استضافت ندوة "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقرّ الإذاعة في منطقة أدونيس، مع  المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان "النمو والإزدهار الإقتصادي: بين التفاؤل المفرط والعمل المطلوب والواجبات الوطنية" الوزير السابق للإقتصاد د. نقولا نحاس، والخبير الإقتصادي د. غازي وزني.

بداية قال الوزير السابق د. نقولا نحاس أن "الإقتصاد في لبنان لم تتغير معطياته منذ إنتهاء الحرب في العام 1990، فهو يتأثر بعوامل خارجية، وبعلاقته بمحيطه، ومن ثم يتأثر بديناميكية المسؤول الأول في الدولة .. فنظامنا لم يعد قائم على نظام أحزاب، حيث أنه لا يصل في لبنان حزب واحد إلى الحكم لديه مشروع سياسي وإقتصادي وإجتماعي متكامل، لذلك لا يمكننا التعويل أو الإتكال على تغير الحكم أو الحكومة لتحسّن الوضع الإقتصادي .. فمنذ العام 1990 وحتى اليوم أصبح الحكم عبارة عن محاصصة بين فرقاء يمثلون المذاهب، ولا يمثلون فكرا سياسيا مدروسا، يمتلك خطة سياسية وإقتصادية وإنمائية ".

وتابع "إنطلاقا من هذا المشهد الواقعي، يمكننا القول بأنه مهما تغيّرت الأشخاص أو المراكز ستبقى التوازنات الطائفية والمذهبية الموجودة داخل النظام هي من يتحكم بالمسار الإقتصادي والمسار الإجتماعي وكافة المسارات الأخرى .. فبدلا من الإختلاف على أفكار وخطط، نختلف على الحصص والمحسوبيات".

وأكمل نحّاس "لذلك فإن الحمل اليوم في معظمه هو على عاتق القطاع الخاص، فالقطاع العام ينهش من القطاع الخاص .. ولو لم نكن نمتلك لبنانيين متأصلين ومؤمنين بهذا البلد ولا تعنيهم الحياة السياسية العامة، لكنا وصلنا إلى الإنهيار التام منذ سنوات".

ولفت إلى أنه "لا شك بأن تعطيل رئاسة الجمهورية هو امر سلبي يؤثر على سير المؤسسات ويعطلها .. ولكن اليوم بعد إنتخاب الرئيس عدنا لما كنّا عليه قبل مرحلة الفراغ الرئاسي .. وبالتالي فإن المشهد مألوف ولن يتغير شيء في ظل غياب الخطط والإستراتيجيات الإقتصادية، فالحكومات منذ إنتهاء الحرب الأهلية وحتى اليوم فيها كل الناس وكل الأطياف والمذاهب، وكل وزير هو عبارة عن رئيس وزراء لا يهمه الخطط التي كانت موضوعة قبله، ولا يهمه ما يمكن أن يأتي بعده، وبالتالي لن نصل إلى نتائج إيجابية".

وإعتبر نحاس "أنه لا يجب ان نكبّر الأمور وأن نرتاح كثيرا بعد إنتخاب رئيس ويجب أن نكون واقعيين .. فلا شك اننا نعيش الأن نوع من الإستقرار وإنتظام نوعا ما بالعمل المؤسساتي وهذا أمر جيد، ولكن يجب ان نبدأ بتقديم بعض الإقتراحات على الأقل لتسهيل حركة النمو وتحريك العجلة الإقتصادية".

وفي سؤال للزميلة خداج عن إمكانية التغيير نوعا ما مع وصول شخص كالعماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة يسعى للتغيير والإصلاح قال نحاس ان "النظام الذي نعيش فيه لا يسمح، ولو كان هذا الكلام صحيحا، كنّا شهدنا تأليف سريع للحكومة، وتم وضع الخطط المطروحة على الطاولة لمناقشتها .. ولكن ما سنراه فعلا هو حكومة فيها من كل الفرقاء، وفيها تناقضات لا تحصى ولا تعد، فكيف سيتوافقون على خطّة إقتصادية ؟؟ ".

بدوره قال الخبير الإقتصادي د. غازي وزني "لا شك ان إنتخاب رئيس للجمهورية والبدء بتأليف الحكومة يحسن الوضع الإقتصادي والإجتماعي في البلد، لان ذلك يخلق جو من الثقة التي تشجع على الإستهلاك والإستثمار والسياحة نوعا ما .. لذلك فإنه من المؤكد بأن الوضع الإقتصادي في العام 2017 سيكون أفضل من الوضع الإقتصادي في 2016".

وأضاف "في 2016 كانت المؤشرات الإقتصادية بأغلبها سيئة بشكل كبير جدا .. فالنمو لن يتخطى 1.8%، وهذه النسبة تحتوي على تفاؤل كبير أيضا، فلو لم يتم إنتخاب رئيس للجمهورية إنخفضت نسب النمو إلى أقل من 1% .. اما بالنسبة للتضخم فهو تحت السيطرة عالميا، وبالتالي هو تحت السيطرة أيضا في لبنان .. ولكن غالبية المؤشرات الأخرى كما ذكرنا كانت سيئة جدا".

وتابع وزني "إذا نظرنا إلى الخطط الإقتصادية المطروحة من قبل معظم الأطراف السياسيين في لبنان، نرى تقاربا كبيرا فيما بينها، ولكن المشكلة الأساسية هي أن كل فريق عندما يصل إلى الحكم او يصبح جزء من الحكومة لا ينفذ برنامجه الإقتصادي ولا يطبقه .. والسبب هو قصر أعمار معظم الحكومات أضافة إلى تكوين هذه الحكومات والتعطيل الكبير الذي يحصل وعدم الإجتماع بشكل دوري".

ولفت إلى ان "الأزمات في المنطقة إنعكست بشكل كبير على الداخل اللبناني، والإقتصاد يعيش هذه التداعيات منذ عام 2010 تقريبا وحتى اليوم، كما يعيش تداعيات إنخفاض أسعار النفط منذ العام 2014، ويعيش ايضا الشلل الكبير في المؤسسات منذ اوائل 2015 .. وبالتالي فإن إنتخاب الرئيس أعطى نوع من الثقة بدون مبالغة وبدون توقعات كبيرة جدا، ولكن العام 2017 سيكون أفضل من 2016 بجميع الأطر".