ربيع دمج

أنّ يهرب المرء من ماضيه قد يكون أمراً سهلاً لكنه هل يضمن بأن المستقبل لن يفتح ملفاته ولو بعد ربع قرن من الهروب هو الأمر الصعب، الصدف وحدها التي تكشف ماضينا وتفتح أبوابنا مغلقة، والثمن سيدفعه أي شخص عليه دين سابق، فكيف إذا كان هذا الدين للدولة؟

بعد غيبة ناهزت الـ25 عام عادت مصممة الأزياء أمل.م إلى وطنها لبنان لزيارة أهلها والمكوث معهم فترة طويلة قبل عودتها إلى دبي، ولكن القدر كان ينتظرها في مطار بيروت الدوّلي حين سألها مفتش الأمن العام عما إذا كان عليها دعوى سابقة كون هناك إشارة على إسمها،  وعليها مراجعة أقرب مخفر لعنوان سكنها لتسوية وضعها.

وفعلاً بعد أيام فقط على وجودها في لبنان قررت أمل.م مراجعة مخفر "فرن الشباك" للإستيضاح عن فحوى المذكرة القضائية الغيابية الصادرة بحقها منذ العام 1993، لتكتشف أنها مطلوبة منذ تلك الفترة بقضية "تزوير وكالات بيع" وأن من رفع عليها هذه الدعوى هو الأمير مشعل بن عبد العزيز، وأن القضيّة لم تمت كما ظنت أمل.

المرأة التي تبلغ الـ65 من عمرها، كانت تعمل في لبنان إلى جانب مهنتها (تصميم الأزياء)  في مجال ال​عقارات​ وكان لديها زبائن من لبنان وخارجه، وبحسب إعترافتها لدى القاضية هيلانة إسكندر ( محكمة بيروت) كانت تتقاضى عمولات على عمليات البيع التي تتم.

و بحسب قائع الدعوى التي رفعها ضدها الأمير السعودي مشعل بن عبد العزيز في العام 1993، يتهمها فيها بأنها أقدمت على تزوير وكالات عقارية تعود له في مناطق لبنانية منها منطقة "اللقلوق" وبيعها للغير، وأن لهذه السيّدة شريك بسام.ط وأن الصدفة البحتة حالت دون بيع هذه العقارات حين وقعت إحدى الوكالات بيد مرافق الأمير في لبنان محمد.ب، بعد أن عرض أحد السماسرة على محمد عقار"اللقلوق" للبيع وأن هذا العقار يعود للأمير مشعل، أي رب عمله.

وبحسب ما جاء في وقائع الدعوى، فإن أمل وبعد إستلامها الوكالات المزوّرة من شخص من آل "طربيه" وكان هذا الشخص ينتحل شخصية رجل أرمني بعد سرقة هوية الأخير وتزويرها، وكانت أمل على علم بالأمر وبناءً لإتفاق مسبق بينهما كانا يعرضان العقارات بينها عقاري الأمير مشعل للبيع على عدد من الوسطاء العقاريين والراغبين بالشراء، من بين هؤلاء علي .ا، الذي عرض بدوره هذين العقارين إلى محمد.ب ما أثار إستغرابه الشديد بإعتبار أن الأمير مشعل هو كفيله في السعودية ولم يبد أي رغبة أمامه في بيع عقارته في لبنان، وبعد التدقيق بموضوع الوكالات تبيّن أنها مزوّرة وأن المتورطين وقعوا في الفخ، هنا إتصل بالأمير وأطلعه على الموضوع فقام الأخير بتوجيه كتاب إلى وزير الداخلية آنذاك طالباً منه إتخاذ الإجراءات اللازمة.

وكان دور أمل في هذه القضية هو بيع وشراء عقارات، وأن أحد الضحايا وهو حنّا.ط، تعرّف عليها بواسطة جورج.ه، وأعطاها مستندات وخرائط تعود لأملكه في جبيل كي تقوم ببيعها لصالحه، وأنها إستدانت مبلغ وقدره 7 ألف دولار أميركي لكنها لم تردّه، وحينما حاول مراراً وتكراراً التردد إلى مكان إقامتها في فندق في جونيه ( يومها لم تكن الإتصالات الهاتفية والمحمول متوفرة) لإسترجاع الدين لم يكن يجدها إلى أن علم أخيراً بأنها غادرت المكان، ومن ثم خرجت من لبنان فرفع دعوى بحقها.

قد تواجه "أمل.م" عقوبة السجن لمدة 3 سنوات في حال لم تُثبت برائتها لا سيّما أن بسام.ط متوار عن الأنظار، ومعظم الشهود الذين كانوا يشهدون على عملية بيع والشراء في تلك الفترة توفاهم الله، ولم يبق لأمل سوى شاهدين سيتم إحضارهم في 15 كانون الثاني 2017 للإستماع إلى أقوالهم داخل محكمة جنايات بيروت.