جاء إعلان تشكيل أول حكومة في عهد الرئيس الجديد ميشال عون أمس، ليشكل دعماً ودعفاً إضافياً للأجواء الإيجابية الموجودة في البلاد منذ حل ازمة الفراغ الرئاسي .. فإنجاز الإستحقاق الثاني بعد الإستحقاق الرئاسي أثبت أن هناك نيّة جدية لدى الأطراف السياسيين في لبنان لإعادة البلاد إلى السكة الصحيحة، وتفعيل عمل المؤسسات من جديد في محاولة للخروج من الجمود الحاصل منذ سنوات وعلى جميع الاصعدة بسبب الأزمة السياسية الداخلية، والأزمات والحروب الإقليمية الدائرة في المنطقة.

وعلى الرغم من ان عمر الحكومة الحالية سيكون قصيرا وستقتصر مهمتها على إنجاز قانون إنتخابي جديد والتحضير للإنتخابات النيابية المقبلة .. إلا اننا شهدنا على وصول أسماء جديدة إلى وزارات إقتصادية مهمة، ولعل أبرزها وزارة الإقتصاد والتجارة التي أسندت إلى رئيس مجلس إدارة "سيدروس إنفست بنك" رائد خوري الحاصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد وماجستير في النقود والبنوك من الجامعة الأميركية،  ووزارة الصحة التي أسندت أيضا إلى الخبير الاقتصادي ورئيس "Cedar Institute"  للشؤون الاقتصادية والاجتماعية غسان حاصباني ... كما تم إستحداث وزارات مهمة لعل أبرزها وزارة شؤون النازحين، واخرى لمكافحة الفساد.

فما المطلوب من الحكومة الجديدة اليوم خاصة ان عمرها لن يتجاوز السبعة أشهر؟ وكم سيعزز تشكيلها الأجواء الإيجابية في البلاد؟ ماذا عن موسم الأعياد؟ وكيف ستكون الأوضاع الإقتصادية في العام المقبل؟ .. أسئلة كثيرة أجاب عنها الخبير الإقتصادي د. لويس حبيقة في هذه المقابلة مع "الإقتصاد".

- بداية، كم سيعزز تشكيل الحكومة الجديدة الأجواء الإيجابية الموجودة في البلاد؟ وما رأيك بالوجوه الجديدة خاصة في الوزارات الإقتصادية ؟؟

أعتقد ان الأهمية الأن لا تكمن بالأسماء والوجوه الجديدة، بقدر ما تكمن بإنجاز هذا الإستحقاق المهم .. فتشكيل الحكومة بعد إنتخاب الرئيس عون سيعطي دفعة مهمة جدا للأسواق وللإستثمارات، لأنها توجّه رسالة للمجتمع الدولي ككل بأن لبنان مازال قائماً، وهو دولة طبيعية قادرة على الإستمرار والنهوض، وتطبيق الدستور والقوانين.

أما فيما يتعلق بالأشخاص والوجوه ونوعية الوزراء الذين تم إختيارهم .. فهذا برأيي ليس له أهمية كبيرة في الوقت الراهن، خاصة أننا في لبنان مازلنا بعيدين جدا عن إنتقاء الشخص المناسب في المكان المناسب. وما يثبت ذلك هو المحاصصة العلنية التي حصلت خلال المشاورات التي جرت في الفترة الماضية.

- ما المطلوب اليوم من الحكومة الجديدة خاصة ان عمرها لن يكون طويلا ؟

الإستحقاق الاهم بالنسبة للحكومة الجديدة هو إنجاز قانون إنتخابي جديد، وإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها .. وبإعتقادي هناك صعوبة كبيرة لإنجاز قانون إنتخابي جديد، خاصة ان هناك إختلافات كبيرة في الأراء، ولكن إجراء الإنتخابات النيابية بموعدها - ولو على قانون الستين - سيكون أفضل من عدم إجرائها او تأخيرها.

وكما ذكرنا سابقا فإنه على الحكومة العمل اكثر على إيصال رسالة للعالم أجمع بأن لبنان مازال بلداً طبيعياً، ومحاولة إستقطاب الناس للسياحة والإستثمار ولو بالحد الادنى .. وبإعتقادي كلّما كان العمل أكثر من الكلام والتصاريح، كلما زادت إنتاجية الحكومة، وعلى البيان الوزاري أن يكون مختصرا، وأن يُطمئن اللبنانيين والعالم أيضا بأن لبنان بدأ يعود للسكة الصحيحة.

- ماذا عن موسم الأعياد ؟

تشكيل الحكومة في هذا الوقت كان مهم جدا لأنه سيعطي دفعاً كبيراً للحركة في موسم الأعياد، وسيريح الناس نفسيا ومعنوياً.

ولا شك بأننا سنشهد موسم أعياد مميز هذا العام، وقدوم أعداد كبيرة من المغتربين وحتى السياح أيضا .. ولكن لو تم إنجاز هذا الإستحقاق قبل أسبوعين من الأن لكانت النتائج أفضل بالطبع.

- هل يكفي حلحلة الأمور السياسية برأيك ليعود الإقتصاد إلى سابق عهده ؟ أم نحن بحاجة فعلية لإستراتيجية إقتصادية متكاملة ؟

لا شك ان وضع خطة وإستراتيجية إقتصادية متكاملة هو أمر مهم جدا، ولكن الحكومة الحالية لن تستطيع إنجاز هذا الامر خاصة ان هناك إستحقاقات كبيرة تنتظرها في وقت قصير.

ولكن بعد إجراء الإنتخابات النيابية، علينا العمل أولا على تشكيل حكومة أفضل برسالتها ونوعيتها، وان نحاول إيصال الشخص المناسب إلى المركز والمكان المناسب .. وبعد ذلك يمكننا العمل على وضع خطة عمل وإستراتيجية متكاملة لعام 2030 كما فعلت المملكة العربية السعودية.

ونتمنى اليوم ان تأخذ الحكومة الثقة بسرعة، وان يبدأ العمل بدون تأخير لأن الوقت مهم جدا وتضييعه لن يكون في صالحنا.

- ما هي توقعاتك للعام المقبل؟

لأول مرة منذ 10 سنوات تقريبا أنا متفائل .. وهذا التفاؤل ليس فقط لأننا انجزنا الإستحقاق الرئاسي والحكومي، بل لأن هناك أجواء جديدة في البلد توحي بأن اللبناني تعلّم من الدرس، وعرف بأن الطريق الذي كنّا نسير به هو طريق خاطىء وخطير.

لذلك لا شك بأن 2017 سيكون أفضل من العام الحالي على جميع الأصعدة، ونتمنى ان يكون العام القادم إنطلاقة نحو نهضة إقتصادية جديدة.