تأثرت بحبها للمدن، والهندسة المعمارية، والعصور التاريخية المختلفة، فبدأت بتصميم الملابس المستوحاة من علوم الجمال الطبيعية.

الأقمشة المميزة والقصات الفريدة من نوعها، تكمّل بساطة مجموعتها، وتحافظ على انسجامها وجمال تفاصيلها.

شغفها في الموضة والأزياء دفعها الى التخلي عن وظيفتها الثابتة، والسعي وراء تحقيق حلم الطفولة.

"الاقتصاد" التقت مع المصممة اللبنانية ومؤسسة العلامة التجارية "Ritta Mkery"، ريتا مكاري، للتعرف الى بداياتها المهنية، والعوائق التي تصطدم بها، والنصيحة التي توجهها الى المرأة اللبنانية الطموحة.

- من أين انطلقت مسيرتك المهنية؟

مسيرتي كانت أطول بقليل من العادة، لأنني تخصصت في البداية في إدارة الأعمال، ومن ثم حصلت على ماجستير في التسويق من "جامعة القديس يوسف"، "USJ".

وبدأت بعدها بالعمل في مجال الأعمال المصرفية، وخلال تلك الفترة دخلت الى معهد "ESMOD" في بيروت، حيث تلقيت الدروس والدورات في تصميم الأزياء. وفي صيف 2014، قدمت أول مجموعة من الملابس الجاهزة (prêt à porter)، ومن هنا انطلقت. اذ تخرجت في 2011، لكنني بدأت فعليا بالعمل في 2014.

- لماذا قررت الانتقال من مجال المصارف الى تصميم الأزياء؟

لطالما كان مجال التصميم حلما منذ أن كنت صغيرة، لكن عندما وصلت الى الجامعة، تعرضت الى بعض الضغوطات التي أدت الى تغيير رأيي؛ فهناك أشخاص مقربين يريدون أن أدخل الى مجال يؤمن راتبا ثابتا وضمانات، وفي المقابل يتأثر الانسان بالكلام عندما يكون في عمر أصغر.

انما لا أندم أبدا على قراري، لأنني لا أزال الى حد اليوم أستفيد من تخصصي الجامعي في إدارة الأعمال والتسويق، كما أعطي المحاضرات في الجامعة الى جانب عملي في مجال الأزياء والموضة.

ولا بد من الاشارة الى أنني قدمت مجموعتي الأولى في صيف 2014، والثانية في 2015، والثالثة موجودة اليوم عبر موقعي الالكتروني الخاصwww.rittamkery.com.

- من هم زبائن ريتا مكاري؟

أنا أقدم الأزياء الجاهزة (prêt a porter)، وليس الراقية (haute couture). وبالتالي فإن علامتي التجارية متخصصة في الملابس للاستخدام اليومي. أما الفئة العمرية فتتراوح ما بين 20 و45 سنة.

فتصاميمي بسيطة، وبالتالي تجد الزبونة القطع القابلة للارتداء يوميا، وفي الوقت ذاته أقدم بعض القطع الأنيقة. والفكرة الأساسية هي أن تتمكن المرأة من المزج بين المجموعات المتنوعة. وبالتالي القطعة التي تشتريها اليوم، ليس من الضروري أن تبقى كما اشترتها، بل تستطيع مزجها مع العديد من التصاميم الأخرى، وارتداءها بطرق مختلفة.

- هل تمكنت من ايصال تصاميمك الى خارج الحدود اللبنانية؟

لم أصل بعد الى المتاجر والمعارض في الخارج، لكن لدي العديد من الزبائن في دبي. وفي الأساس، أشترك بالمعارض في لبنان، لأنه ليس لدي صالة لعرض تصاميمي، وبالتالي فإن كل عملي يقتصر على الموقع الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، والاجتماعات مع الزبائن.

- الى أي مدى تساعدك مواقع التواصل على نشر تصاميمك بين الناس؟

في هذا العصر الذي نعيش فيه، تساعدنا مواقع التواصل بشكل كبير على الانتشار بين الناس، لأن الجميع يستخدمها عبر الهواتف الذكية. وبالتالي فإن الانسان سوف يدخل الى هذا العالم الواسع إن رغب بذلك أم لا.

ولا بد من القول أن هذه المواقع لا تحلّ مكان صالة العرض، لكنني لا أزال في بداية الطريق، والنتيجة التي أحصل عليها من "فيسبوك" و"انستغرام" مهمة للغاية.

- أين ترين علامتك التجارية بعد 5 سنوات؟

سوف أبدأ بالتوسع الى الخارج، وسأتعرف بشكل أكبر على منصات وبرامج في لبنان لكي تتبنى تصاميمي، لأن خططي الحالية لا تتضمن افتتاح صالة عرض خاصة بي. لكن بالأساس هناك أحاديث جارية مع متاجر في لبنان والخارج، وسأبدا أولا في المنطقة العربية، وأتوسع بعدها الى دول أخرى.

