عصامي... بنى نفسه بنفسه. طموح... حدّد أهدافه وسعى الى تحقيقها. مثابر... لم يستسلم يوما بل واظب على النجاح. وفيّ... أصر على البقاء في بلده لبنان رغم الصعوبات والعوائق القائمة.

تمسك بجذوره وتشبّث بأرضه، آمن بمشروعه وأصر على الوصول الى القمة، فنجح في الحفاظ على استمرارية أعماله، وعلى توسيع نطاق مشاريعه. أحب مهنته وعمل جاهدا لتحقيق أهدافه وطموحاته.

فلنتعرف معا على مسيرة مؤسس شركة "Hajj Construction"، نيكولا الحاج، في هذه المقابلة الخاصة مع "الاقتصاد":

- أخبرنا عن خلفيتك الأكاديمية، وكيف بدأت مسيرتك المهنية؟

تخرجت في العام 2004 من "جامعة الروح القدس – الكسليك"، "USEK"، وحصلت على إجازة في الهندسة. ومن ثم بدأت مسيرتي مع عدد من شركات الهندسة المعمارية الكبيرة، مثلما يحصل بطبيعة الحال مع جميع المهندسين الجدد. ومن خلال عملي، اكتسبت خبرة واسعة، خولّتني الانتقال الى استلام مشاريع خاصة.

انطلقت بمشاريع صغيرة - فلا أحد يستطيع أن يبدأ من أعلى السلم – وبعد فترة، أسست شركتي على صعيد فردي، ومن الصفر.

في البداية افتتحت مكتبا باسم "NJH" أي نيكولا جان حاج، وفي العام 2008 توسعت وأطلقت شركة "Hajj Construction"، ونحن متواجدون في السوق اللبناني منذ ذلك الوقت.

- هل أن مشاريع شركة "Hajj Construction" محصورة في لبنان فقط؟

بصراحة، أنا لم أسعَ للتوسع الى الخارج، بل فضّلت البقاء في لبنان؛ اذ أنني شعرت أن هذه الخطوة ستؤثر على وجودنا في السوق اللبناني، وستؤدي الى خسارتنا جزءا منه.

في البداية، عملت على تثبيت اسمي وملفّي العملي، وقررت البقاء في لبنان من أجل الحفاظ على موقعي.

ولا شك في أنني كنت لأحقق أكثر لو توسّعت الى الخارج، لكنني أشكر الله على النتائج التي نحصل عليها من السوق المحلي، اذ أنه لا يمكن الاعتبار أننا نحقق أرباحا طائلة في ظروف البلد القائمة، إنما استطعنا إثبات وجودنا وحضورنا بين الشركات الموجودة.

- كيف تصف حركة القطاع العقاري خلال العام 2016 بالمقارنة مع السنوات الماضية؟

لقد حققنا تقدما ملحوظا خلال السنتين الماضيتين، على الرغم من صعوبة الأوضاع في البلد؛ حيث أننا كنا نعمل على ستّة مشاريع ضخمة مثل الأبراج، والمراكز، والمباني السكنية. كما أن بعض المشاريع التي بدأناها في العام 2016، سوف نستكمل العمل فيها خلال العام الجاري؛ ومنها مدرسة في كفرشيما، ومعملين في كفرشيما والصفرا.

ونأمل خلال 2017، أن ننتقل من مرحلة المقاولات (contracting) الى التطوير (development)، أي أن نبدأ بالبناء والبيع.

ولا بد من الاشارة الى أننا شعرنا بالقليل الركود على صعيد البيع، ولكن ليس على صعيد البناء، فالمشاريع لم تتوقف بالنسبة الى شركتنا، ولقد تمكنّا من خرق السوق رغم صعوبة الأوضاع.

ومنذ العام 2015 وحتى اليوم، بات اسمنا في القمّة، وأثبتت "Hajj Construction" مكانتها في سوق العقارات اللبناني، اذ أننا تحدينا الصعوبات القائمة ولم نستسلم، رغم ركود السوق، وتراجع الحركة.

وذلك مع العلم أننا لم نتمكن من الحصول على الأسعار المناسبة، وبالتالي اضطررنا الى المضاربة وحرق أسعارنا. لكن أشكر الله لأن شركتي لم تواجه الخسارة يوما، وبات حضورها واسعا في بعبدا، اللويزة، الحدث، كفرشيما، سد البوشرية، الأشرفية، وغيرها من المناطق.

- ما هو الإنجاز الأكبر الذي حققته في مسيرتك المهنية الى حد اليوم؟

منذ أن كنت مديرا للمشاريع في الشركات الكبيرة التي عملت معها، كنت أحلم أن أرى اسمي واسم شركتي على رافعة برجية (tower crane). وخلال سنتين، تمكنت من الحصول على حوالي سبع رافعات، وعلى معدات ضخمة.

ففي الماضي كنت أسعى للتمثل بالشركات الكبيرة وبنوعية عملها، وبعد سنة ونصف أصبحنا ننافسها في النوعية، ونتفوق عليها أحيانا. ومن حيث حجم المشاريع، لقد تقدمنا كثيرا، ووصلنا الى مستوى عالٍ. ولقد شعرنا بالتقدم من خلال حركة السوق، والزبائن، والأصداء الايجابية، ومعارفنا.

