وافق مجلس الوزراء يوم أمس على مشروعي مرسومين يتعلقان بتقسيم المياه البحرية الخاضعة للولاية القضائية للدولة اللبنانية إلى مناطق على شكل رقع ودفتر الشروط الخاص بدورات التّراخيص في المياه البحرية، ونموذج إتفاقية الإستكشاف والإنتاج.

كما تم الإتفاق على تشكيل لجنة وزارية لدرس المشروع الخاص بالأحكام الضريبية المتعلقة بالأنشطة البترولية، و تشكيل لجنة وزارية لدراسة مشروع القانون المتعلق بالمواد البترولية في الأراضي اللبنانية.

وهنا سجل وزير التربية مروان حمادة  ووزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان أيمن شقير إعتراضهما مبدئياً على المراسيم التطبيقية، والسبب "أن هذا القانون وهذه المراسيم تغفل تماماً إنشاء شركة وطنية تمثّل لبنان بشراكة وفاعلية في عمليات الشركات التي ستُلزّم إليها أعمال التنقيب واستخراج النفط، رغم أنّ القانون نص على إقامة صندوق سيادي لحفظ الأموال والرديات لتخصّص لإطفاء الدين والإدّخار للأجيال القادمة"، كما قال حمادة. وأضاف في حديث صحفي، أن المراسيم التطبيقية لم تأت على ذكر هذا الصندوق، بالإضافة إلى صلاحيات استثنائية معطاة إلى وزير الطاقة تجاوزاً لسلطة مجلس الوزراء وليس أقلّها صلاحية اختيار الرقع التي ستلزّم من دون الرجوع إلى مجلس الوزراء. أضف إلى ذلك المستوى المتدني للأتاوات والشراكة على أساس الأرباح وليس الإنتاج، إلى ما هنالك من أسباب دفعتنا ليس فقط إلى التحفظ، بل إلى الإعتراض".

ومن جهةٍ ثانية، تم تشكيل لجنة وزارية لدرس موضوع المناقصة العمومية المفتوحة لتلزيم مشروع تشغيل المحطات الموجودة للمعاينة وتحديثها وتطويرها، والكشف الميكانيكي على المركبات الآلية، مضيفا أنه تمت الموافقة على مشروع مرسوم تعيين مراكز للمدارس الزراعية الفنية في المحافظات لجهة إضافة مدرسة في زغرتا.

كما عين مجلس الوزراء عماد كريدية مديراً عاماً لهيئة "أوجيرو" وعيّن باسل الأيوبي مديراً عاماً للإستثمار والصيانة في وزارة الإتصالات.

وللإطلاع على مؤشرات هذه المقررات والتوقعات الإقتصادية، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي د. ​إيلي يشوعي​:

- هل ترى أن الخطوات التي اتخذتها الحكومة الحالية منذ تشكيلها حتى الآن توحي بتحسن إقتصادي  قريب؟

يمكننا القول إن الحكومة الحالية انطلقت بقرارات مهمة إن كان من الناحية الإدارية أو من الناحية الإقتصادية. من الناحية الإدارية اتخذت قراراً بإقالة عبدالمنعم يوسف ومحاكمته، وهذا يوحي بأن القضاء على الفساد لم يعد مجرد شعار، بل بدأ يتخذ منحى تطبيقياً وعملياً. أما من الناحية الإقتصادية فإقرار المراسيم المتعلقة بالنفط والغاز يعطي الضوء الأخضر للتلزيمات والإستخراج فيما بعد. والأمر الجيد في لبنان؛ هو أن الدولة اللبنانية لا تشارك بالأرباح فقط بل بالإنتاج، لأنه ربما الأرباح لا تكون واضحة أو دقيقة أما الإنتاج فلا يمكن الإحتيال بشأنه.

الوضع العام يشير إلى عدم وجود مشاكل أو خصومات بين الأفرقاء السياسيين.

- كان هناك اعتراض لبعض الوزراء عن غياب شركة تمثّل لبنان في عمليات الشركات التي ستُلزّم إليها أعمال التنقيب واستخراج النفط؟

الشركة الوطنية سيتم تأسيسها حكماً وليس خياراً، لذلك نتمنى أن يكون هذا الإعتراض للمصلحة العامة وليس للمصلحة الخاصة. نحتاج إلى العمل المتجرّد في الشأن العام.

- شكلت الحكومة أيضاً لجنة وزارية لدرس موضوع مناقصة الميكانيك مع العلم أن النقابات كانت تطالب بتسلّم الدولة اللبنانية هذا الموضوع، هل الدولة غير قادرة على تسلمه؟

النقابات كانت ترغب في أن تتسلّم الدولة اللبنانية موضوع الميكانيك ظناً منها بأن ما كان يجري لم يكن في مصلحة الخزينة أو العاملين في هذه الشركات بسبب الشوائب الكثيرة. إذا أرادت هذه اللجنة فعلاً أن تحسن الإختيار يجب أن تكون المناقصات شفافة والحصص والعقود واضحة، كما يجب أن يزيدوا عدد نقاط الفحص الميكانيكي للتخفيف من الإزدحام.

- يولي العهد الجديد أهمية كبيرة للتخطيط الإقتصادي، هل ترى ان لبنان وفي الوقت الذي لا تزال الموازنة فيه غائبة قادر على التخطيط لعشر سنوات؟

مسألة الموازنة إمتحان مهم أمام الحكومة الجديدة في ظل المواقف التي صدرت في السابق حول المليارات الضائعة ومن الصعب تخطّيها، فبعضها كان مكتوباً كالإبراء المستحيل. سُئلت أكثر من مرة حول تسوية في هذا الموضوع فكان جوابي أنه يمكن إيجاد تسوية لوزارة الأشغال أو وزارة التربية، ولكن لا يمكن إيجاد تسوية لمال الضرائب الذي سيدفعه المواطنون وأبناؤهم.

أما بالنسبة للتخطيط فيجب ان يتم تعديل الإسم ليس هناك ما يسمى بالتخطيط في إقتصاد السوق، بل سياسات وبرامج من سياسات قطاعية، ماكروإقتصادية والسياسات النقدية.

- ما هي التغييرات التي تراها واجبة ومناسبة لانطلاقة العهد هذه وقراراته ؟

من الأمور التي تحتاج إلى "نفضة" هي السياسة النقدية، وهي سياسة رفد البنك المركزي للقطاعات بالسيولة الضرورية اللازمة وبالكلفة المناسبة (الإقتراض) مع الحفاظ على نسب تضخم معتدلة، والمساهمة في ارتفاع نسب النمو الإقتصادي واستقرار سعر النقد لا على ثباته أيضاً ، وهذه الأهداف لم تؤخذ يوماً بالإعتبار منذ خمسة وعشرين عاماً. السيولة لم تكن يوماً كافية للقطاعات المنتجة لأن الفوائد كانت عالية دائماً، وانكماشية السياسة النقدية كانت دائماً تعطّل 50% من ودائع البنك المركزي. هذه الإنكماشية أدت إلى الريعية، لأن ثمن النقد يرتفع لعدم توفر السيولة، فترتفع الفائدة ومن هو المستفيد؟ من يملك المال ومن يلحق به الضرر هو صاحب الشركة الذي لم يعد بإمكانه الإقتراض.

النقد مرآة الإقتصاد لا يمكن الفصل بينهما والنجاح ليس بتثبيت سعر الليرة. المطلوب اليوم هو المرونة للإقتصاد التي تجعله يصحّح نفسه بنفسه. بلدنا قائم على الفوائد والإستهلاك وهذا لا يجوز.