبرات والأراء والأخذ بالإعتبار وجهات النظر. ويُضيف شويري :"مجال عملنا بشكل خاص مبني بشكل أساسي على العلاقات العامة".

*تقييم ذاتي:

يتطلب عالم الإنتاج الحسّ الفني والتخطيط الإدراي بحسب شويري، الذي يعترف أنه يميل أحيانا إلى الشق الفني أكثر، ويولي أهمية كبرى للجودة، ما يسبب له بعض الخسائر أو إذا صح التعبير يحرمه من أرباح إضافية. 

يقول:"نعم، أعطيت الإنتاج أكثر مما يستحق في بعض الأحيان!".

ومن خلال خبراته السابقة يرى شويري أن على الفرد أن "يُزاوج" بين العنصرين. ويطرح علينا أحد الأمثلة التي حصلت معه:"  قمت بمقاربة من فترة بغية تقييم أعمالي، وكنت حينها قد أنتجت مسلسلاً واحداً خلال عام كامل، في حين أن أحد الزملاء قام بإنتاج ثلاثة مسلسلات، إلا أن مسلسلنا كان بتكلفة الثلاثة مجتمعة، ولكن في المقابل تمكنّا من عرضه على إحدى عشرة فضائية في العالم العربي".

*دخوله المعترك السياسي وانشغاله عن أعماله.. ندم أم اقتناع؟

يؤمن شويري أن على كل فرد مسؤوليات على المستوى الوطني، فيقول:"ربما نشأتي في بيت إعلامي وسياسي عزز في نفسي هذا الحس بالمسؤولية الوطنية، لا شك أني دفعت ثمن هذه القناعات في بعض الأحيان، لكني مقتنع أن باستطاعة كل شخص أن يقدم لوطنه الكثير من خلال مجال عمله".

ويتابع:" على الصعيد الشخصي أنا راضٍ جداً عن التقديمات التي قمت بها على المستوى السياسي، والمهني خاصة من خلال نشر الدراما اللبنانية في العالم العربي".

يبدو أن إهتمامات شويري لا تنحصر بالسياسة والإنتاج فقط، بل تمتد أيضاً إلى المستوى الرياضي، وعلى صعيد محترف فقد عُيّن في منصب رئيس الإتحاد اللبناني للمبارزة.

يصف لنا هذه التجرية قائلاً:"علماً أنها لعبة "مغمورة" تمكنا من إيصال فريقنا اللبناني إلى مستويات عالمية، على صعيد العالم العربي وآسيا، و مثلنا لبنان في الألعاب الأولمبية".

وجود العلم اللبناني في أمكان عريقة كهذه وحده إنجاز للبنان..  إلا أن الفريق اللبناني للمبارزة لم يكتفِ بالمشاركة في بطولة أسيا، بل كان البلد العربي الوحيد الذي حصل على ميدالية!

*مشاريعه المستقبلية:

تصوّر شركة شويري حالياً مسلسل "المحرومين"  الذي سيُعرض على شاشة "LBC"، وتتحضر الشركة أيضا لتصوير مسلسل لبناني يحمل اسم "50 ألف" – الاسم لا يزال قيد الدراسة- وسيُعرض على شاشة "MTV".

كما ستبدأ "Online Production" بتصوير مسلسل عربي خلال شهر شباط ... كمغامرة جديدة سيخوضها شويري في السوق العربية..

*نصيحته للشباب:

ينصح شويري الشباب بالتروي، والصعود على سُلّم النجاح رويداً رويداً..

وأن يستفيدوا من كل فرصة ويعايشوا كل مرحلة بحذافيرها.. لكي يكونوا، في وقت لاحق، قادرين على استلام مناصب عليا.

ويضيف:" بصراحة نحن كشركة إنتاج لا نجد فريقاً تقنياً وفنياً لأعمالنا.. إذ يعتقد الخريج أنه مباشرة سيصبح المخرج الأساسي للمسلسل.. ولكن هناك تدرجات على الشاب أن يخوضها بتفاصيلها ليصل إلى هذا المنصب الضاغط.. ومن المؤسف أننا بتنا نستعين بأشخاص غير لبنانيين، لأن نسبة كبيرة من شبابنا لا تؤمن بضرورة الصعود على هذا السلم "درجة.. درجة".