- ما هي الصفات التي ساعدتك على الوصول الى ما أنت عليه اليوم وعلى تحقيق أهدافك المهنية؟

يجب أن يكون الانسان طموحا، ولا يضع الحواجز أمامه. فأنا لا أعتبر أنني وصلت اليوم الى طموحاتي كافة، بل لا أزال في بداية الطريق، وبالتالي علي اجتياز العديد من المراحل من أجل الوصول الى جميع أهدافي.

لكنني قمت حتما بالخطوة الأولى، فسلّم النجاح يتألف من ثلاث درجات هي "A"، "B"، و"C"، واليوم وصلت الى قمة الـ"C"، وبالتالي علي تجاوز مرحلة الـ"B" ومن ثم الـ"A".

- من قدّم لك الدعم الأكبر في مسيرتك المهنية؟ وهل تلقيت التشجيع من العائلة؟

من الناحية المعنوية، حصلت بالطبع على التشجيع من العائلة، لكنني بدأت بالعمل لوحدي، وحققت النجاحات من خلال إرادتي الخاصة. فأنا لم أحصل على التوجيه من أحد، والدعم الأساسي من والديّ كان خلال مرحلة الدراسة فقط، لأن لا أحد من أهلي يتمتع بالخبرة في هذا المجال، وبالتالي انخرطت في قطاع جديد على العائلة.

انما لاقيت حتما التشجيع من الجميع، واليوم أتشجع أكثر عندما أشعر بفرحة الناس ودعمهم لنا.

من ناحية أخرى، أعتبر أن النسبة الأكبر من الدعم أتت من خلال نظرتي الى الشركات التي عملت معها، ورغبتي في الوصول الى المراتب العليا.

- هل شعرت يوما بالتقصير تجاه عائلتك بسبب انشغالك بالعمل؟

نعم بالطبع، شعرت بالكثير من التقصير تجاه العائلة، لذلك أحاول التعويض عليهم أيام الآحاد، لأنهم لا يتمكنون من رؤيتي خلال الأسبوع. وبالتالي أعيش غربة في بلدي، وأشعر أنني منعزل على العالم بشكل كامل. فأنا أعمل حوالي 18 ساعة يوميا.

- أين ترى "Hajj Construction" بعد 5 سنوات؟

من العام 2008 وحتى العام 2014 كنا نعمل على مستوى عادٍ جدا، ولكن منذ سنة 2014 وحتى اليوم، حققنا فقزة نوعية من النواحي كافة. فبات لدينا حاليا حوالي 180 موظف، وستّ رافعات، وعدد كبير من المعدات.

وبالتالي لا توجد حدود للمشاريع من ناحية المقاولات، لأننا ثبّتنا أنفسنا على السكة الصحيحة. لذلك ننظر حاليا الى التطوير، ولقد بدأنا ببناء مبنى في منطقة الكحالة، وسنطلق بعد فترة مشروع ثانٍ يتألف من ثلاثة مباني في الكحالة وخمسة في بسوس.

لكننا لا نسعى للتوسع الى الخارج، بل سنحصر أعمالنا على النطاق المحلي. فأنا أريد أن أبقى هنا في لبنان، وأعتبر أن الانسان عندما يقسّم ويوزّع نفسه سوف يضعف؛ مع العلم أنني تلقيت العديد من العروضات في السعودية وقطر. انما هدفي اليوم هو تثبيت نفسي في بلدي، حتى ولو أن النتائج التي أحققها في لبنان خلال 10 سنوات، قد أصل اليها في الخارج خلال سنة واحدة، لكن هدفي من عملي ليس ماديا بحت، بل يتمثل في الوصول الى القمة في بلدي؛ ولهذا السبب أريد التوسع هنا!

فقبل افتتاح شركتي تلقيت عروضات عدة لتأسيس شركة خارج لبنان، إنما رفضت لأنني اعتبرت أن من يريد العمل في الخارج سوف يخسر عائلته وبلده، وحينها لن يكون للنجاح أي معنى. لذلك فضّلت أن أكبر في بلدي، وأن أعيش في عالمي، وأرى عائلتي، وأكون حاضرا دوما الى جانب أولادي، وأبقى ضمن مجتمعي وبيئتي، حتى ولو كان المردود أقل.

- بالاستناد الى تجربتك المهنية الخاصة، ما هي الرسالة التي توجهها الى جيل الشباب؟

طريق النجاح صعبة، ولن يحقق الانسان النجاحات بسهولة، لذلك عليه أن يجتهد ويتعب لكي يصل. وللأسف سيكون الجهد في لبنان أكبر، لأن المواطن لا يتلقى الدعم من أحد، خاصة اذا لم يحصل على "واسطة" أو على ميراث من العائلة.

لكن لا يجب أن نشعر باليأس، لأن قوة الانسان تنبع من داخله، ولا يستمدها من أحد. لذلك عليه أن يكون قويا وطموحا، ويضع الأهداف في رأسه ويسعى الى تحقيقها، دون النظر الى العراقيل والعوائق والأشخاص السلبيين. يجب أن يعمل بقناعاته ويسير في طريق النجاح، وسيصل حتما!

كما عليه أن يقدم بعض التضحيات، ويعرف متطلبات السوق ويسير معها، وليس بعكسها؛ وحينها كل شخص "هو وشطارتو".