مع بداية العد العكسي لنهاية العام 2016، اصبح بالامكان إجراء تقييم للاوضاع الاقتصادية ومنها القطاع العقاري الذي استطاع في مرحلة الاعوام الممتدة من  2007الى 2011 تحقيق قفزة نوعية في الاسعار رافقها ارتفاع في الطلب والعرض بمساعدة جريئة من قبل مصرف لبنان  الذي قدم رزمة حوافز مشجعة لاعطاء القروض السكنية عن طريق المصارف اللبنانية .

في قراءة سريعة لوضع السوق بعين المراقبين هناك جمود مخيم وحالة ترّقب ، وما من احد يستطيع توّقع متى ستعود الحركة مجدداً او حتى عما اذا كانت الفورة العقارية التي عرفها لبنان من قبل ستعود الى ذروتها او ذهبت الى غير رجعة .

بين ماهو متفاءل وماهو متشاءم   ومن هو موضوعي،  يمكن الاستناد الى  بعض المعطيات التي تلحظ تسجيل  القطاع العقاري في الفصول الثلاثة الاولى من العام الحالي منحى ايجابيا مع ارتفاع المؤشرات على مستوى العرض والطلب . ووفق تقرير بنك عودة الفصلي شهد القطاع ازدياداً في الطلب ، اذ ارتفع عدد عمليات البيع العقارية بنسبة 1،2 %على اساس سنوي ليصل الى 45،848عمليةفي الاشهر التسعة الاولى من العام. كما ازداد عدد الصفقات العقارية بنسبة 1،9%. الا انه في مقابل ذلك ، سجل الطلب الخارجي اتجاهاً معاكساً، حيث انخفض عدد المبيعات العقارية للاجانب بنسبة 25،5% ليقتصر على 766عملية بيع.

بالنسبة لنقيب الوسطاء والإستشاريين العقاريينمسعد فارس لم يتغير كثيرا حال السوقمقارنة بالعام 2015 ، بل شهد قليلاً من التباطؤ.و بيروت تأثرت أكثر من غيرها من المناطق بحال التباطؤ القائم.

ويقول فارس " للاقتصاد" : في المناطق الشعبية والمطلوبة والتي أسعار الشقق فيها ما دون ال 500 ألف دولار أميركي، لم تتدن  الاسعار ،نظرا لارتفاع الطلب.. أما في بيروت الادارية، فقد شهدت الأسعار بعض المرونة ولا يمكننا التعميم وتحديد نسبة 20 و 25%، فهذا الأمر يعود الى كل مطوّر وقراره بتحديد نسبة معينّة للحسومات التي ينوي تقديمها.

وحول مسألة التفاوت بين العرض والطلب يوضح فارس انه ما من جواب اجمالي على هذا الموضوع. الا ان الشقق التي هي ما دون ال 500 ألف دولار،  لا يوجد عليها عرض واسع، فهي مطلوبة وتُباع. أما بالنسبة للشقق  التي اسعارها بين ال 500 ألف والمليونين دولار، فأنالمطور لاحظ التراجع  في الطلب وهو يعمل على حل هذا الموضوع ويخفّض  من كميتها.اما الشقق الكبيرة فهي التي تشكو منالعرض الواسع. و هذا القسم هو الوحيد الذي يواجه مشكلة وسوف يكون هناك حلحلة مع حلحلة الامور السياسة في لبنان والمنطقة.

ويعتبرفارس ان الكل بدأ يلمس تحرك السوق العقاري مع انتخاب رئيس للجمهورية بعدما كانت مفقودة سابقاً. ولكن للاسف، عاد الى الجمود مجددا بعد تعثّر  تشكيل الحكومة الجديدة. وقال : نعتقد بأن تشكيل الحكومة نعم سيكون مهم جداً لانطلاق العجلة الاقتصادية.

