في أولى حكومات العهد الجديد كان لأهل القانون، كما الجميع، بعض الأمور التي تمنّوا ان تؤخذ بالحسبان، منها استحداث وزارة جديدة للشؤون القانونية. ولمعرفة المزيد من التفاصيل حول الموضوع، كان لـ"الإقتصاد" هذا الحديث مع المحامي بالاستئناف، المستشار المعتمد لدى عدة هيئات دولية، د. شربل عون عون:

- ما هي برأيكم أهم القوانين ذات الطابع الاجتماعي التي من الضروري ان يتم العمل بها في مطلع عام 2017 من قبل الحكومة الحالية؟

كما سبق وذكرنا هناك العديد من القوانين الاجتماعية التي تهم المجتمع اللبناني مباشرة ولكن للاسف لا يتم تطبيقها او العمل بها او على الاقل لا يتم العمل على معالجة الثغرات فيها، وذكرنا على مراحل عدة قانون العمل والضمان الاجتماعي الذي يهم الشعب اللبناني عموما والذي يواجه مشكلة اساسية في التطبيق والرقابة حيث طالبنا العهد على اعتباره من أحدى اهم أولوياته.

من الامور الاخرى الاساسية والهامة جدا والتي لا تتحمل الانتظار والتأجيل هو قانون سلامة الغذاء الذي صدر بتاريخ 24/11/2015 وتم نشره في الجريدة الرسمية في العدد رقم 48، وقد أوجب القانون على كل من المحترف والمزارع والمؤسسة ان يتثبت من ان الغذاء المنتج او المستورد الذي يضعه بتصرف المواطن هو مطابق للمواصفات المعتمدة وصالح للاستهلاك البشري وقد شمل هذا القانون جميع انواع المأكولات والمشروبات والمواد التي تستعمل في عملية تصنيع الغذاء وجميع المنتجات الزراعية.

ان أبرز ما تضمنه هذا القانون هو انه أنشأ بموجب المادة 22 منه هيئة تعرف بإسم "الهيئة اللبنانية لسلامة الغذاء Food Safety Lebanese Commission" والتي تتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي والاداري وترتبط بمجلس الوزراء الذي يمارس سلطة الوصاية عليها. يدير الهيئة مجلس ادارة مؤلف من سبعة اعضاء يعينون بمرسوم، ولكن هذه الهيئة لم تنشأ حتى تاريخه كونه لم يصدر حتى الآن المراسيم التطبيقية للقانون من قبل الحكومة. ان تشكيل الهيئة هو امر اساسي ولا يمكن الانتظار بشأنها لان سلامة اللبنانين اصبحت على المحك ولا بد للحكومة الحالية اعتبار هذه المسألة من احدى اهم اولوياتها.

أن قانون سلامة الغذاء هو مطبق في عديد من الدول وفي دولة مصر العربية تم اقراره منذ حوالي اسبوع ايضا ومن المعيب عدم تطبيقه في لبنان حتى تاريخه.

- دائما تتكلّمون عن قوانين غير مطبّقة أو غير فعالة؛ ما هو الحل برأيكم وهل تعتبرون أنه كان يتوجب استحدات وزارة جديدة ذات اختصاص معيّن من أجل معالجة المشكلة؟

برأيي هناك بالتأكيد وزارات اخرى ذات اهمية كان يتوجب استحداثها؛ فلماذا لم يتم استحداث وزارة جديدة تحت اسم "وزارة الشؤون القانونية" يكون دورها اساسيا في معالجة مسألة عدم تطبيق القوانين والعمل على الاسراع في تشكيل المراسيم التطبيقية للقوانين غير المطبقة والتي تكون بحاجة الى تلك المراسيم.

ان العديد من دول العالم المتحضّرة لديها وزارة متخصصة للشؤون القانونية حيث تكون مكلفة بأبداء المشورة القانونية داخل الحكومة واختصاصها بدراسة ومراجعة ما يحال اليها من تشريعات من مجال الاختصاص، وان اهم ما يمكن ان تختص به ما يلي:

- دراسة ومراجعة ما يحال اليها من مشروعات القوانين واللوائح التنفيذية الواردة للعرض على مجلس الوزراء وذلك قبل عرضها على اللجان الوزارية المختصة،

- اجراء الدراسات والبحوث القانونية في المشكلات التي يحددها مجلس الوزراء او رئيس المجلس وتقديم الاقتراحات والتوصيات بوسائل معالجتها،

- متابعة المنازعات الدولية الهامة التي تكون الحكومة اللبنانية طرفا فيها، والتي تحال اليها من مجلس الوزراء اورئيس المجلس وذلك بالتنسيق مع الوزارات والجهات والهيئات الخاصة.

- تمثيل الحكومة في مجلس النواب ولجانه والتحدث عنها وشرح وجهة نظرها فيما تعرضه من تشريعات وما تصدره من قراراتوذلك بالاشتراك مع الوزراء المختصين.

- متابعة ما يدور في جلسات مجلس النواب ولجانه، من مناقشات وسائر ما يتعلق ببمارسة اعمال التشريع والرقابة واحاطة مجلس الوزراء كل فيما يخصه بذلك والاتجاهات العامة للمجلس في المسائل الهامة

- المساعدة على نشر الثقافة القانونية لدى كافة الشعب اللبناني عن طريق تحضير الندوات العلمية المتخصصة في المسائل الهامة التي تهم الشعب

- ما يكلفها به رئيس مجلس الوزارء من مهام اخرى تتفق وطبيعة اختصاصها.

عن طريق هذه الوزارة تتحقق افضل سبل الاتصال والتنسيق وليس في ذلك ما يخل بمبدأ الفصل بين السلطات بل على العكس فوجود هذه الوزارة هو تأكيد على هذا المبدأ. برأيي وجود وزارة للشؤون القانونية من شأنه معالجة ثغرات عديدة بدءا من خلال المساعدة على اصدار قوانين جديدة وصولا الى الاسراع على اصدار المراسيم التطبيقية للقوانين غير المطبقة.

- هل ترون ان توزيع الحقائب في الحكومة الحالية هو منطقي من ناحية الاختصاص؟

بالتأكيد كلا وهذا امر اعتاد عليه اللبنانيين منذ زمن طويل، فالعديد من الحقائب ليست متناسبة مع كفاءة واختصاص الوزراء، فالطبيب في وزارة ليست له وكذلك المهندس والمصرفي وغيرهم.....ان لبنان يعاني من مشاكل عديدة اكانت في قطاع الاقتصاد او السياحة او غيرها من الامور وانا برأيي ان هذا الامر لا يمكن تصحيحه مثلا الا بعد وصول اهل الاختصاص والخبرة الى المراكز. أن عدد كبير من الوزراء الحاليين يتمتعون بالكفائة العالية ولكن وجودهم في وزارات تتعلق بأختصاصهم يمكن أن يؤدي الى دور فعال أكثر. أخيرا نتمنى التوفيق للحكومة الحالية ونطلب منها الاسراع على اعتبار قانون سلامة الغذاء من احدى اهم اولوياتها.