ومنذ فترة اشتركت في حدث "La Mode a Beyrouth"، وصادفت خلاله مشترين دوليين من فرنسا، والولايات المتحدة، والسعودية،... وبالتالي فإن الخطوة الأولى هي الانطلاق نحو الأعمال العالمية، والسير في هذه الطريق الطويلة.

- ما هي العوائق التي تواجهك خلال العمل؟

أولا، نوعية الأقمشة الموجودة في لبنان محدودة، لأن غالبية المتاجر تميل لبيع المواد المتعلقة بالملابس الراقية (haute couture)، مثل الشيفون والـ"mousseline"، والماس الصناعي (Strass).

ثانيا، تصاميمي بسيطة للغاية، وبعض الناس لم يعتادوا بعد على هذا الأسلوب غير المعقّد، بل يفضلون القطع الخاصة بالأعراس، وتلك التي تحتوي على لمسة من الـ"strass". لذلك أحاول تغيير هذا الواقع، وبالنسبة لي ولزبائني، نجد بعض الصعوبة أحيانا، في ايجاد المتاجر التي تبيع التصاميم البسيطة، والتي لا تشبه السوق، لذلك أتمسك بهذه الفكرة، ولا أعتبرها بمثابة عائق، بل على العكس. وبالتالي فإن العائق الوحيد هو أننا بحاجة الى المزيد من الوقت لكي يعتاد الناس على فكرة البساطة في الملابس.

- هل تشكل المنافسة الكبيرة في مجال صناعة الأزياء صعوبة بالنسبة لك؟

هناك ما يسمّى اليوم بالمنافسة الشرسة، وبالتالي لا يمكن الاعتبار أن الانسان موجود وحده في المحيط الذي يعيش فيه؛ فالمنافسة موجودة، وهذا الأمر طبيعي.

وحاليا في لبنان، لدينا بعض المصممين المتخصصين، الذين يقدمون مثلا التصاميم المتعلقة بالشاطئ، أو القبعات، أو الأحذية،... وهذا الأمر جميل وصحي، ويدفع السوق الى التحرك بشكل أكبر، والى التحول نحو الديناميكية، لأن كل شخص يقدم أسلوبه الخاص.

- ما هي برأيك الصفات التي ساعدتك على التقدم والنجاح؟

لقد بقيت متمكسة بحلمي منذ أن كنت صغيرة، انما لا أندم على تخصصي الجامعي،  لأنني لا زلت أستفيد منه الى حد اليوم.

لكنني وصلت الى مكان ما، شعرت أن العمل المصرفي ليس لي، وبالتالي قررت التوقف والتضحية بكل الضمانات التي كنت أتمتع بها في هذه الوظيفة، والانطلاق مجددا من الصفر.

وفي الوقت ذاته، أشعر دوما أنني أريد إيصال الأمور المميزة الى الناس؛ ففي مجال التصميم، لا نجد البساطة التي أقدمها، لذلك أتمتع بنوع من المثابرة والإصرار على هذه الفكرة.

- هل تمكنت من تحقيق التوازن بين الحياة الخاصة والعمل؟

أنا أعطي حاليا المحاضرات في الجامعة، وأدير علامتي التجارية، وأهتم بعائلتي وابني البالغ من العمر سنتين. ومن المؤكد أن التوازن هو أمر صعب للغاية، لكنني أحاول قدر الامكان أن أحصر التعليم في يومين بالأسبوع، واستغلال باقي الأيام للتصميم. كما أحاول إنهاء الأمور كافة في فترة معين، لكي أتمكن بعدها من تمضية باقي الوقت مع عائلتي وابني.

- كيف تقيمين وضع المرأة اللبنانية من ناحية الحقوق ودورها في المجتمع وفي سوق العمل؟

لا شك في أننا وصلنا حاليا الى مكان يمكن اعتباره متقدما الى حد ما، فالمرأة باتت تعمل، وتترشح الى الانتخابات، وتنتخب، وتقود السيارة،... وبالتالي لا نواجه المشاكل الموجودة في بلدان أخرى.

انما هناك العديد من الأمور التي لم تتحقق بعد، مثل عدم قدرة المرأة اللبنانية على اعطاء جنسيتها لأولادها؛ وهذا الواقع مستفز للغاية، ويعتبر المرأة مجرد رقم!

وبالاضافة الى ذلك، نالت المرأة حقوقها في التمثيل والانتخاب، لكن نسبة مشاركتها لا تزال خجولة.

- ما هي النصيحة التي تقدمينها الى المرأة استنادا الى تجربتك المهنية الخاصة؟

يجب أن تعمل المرأة في المجال الذي تحبه وتشعر بالشغف تجاهه، فعندما تسجن نفسها في قطاع لا يستهويها، ستواجه المشاكل في المستقبل؛ فاذا لم تكن سعيدة في عملها ستتأثر عائلتها أيضا، وستنقل الذبذبات السلبية الى منزلها.

وفي الوقت ذاته، أنصح المرأة أن تعمل قدر الإمكان على تنسيق وقتها، لكي لا تضحي بعائلتها مقابل عملها والعكس صحيح!

ففي النهاية الحياة هي قرار، وكل شخص سوف يختار ما يناسبه، ويناسب أسلوب حياته...