تتحضر ​السياحة​ اللبنانية الى الانتعاش مجددا، اذ حُكي عن عودة قوية للسائح الخليجي بالاضافة الى قدوم عدد كبير من المغتربين بسبب الانفراجات السياسية والأجواء الايجابية السائدة بعد ملء الشغور الرئاسي وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، فكشفت مصادر مطلعة أن نسبة حجوزات في قطاع تأجير السيارات والحجوزات في الفنادق قد بلغت حوالي 90% على حد سواء، خلال هذه الفترة، وسط ارتفاع كبير في الإقبال، وذلك على الرغم من تراجع متوسط مدة الإقامة المتزامنة مع ليلة رأس السنة للسياح الخليجيين إلى 7 أيام. كما وصلت نسبة الحجوزات في المطاعم الى 100% اعتبارا من يوم الخميس 22 كانون الأول 2016، ولمدة عشرة أيام.

وتعتبر فترة عيدي الميلاد المجيد ورأس السنة بمثابة التجربة الأولى لإعادة التفاؤل إلى القطاع السياحي بعد تحسن العلاقات الخليجية - اللبنانية وتراجع وتيرة التوتر. وبالتالي سوف يزور لبنان نحو 150 ألف سائح حتى نهاية العام 2016. في حين توقعت مصادر أخرى أن يأتي حوالي 200 ألف زائر إضافي من الدول العربية والخليج خلال العام 2017، أما في حال استمرار اقفال الطريق البري، فسيخسر لبنان عددا كبيرا من زواره الاردنيين والعراقيين والايرانيين وغيرهم، الذي يفوق عددهم الـ500 ألف زائرا.

فما هي أجواء السياحة خلال هذه الفترة من العام؟ هل عاد السائح الخليجي؟ هل نشطت حركة هذا القطاع الحيوي الذي من شأنه النهوض بالنمو الاقتصادي؟ وما هي التوقعات للمرحلة المقبلة؟

أجاب على هذه الأسئلة نقيب أصحاب المؤسسات السياحية ​جان بيروتي​ في حديث خاص مع "الاقتصاد"، وقال "خلال فترة ما قبل العيد، تراوحت نسبة الحجوزات ما بين 50% و60%، لكنها ستسجل بين 80% و90% خلال العيد. انما الفرق أن الحجوزات هذا العام كانت لفترة أطول بالمقارنة مع العام الماضي، ففي 2015 ترواحت النسبة أيضا ما بين 80% و90% خلال فترة العيد، انما لم تكن مدة الإقامة طويلة مثل هذا العام. من جهة أخرى وصلت نسبة الحجوزات في قطاع تأجير السيارات الى 80% في فترة الاعياد".

ورجح أسباب هذا الأمر الى الارتياح السياسي الحاصل في البلد، والذي يعتبر أمرا  غير مسبوقا، فاللبناني بات يعيش اليوم حالة جديدة، وينعم بالأمن ويتحلى بالأمل. هذه المرحلة الحديثة في تاريخ لبنان، تتميز بالرخاء السياسي الذي سيرافق الرخاء الأمني الذي نعيشه منذ مدة، الأمر الذي سوف ينعكس بشكل ملحوظ وسريع على الإقتصاد المحلي، وعلى قطاع السياحة.

وأوضح بيروتي أن السائح الخليجي عاد الى لبنان بشكل افتراضي، انما عودته الواسعة بحاجة الى المزيد من الوقت، لكننا نسير بالطبع نحو الاتجاه الصحيح؛ اذ أن لقاء فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع السفراء العرب، وإنفتاحه على الدول العربية، أدى الى ترسيخ الأجواء الإيجابية، وعزز الثقة لدى السياح العرب والأجانب، ولدى المغتربين، والمستثمرين الراغبين في القدوم إلى لبنان.

وأضاف "إن 80% من القادمين الى لبنان خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة هم من المغتربين، ونحن متفائلون بما ينتظرنا في المستقبل، لأننا في طريقنا اليوم نحو فترة من الاستقرار السياسي، وبالتالي نأمل أن تكون النتيجة ايجابية. فالعديد من اللبنانيين قرروا تمضية عطلة العيد في لبنان خاصة من الدول العربية".

كما أشار الى أن عدد السياح الخليجيين قد يصل الى 2000 أو 3000 سائح خلال كانون الأول 2016 ، وهذا الرقم سيكون ممتازا في حال تمكنا من ملامسته، لأن الخليجي كان شبه غائب خلال أعياد العام الماضي. أما بالنسبة الى الأرقام التي تم تداولها في الفترة الأخيرة عن أن عدد القادمين الى لبنان سوف يصل الى 700 ألف شخص خلال فترة الأعياد، فلا بد من التأكيد أن هذه الأرقام مضخمة، ومبالغ فيها، وبعيدة كل البعد عن الواقع، خاصة أن لبنان غير قادر على استيعاب هذه الأعداد الكبيرة، وقدرته السياحية خلال هذه الفترة بالتحديد، لا تتعدى عتبة الـ150 ألف شخص كحد أقصى، وهذا الأمر سيرفع فعليا نسبة الاشغال الفندقي ما بين 70% و80% في بيروت، فيما ستصل النسبة الى حوالي 50% خارج بيروت.

وأكد بيروتي على أن العام الحالي يعتبر مقبولا على الصعيد السياحي، اذ أن نسبة القادمين سوف ترتفع بنسبة 5% تقريبا، بالمقارنة مع العام الماضي، وستكون الايرادات المالية من السياحة مماثلة أيضا، وقد تترواح ما بين 3.5 و4 مليار دولار. موضحا أن وضع القطاع السياحي اليوم هو أفضل بكثير من ما كان عليه في العام 2015، مما يجعلنا نأمل بالحصول على موسم سياحي على قدر طموحاتنا، كما نعقد آمالاً واسعة على موسم التزلج خلال عطلة العيد؛ فافتتاح موسم التزلج في موسم الأعياد يعطي دفعة قوية للسياحة، خاصة وأن الحجوزات سوف تتجه حتما نحو إنعاش القطاع السياحي في الجبال.

كما قال "لا شك في أن تأليف الحكومة قبل عيدي الميلاد ورأس السنة، ترك ارتياحاً كبيرا في البلاد، وأدى الى إطالة أيام العطلة بالنسبة الى السياح والمغتربين".

وفي النهاية طالب بيروتي الحكومة الجديدة بالانطلاق بعملها، من أجل وضع لبنان على خريطة المصالحة العربية، وذلك لكي يتمكن من استعادة أسواق كان قد خسرها في الماضي، وعلى رأسها السوق الخليجي.