وعما اذا كان رفع الحظر عن مجيء الخليجيين الى لبنان من شأنه تحريك السوق يؤكدمسعد انه من مصلحة القطاع استعادة ثقة الخليجيين. فعلاقة لبنان مع جيرانه ومع دول الخليج مهمة جداً، ومن الضروري أن تبقى هذه العلاقة جيدة، ليس فقط لشراء شقة أو أرض أو منزل، بل يجب أن لا ننسى أبداً كم من لبناني يستفيد  بصورة مباشرةً او غير مباشرةً من دول الخليج.

البيع والشراء الخليجي

وعن المعلومات حول قيام  بعض الخليجيين ببيع عقاراتهم في لبنان يقول: مقولة بيع الخليجيين لعقاراتهم أنا  لست مقتنع بها.  ولا أراها  منتشرة بكمية تجعل منها ظاهرة معينة.فالخليجيون عادة يقومون باعمال بيع وشراء . وتلك العمليات هي عادية جداً وليست غريبة او جديدة على السوق العقاري اللبناني.فمن اقدم على عملية البيع انما  يعتبر بيروت متل اي بلد استثمر فيه، يبيع ويشتري.اما من هم متعلقون بلبنان كبلدهم الأم، فلا يفكرون ابدا بالبيع. وهم لم يبيعوا أي من أملاكهم هنا. وفي الحقيقة ،ليست الامور السياسية هي التي تحثّهّم على الشراء او البيع.

الا انه مقابل هذا التردد الخليجي في السوق هل ان الاقبال من قبل اللبنانيين يبقى الدعامة الاساسية له ؟

يقول فارس: نعم القطاع العقاري اللبناني يعتمد على اللبنانيين. كما القطاع الصحي هو الذي يعتمد على أهل البلد من مقيمين ومغتربين ومهاجرين. في لبنان متل كل الدول الصغيرة ندرة الاراضي هي الحافز الاساسي لأن لبنان صغير. هذا القطاع مثل أي سلعة أخرى. ندرة الأراضي تجعل العقار عزيزاً وله قيمة.  وهو ملاذ آمن . ونحن نجد افراداًيوظفون اموالهم في القطاع  العقاري  بدلاً من ادخارها  في المصارف. هذا لان  العقار في أسوأ حالاته يبقى محافظاً على قيمته.

وبالنسبة للتحركات التي تقوم بها نقابة الوسطاء والإستشاريين العقارييناليوم من اجل تحريك وتثبيت مستوى الاسعارفي ظل حالة الركود السائدة، يشير فارس الى  انه لسوء الحظ في لبنان لا يوجد هيئة ناظمة لسياسة اسكانية أو سياسة تطوير عقاري وتنمية مناطق. من هذا المنطلق ليس بمقدورنا كنقابة وسطاء ومستشارين عقاريين REAL أو كجمعية مطوري العقارREDAL  أن ننجز تحركات كبيرة لتثبيت مستوى الأسعار. ويضيف : اننا على نطاق النقابة والجمعية وبين الأعضاء الزملاء نحاول أن يكون بيننا تفاهم.ونسعى الى  خلق سياسة أسعار وجودة بناء موحّدة. انشالله قريباً ، نتمكن من التوصل لخلق تحالف بين جميع النقابات والجمعيات التي تمثّل العاملين في القطاع العقاري من مهندسين، مقاولين، مطوّرين، طوبوغراف، وسطاء ومستشارين، تجار بناء... الأمر الذي سيسمح بأن يكون لدينا مجال أكبر في التواصل مع الجهات الرسمية والتفاهم معها.كما نسعى الى التخطيط لأن القطاع العقاري هو ثروة مهمة للبنان ويمثل 25% من الناتج القومي المحلي.

اما بعد ، فوفق المعطيات  المجمعة ،  بات واضحا ان حاجة اللبنانيين المقيمين اسهمت نوعا ما في تحريك السوق العقاري رغم محدودية الاراضي . الا ان  الاسعار عرفت استقرارا في بعض المناطق  وبعض التراجع  في مناطق أخرى. وبالاضافة الى ذلك ، لم يتفلّت القطاع من التجاذبات السياسية المحلية الضاغطة التي  انعكست على الطلب  دون ان ننسى تداعيات الحرب السورية  على الاستثمارات الاجنبية المباشرة في المنطقة ولا سيما  منها لبنان.