مع اقتراب حلول عيدي الميلاد ورأس السنة، أضيئت الشوارع بالأضواء والزينة الملونة واللامعة، ولبست الساحات أبهى حللها.

أجواء البهجة والاحتفال تعمّ المناطق كافة، والمهرجانات والشجرات والمغارات تستقطب عددا كبيرا من الزوار وخاصة خلال عطلات نهاية الأسبوع. فالطرقات تعجّ بالسيارات، والأسواق الشعبية والمراكز التجارية تغصّ بالناس، والتجار يتنافسون على تقديم أفضل الخدمات والأسعار، لأنهم يعولون على هذا الموسم لكسر الركود وتحريك عجلة الأسواق، ولتعويض بعض الخسائر التي تكبدونها على مدى مواسم عدة أتت مخيبة للآمال.

فمع بدء العد التنازلي لحلول ليلة عيد الميلاد، تشهد الأسواق اللبنانية كافة، زحمة بشرية، كما تمتلئ الطرقات بكمّ هائل من السيارات. فهل سيتكرر مشهد العام الماضي، وستكون "الحركة بلا بركة"؟ وهل أن زينة العيد تجذب الناس لمجرد التقاط الصور؟ وكيف ستكون حركة المبيعات خلال هذا العام، خاصة وأن الأجواء الايجابية لا تزال تأتي بثمارها؟

هذه الأسئلة وغيرها أجاب عليها نائب رئيس جمعية تجار بيروت جهاد التنير في هذه المقابلة الخاصة مع "الاقتصاد":

- كيف تقيم حركة الأسواق اللبنانية اليوم مع الاقتراب من عيدي الميلاد ورأس الميلاد؟

لا شك في أن التحسن موجود وبنسبة جيدة، وذلك بسبب الاطمئنان الذي حلّ في نفوس اللبنانيين، بعد ملء الشغور الرئاسي وانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية.

لكن الحركة خجولة الى حد ما لغاية اليوم، ولم تأتِ كما توقعنا في ظل هذه الأجواء الايجابية القائمة. وبالتالي نأمل أن يتحسن هذا الوضع أكثر، مع وصول عدد من المغتربين اللبنانيين الذين من المتوقع قدومهم قريبا. اذ لدينا الآلاف من المغتربين الذي سوف يقصدون لبنان من أجل تمضية فترة الأعياد.

ولا بد من الاشارة الى أن قدوم المغترب اللبناني سيؤدي الى زيادة نسبة المبيعات؛ في حين أن موضوع الاستهلاك مهم للغاية، لأنه يمثل العامل الأساسي في تحريك عجلة الأسواق.

- هل من المتوقع عودة السائح العربي والخليجي الى لبنان خلال هذه العطلة القادمة؟

السائح الخليجي والعرب يأتي الى لبنان في الوقت الحاضر، ومن المتوقع أن تزيد نسبة السياح الخليجيين خلال الأيام المقبلة، وخاصة خلال أيام العطلة. وذلك بعد عودة الاطمئنان الى حد ما، ورجوع الثقة التي أبدتها الدول العربية بلبنان بعد انتخاب فخامة الرئيس ميشال عون، وقدوم الوفود الرسمية العربية.

فحركة الحجوزات في الفنادق والرحلات الجوية، بلغت نسبة كبيرة ولا بأس بها، وبحسب بعض المصادر الموثوقة، من المتوقع وصول حوالي 300 أو 400 ألف شخص الى مطار بيروت الدولي خلال فترة الأعياد، هذا العدد أكبر بكثير من السنة الماضية. ولا بد من القول أن عام 2015 كان كارثيا وليس فقط خلال فترة الأعياد.

- هل أن حركة كانون الأول 2016 كانت أفضل السنوات الثلاث الماضية؟

سنة 2013 كانت جيدة، لكن الوضع كان كارثيا في 2014 و2015. انما الأرقام الرسمية والدقيقة لعام 2016، لا تزال غير موجودة بسبب عدم انتهاء السنة، لكننا نأمل أن نشهد تحسنا بنسبة ستصل الى حوالي 50%، فالأجواء ايجابية للغاية، وبحسب حركة الحجوزات والتقارير الواردة، نجد تفاؤلا واسعا في الأفق.

- ما هي الخطوات التي ستتخذونها في جمعية تجار بيروت من أجل تنشيط حركة الأسواق؟

كجمعية تجار بيروت لا نقوم بنشاطات بشكل مباشر، بل نطّلع على النشاطات التي تبادر بها لجان الأسواق بشكل عام، مثل جمعية تجار بدارو، وجمعية تجار الحمرا، والجميزة، والأشرفية، وغيرها... كما أن هناك مساهمات رصدتها بلدية بيروت لزينة الأعياد.

وبالتالي فإن جمعية تجار بيروت تؤيد هذا الموضوع، وتشجع كل مبادرة تقام من أجل تنشيط عجلة الأسواق.

- بم تطالبون الدولة اللبنانية اليوم كجمعية تجار بيروت؟

طلباتنا كثيرة جدا، منها ما يتعلق بتصنيف الضرائب، وإعادة النظر في التشريعات الضريبية، بالاضافة الى تشديد المراقبة على المرافق، وقمع التهريب.

- الى أي مدى سوف تستفيد الأسواق اللبنانية في حال تم تشكيل الحكومة قبل حلول الأعياد؟

تشكيل الحكومة قبل الأعياد سيبعث بجو واسع من التفاؤل، لكننا لن نحصل على النتيجة على الفور، لأنها بحاجة الى بعض الوقت لكي تظهر.

لكن السوق سينتعش حتما، وستتحسن الحركة، وستكون بداية العام 2017 ايجابية ومتفائلة.

اذ أن الأعمال في الشركات تحسنت بشكل ملحوظ منذ انتخاب رئيس الجمهورية والى حد اليوم، وتراوحت نسبة الزيادة ما بين 10% و20%، في حين أن موسم صيف 2016 كان كارثيا، وذلك لأسباب عدة، منها عدم الاستقرار السياسي، والفراغ الرئاسي، وأزمة النفايات، وغيرها من الأمور التي وعدت الدولة بحلّها، و نكست بوعدها.

ولا بد من القول أن حوالي 10 آلاف محل تجاري في بيروت فقط، أقفل أبوابه في 2015 و2016، وهذا الرقم ضخم جدا. وبالتالي فإن بعض التجار لم يتمكنوا من تحمل الأزمة والحركة المعدومة.

لذلك تجدر الاشارة أنه اذا توقفنا عند انتخاب رئيس للجمهورية فقط، ولم نبادر الى المزيد من التحسينات والتبدلات في السياسة الداخلية، فمن المؤكد أننا سنشهد على المزيد من الاقفالات في المستقبل، لأن الصدمة الايجابية لها مهلة محددة، وتعطي نوعا من الاطمئنان المؤقت للناس، وبالتالي ليست بلا حدود.